خولة علي (دبي)
نظراً لانتشار أشجار النخيل وكثرة محاصيلها في دولة الإمارات، لا تزال «صناعة التمور» من المهن المستمرة حتى اليوم، حيث يتجه الكثير من المزارعين إلى اتباع وسائل قديمة في عملية حفظها. إذ كانت التمور في السابق بمثابة الغذاء الأول، لاسيما في فصل الشتاء.
وسائل تقليدية
في موسم الحصاد، كان حفظ التمور يجري بطريقة تقليدية، فبعد أن تنضج ثمار الرطب تماماً، تتحوَّل إلى تمر، فيشمِّر المزارعون عن سواعدهم ويتعاونون للاستفادة منه بأساليب متنوعة.
ويقول محمد سعيد الشحي: إن النخلة هي رمز للعطاء والكرم، والشجرة الوحيدة التي لا يُرمى منها شيء. ويُستفاد من كل أجزائها، حيث يُستظل بسعفها، ومن جذوعها تتأسَّس أعمدة وأسقف بيوت العريش، وتُصنع من ليفها الحِبال ومن خوصها السلال، ومن تمرها الطعام ومن نواتها العلف للمواشي. وتُعتبر من أهم مقوِّمات الحياة قديماً في تلبية مختلف الاحتياجات المعيشية، بحيث عمد المزارعون إلى ابتكار وسائل تقليدية تعينهم على حفظ التمور لتناولها في الشتاء بعد انتهاء موسم الرطب. وكان عامة الناس يقدمون التمور لضيوفهم، كما كانت سفن الغوص بحثاً عن اللؤلؤ تتزوَّد بكمية كبيرة منها كزاد لطاقمها.
«العذوق»
ويشير الشحي إلى أن المرحلة الأخيرة لتطوّر ثمرة النخيل، حيث تتحوَّل إلى تمور، تظهر «العذوق» وتوزَّع على السعف لكي تتعرض لحرارة الشمس وتجف تماماً، وتصبح جاهزة لتعبيتها في «الجراب»، أو سلة الخوص. وفي هذه المرحلة، تُعزل الحبات غير الصالحة كطعام للمواشي، ثم يوزَّع الجيد منها وتُقسم إلى جزأين. الأول يُعجن ويُسمى «المدلوك»، والثاني يُحفظ ويُستفاد منه للتمور في صنع «المدبس»، بحيث توضع حبات التمر الكاملة ويُضاف إليها عسل التمر مع الزنجبيل.
الدبس
الطريقة الأخرى لعملية حفظ التمور، هي استخراج الدبس منها. ويذكر الشحي أن هذه العملية قائمة على «كنز» التمور في «الأجرب»، ثم نقلها إلى «البخار» أي المخزن، حيث تُرص فوق بعضها وتُغلق الغرفة بإحكام حتى لا يدخل إليها الهواء فتفسد عملية نزول الدبس. ويبدأ عمل المدبسة بانزلاق سائل التمر إلى «الأخاديد» في أسفل «الجراب»، حتى يصل إلى حفرة مبطنة بطين أملس لا توجد فيه تسريبات. ويأتي المزارع بشكل دوري ليستخرج الدبس ويضعه في جرار أو أوعية خاصة في الأيام الأولى من التخزين، ويتوجب تفريغها وتركها لتمتلئ ثانية، وكمية الدبس الناتجة تتناقص تدريجياً مع مرور الوقت.
تطور الثمار
عن مراحل تطوّر ثمار النخيل يشير محمد الشحي قائلاً: تبدأ عملية محصول النخل بـ «الطلع»، وهو بداية خروج «العذق» من النخلة وعادة يكون في شهر فبراير. وتُسمى المرحلة الثانية «الحبابو»، وهو تحوّل الثمر إلى نوع أخضر من الثمرة، ثم يأتي «الخلال» في شهر أبريل بعد أن تتحوَّل تدريجياً إلى ألوان مختلفة من الأحمر إلى الأصفر، ثم تصبح رطباً يجنيه الأهالي في «المزاود» ويجمعونه ليقدموه على السفرة اليومية.
تحلية
دبس التمر يمر بمراحل عدة، ويُستعمل للتحلية مع أنواع من الأطباق الشعبية الشائعة في البيوت، من بينها اللقيمات والقروص والعيش المحمَّر.