خولة علي (دبي)

تواصل الدكتورة مريم طارش المنصوري جهودها في سبيل مساعدة الآخرين والتخفيف من آلامهم وأحزانهم، من خلال عملها كطبيبة ميدانية في مؤسسة إسعاف دبي، فهي تلبي نداء الواجب بما يمليه عليها عملها الإنساني، في التدخل المباشر والعاجل، والاستجابة لكافة البلاغات التي يتم استدعاؤها فيها. رحلة يومية فيها الكثير من المشاهد المحزنة والمواقف المؤلمة التي جعلت المنصوري أكثر قوة وصمودا ورغبة في مساعدة الناس والتخفيف من وطأة الحوادث عليهم.  
وتقول د. مريم طارش المنصوري أخصائية طب طوارئ: العمل الميداني الطبي في مجال الإسعاف عمل متعب وشاق، ولكن في الجانب الآخر نجد لذة هذا العمل على وجوه الحالات التي قدمنا خدماتنا العلاجية لها، وخففنا من وقع الموقف أو الحدث عليهم، فالطبيب ليس فقط المعالج وإنما لابد أن يتمتع بمهارة شخصية عالية في كيفية التعامل مع الحالات وطمأنتها وتهدئتها من الخوف والقلق النفسي، فلا يمكن أن يتخيل الفرد حجم الضغوط النفسية التي قد تتعرض لها الحالات من جراء الحوادث. 

الانطلاق للميدان
حول بدابة رحلتها الميدانية، تشير المنصوري، إلى أنها تبدأ عملها الميداني مع أول اتصال من غرفة العمليات ومعرفة نوع الحالة المرضية حتى يتم التعامل معها بشكل صحيح، والعمل على تجهيز سيارة الإسعاف بما تحتاجها طبيعة الحالة من أدوية ومستلزمات طبية، وقد أخرج وحدي برفقة سائق سيارة الإسعاف أو مع مسعف وهذا يتوقف على عدد المصابين وصعوبة الحالة، فتقديم الرعاية اللازمة في أي مكان تتواجد فيه الحالة في المسكن أو البر أو على قارعة الطريق، فأحيانا تأخذ الحالة للمشفى إذا احتاج الأمر أو علاجه وتقديم الاستشارة الطبية له في المكان نفسه، وهذا يتوقف كما أشارت إلى درجة مرض الحالة. 

العمل في رمضان 
عن طبيعة العمل في رمضان، تقول المنصوري: في رمضان ليس هناك وقت محدد للخروج للعمل الميداني فأحيانا يأتي البلاغ فترة الإفطار، فننطلق مسرعين إلى موقع الحالة، لتقديم العلاج المناسب لها، فالخدمة الإنسانية أقوى من أن نتهاون أو نتكاسل عن تأدية واجبنا تجاه الحالات على اختلاف درجة معاناتها المرضية. فالإنسان نضعه في المقام الأول وعلى رأس أولوياتنا. 
وأضافت: أكثر حالات البلاغ تأتينا بسبب الجفاف وهبوط السكر وضربات الشمس، هذا بخلاف العمليات الكبيرة التي تتواجد فيها كالحوادث البليغة منها توقف القلب أو الجلطات والحروق البليغة.

مصاعب 
ومن الحالات التي تعجز أمامها المنصوري وتؤثر في نفسيتها بشكل كبير، هي حوادث الأطفال وتعرضهم لإصابات بليغة كالحروق وغيرها، فلا تقوى على رؤيتهم وهم يبكون من شدة الألم والخوف.
وتؤكد المنصوري ضرورة أن يتعلم الأفراد أساسيات الإسعافات الأولية، حتى يستطيعون التعامل مع الحوادث التي تقع أمامهم، إلى أن تصل سيارة الإسعاف. ومن المواقف التي مرت عليها وتثبت أهمية أن يأخذ الأفراد دورات في الإسعافات الأولية، وتقول: تعرض طفل للغرق في البحر ونظرا لإتقان خالته مهارة الإسعاف استطاعت أن تنعش الطفل، فما إن وصلنا إلى موقع الحادث حتى بدأ الطفل يستجيب ورجع له النبض والنفس بشكل طبيعي. 
وتعد المنصوري أول طبيبة إماراتية ميدانية تعمل في إسعاف دبي وتمتلك 8 سنوات من الخبرة في قسم الطوارئ في مستشفيات حكومية وخاصة، وحصلت على البورد العربي في الطب الطوارئ.  

سر النجاح
تؤكد مريم المنصوري أن دعم زوجها سبب مهم لنجاحها في الميدان وهي فخورة بعملها وبما تقدمه للناس من رعاية واهتمام، حيث تقضي 12 ساعة يوميا في العمل الميداني، متأهبة لتقديم خدمات الإسعاف، لعدد كبير من الحالات، وبالرغم من ساعات العمل الطويلة إلا أنها تعقبها إجازة لمدة أربعة أيام تعوض فيها المنصوري أسرتها وبناتها الصغار في الجلوس معهم فترة أطول، فهي تسعى إلى تحقيق التوازن بين عملها وأسرتها.