هناء الحمادي (أبوظبي) 

حياكة الشباك اليدوية أو ما يعرف بلهجة أهل البحر في دبا والساحل الشرقي بـ «الطراقة»، من المهن التقليدية الأساسية لأهل البحر، خصوصاً صيادي الأسماك بالضغوة. و«حبّاك» الليخ، خبير ماهر يتفنّن في سرعة إنجاز مهمته بكفاءة عالية، ولا سيما أنها لا تحتمل الخطأ، واضعاً في الاعتبار قوة الرياح المحتملة والتيارات البحرية وقوة الأسماك نفسها وقدرتها المعروفة على تمزيق الشباك.

شباك وقماش 
يقول يوسف العلي خبير في التراث ومتمسك بمهنة «الطرق»: عيون الشبكة ينبغي أن تكون وفق مسافات محسوبة لا تفاوت فيما بينها، لأن أي خطأ من شأنه أن يضعف الليخ كله فلا يحبس سمكاً. ويوضح أن الليخ، أداة من أدوات صيد السمك، وهو عبارة عن شبكة من خيوط النايلون أو القطن مقوّاة بحبل يؤطرها ويحدد طولها بمائة باع وعرضها بخمسين. ويذكر أن صناعة الليخ تعتمد على إنجاز الشبكة والانتهاء منها، حيث يبدأ الصانع بغزلها مستخدماً خيط النايلون، و«برية» وهي قطعة القماش التي يُشرخ طرفاها ويجوَّفان، لترك فراغ يدخل فيه الخيط تنطلق منه طلائع الشبكة ذات فتحات معينة. ويُربط الحبل بالشبكة المنجزة تدريجياً ثم يُسحب الليخ من مياه البحر للفوز بما يحمله من سمك طازج. وهذه الصناعة لها شروط ومواصفات لمن يقوم بغزلها.

15 يوماً
 ويذكر العلي أن كل صياد له اهتمامات بنوعية الشباك التي يفضلها، فيصنع الأنواع الخمسة الأكثر استخداماً بمختلف الألوان، لكن معظم الصيادين يفضلون شباك الليخ. ويضيف: كل شبكة تحتاج إلى فترة من الزمن لإنجازها، والليخ الذي يبلغ طوله 22 متراً لا تتجاوز فترة إنجازه 15 يوماً، وكذلك الأنواع الأخرى حيث تتطلب المدة نفسها. أما الفتحات التي يفضلها أكثر الصيادين فقد تصل إلى 4 سنتيمترات.
ويشير قائلاً: تبدأ صناعة الشباك ببرم 3 خيوط معاً، أي لفّها مع بعضها لتشكل خيطاً واحداً سميكاً لمقاومة ضغط تيارات المياه والأسماك المحصورة داخل الشباك. وتُستخدم مع وضع الوشيعة على الدوارة، وتسمى في الإمارات «مكسار»، وتُبرم الخيوط حول قطعة كبيرة من الخشب كالمغزل، تسمى «مبرم»، لتأخذ وضعها النهائي كخيط واحد ثم تُنقع بالماء لفترة معينة حتى تتشرب به، وتُترك بعد ذلك لتجف لتكون جاهزة لصناعة الشباك.

الخيشومية
ويشير العلي إلى أحد أنواع الليخ، ويسمى «الخيشومية»، وتعود تسمية هذه الشباك إلى الطريقة التي تُصطاد بها الأسماك، حيث تعلق من خياشيمها التي تختلف من حيث طريقة الاستعمال. أما سعة عيون هذه الشباك وسماكة الخيوط فتختلف من شبكة لأخرى وهي 3 أنواع، منها الألياخ الهائمة التي تُصنع محلياً، ذات عيون مختلفة السعة تتراوح بين أقل من بوصة الى 5 بوصات.
والألياخ الدائرية، تحوط بمجموعة الأسماك بدلاً من اعتراضها بشكل طولي كما هو الحال بالنسبة للشباك الهائمة، ويلجأ إليها الصيادون عند اصطياد بعض أنواع الأسماك سريعة الحركة. أما الألياخ القاعية الثابتة، فتنتشر ملاصقة لقاع البحر، وتثبت بعوامات، وتستخدم في المناطق ذات القاع الصخري أو المرجاني، وتكون خيوطها قوية وسميكة.

«المسو»
ويوضح العلي أن نَصب الليخ له عدة طرق، حيث يُثبت الفلين في أطرافه العليا، لكي يطفو على سطح الماء، وفي أطرافه السفلى ثقل يدعى «المسو». وقد يكون الليخ مستطيل الشكل أو دائرياً أو نصف دائري، ودائماً يختار وقت الجزر لنصب الليخ ويُترك حتى يأتي المد ويجلب معه الأسماك لتعلق في الليخ، وتعتمد هذه الطريقة على خبرة الصيادين بأحوال البحر والأماكن المناسبة لكل ليخ.

خيوط الغزل 
عيون الليخ، هي المسافات المتقاطعة بين خيوط الغزل، وتختلف حسب نوع الصيد. فالأسماك الكبيرة مثل «الخباط» يمكن صيدها من ليخ عيونه واسعة، بينما تضيق المسافة وتتقلص معها فتحات الشبكة كلما سعى الصياد خلف أسماك أصغر بالحجم.

«الروابة»
أهم المصطلحات الشهيرة في مجال حياكة الليخ، هي «الروابة»، أي عملية إصلاح المكان الذي فيه ثقب، ما يتطلب دقة مضاعفة لأن الرتق يحدث لخيوط قديمة وسهلة التمزق.