واشنطن (الاتحاد) 

قبل ستة أشهر عيّنت واشنطن بوست الأميركية فريقاً صحفياً جديداً للقيام بمهمة فريدة من نوعها. منحت إدارة الصحيفة الفريق اسماً يدل على مهمته.. «الجيل القادم». وظيفته الرئيسة هي مساعدة المؤسسة على الوصول إلى الجيل الأصغر سناً وأيضاً اكتشاف جمهور أكثر تنوعاً، وإقناعهم جميعاً بأن ما تقدمه الصحيفة الكبرى يستحق منهم الاشتراك فيها للاستمتاع بخدماتها.
تولت رئاسة الفريق الصحفية البارزة نيما روشانيا باتيل. وهي تقول: «هذا الفريق فريد من نوعه في واشنطن بوست، كما أن التحدي الذي يضطلع به، يواجه مختلف المؤسسات الإعلامية المشغولة جداً بزيادة فرص وصولها لمزيد من الأجيال الشابة وتنويع جمهورها». 
ركزت نيما جهدها لمساعدة الصحفيين في صالة تحرير واشنطن بوست على ضرورة وكيفية السعي وراء «قصص جديدة  تهم جماهير جديدة».
طلب منها الصحفيون ورؤساء الأقسام أن تعطيهم مفاتيح يمكن استخدامها للتواصل مع جيل الشباب ومجموعات مختلفة من الجمهور. ففي غمرة دورة العمل اليومي، ربما لا يتنبهون كثيراً إلى أن رصيدهم قد بدأ ينفد عند جمهورهم التقليدي، ولا يدركون بمرور الوقت أنهم يتجاهلون جمهوراً كبيراً ينتظر منهم إشارة للتواصل بفعالية. 
لتنجح المهمة وضعت نيما ما أسمته «برنامج المصادر» لمساعدة رؤساء الأقسام والصحفيين على التفكير بطريقة استراتيجية بشأن كيفية تغطية كل قصة خبرية يتم نشرها.
وتقول: هذه خطوة أساسية لاكتساب ثقة الجمهور الذي نعجز عن الوصول إليه.
وإحدى الخطوات الأولى التي قام بها الفريق هي إجراء بحث يستكشف ما يريده الشباب من المؤسسات الإعلامية. وتبين أن نقطة الأساس والانطلاق هي تنويع المصادر . يفيد في استقطاب المزيد من جمهور الشباب والاحتفاظ بولاء المتابعين واستقطاب جمهور آخر متنوع من خلفيات شتى.
وفي مقال لها بموقع «بوينتر»  تكشف نيما روشانيا: «وجدنا أن جمهور الشباب يريد أن يرى نفسه وحياته وحياة الآخرين من حوله في كل وسيلة إعلامية.. إنهم يريدون أن يروا كيف تؤثر السياسات على حياة الناس كل يوم.. يريدون أن يشعروا بأن ما يقرؤونه يمسهم شخصياً». يتسق ذلك إلى حد كبير مع نتائج دراسة نشرتها رويترز العام الماضي. كشفت الدراسة أن جيل الشباب لديه اهتمام كبير بتلك التغطيات التي تشمل مجموعات متنوعة من البشر، والتي تركز على كل ما هو إنساني وشخصي وعلى القصص الحقيقية. نعم القصص الحقيقية التي تعد نقطة قوة أو ضعف وسائل الإعلام.

  • الفريق الجديد ينصح الصحفيين بتنويع موضوعاتهم ومصادرهم على الدوام من أجل استقطاب جمهور أكبر

وأكد فريق التطوير للصحفيين العاملين في واشنطن بوست على أن «التنوع» هو كلمة السر.. إنه المفتاح الذي يجعل الإعلام أكثر مصداقية. في دراسة أجريت عام 2020 بجامعة تكساس، قال المشاركون: إن تغطية مجتمعات الأميركيين من أصل أفريقي كانت دوما من طرف واحد، وإن الأميركيين من أصل أفريقي يثقون في الصحفيين عموما لكنهم لا يثقون في الصحفيين البيض عندما يغطون قضايا الصحفيين البيض.
لذلك فإن التنوع يجعل الصحافة أفضل وأكثر تمثيلاً للمجتمعات وأكثر انتشاراً بين الجمهور. وتضيف رئيسة فريق واشنطن بوست: يعني ذلك أيضا أن الجميع سيجد نفسه ممثلا في كل قصة.. الناس من كل الأعراق والأديان والأقليات والأعمار والتجمعات الجغرافية والطبقات الاجتماعية.
ومن أجل الوصول للهدف طالبت نيما رؤساء الأقسام والمحررين بأن يطرحوا دوما على أنفسهم خمسة أسئلة قبل تغطية كل قصة.. فما هي هذه الأسئلة الخمسة؟

5 أسئلة ضرورية لتوسيع دائرة القراء.. ما هي؟
تدور الأسئلة الخمسة - حسب وصفة فريق «واشنطن بوست» - حول عناصر مهمة للغاية لكل قصة إخبارية.

السؤال الأول:
هل توجد في القصة أصوات الأشخاص الأكثر تأثراً بأحداثها؟
والأكثر أهمية، كيف يتم عرض تلك الآراء في ثنايا القصة؟ وكيف يتم تناول الآثار المترتبة على الحدث الرئيس في القصة.
فمثلاً في قصة عن ارتفاع أسعار الإيجارات، هل تم استطلاع آراء أي من أولئك الذين طردوا من منازلهم لعجزهم عن سداد الإيجارات المرتفعة، أم أن القصة كلها سوف تركز على السياسات القائمة؟

السؤال الثاني:
كيف نحدد من هم الخبراء في هذه القصة؟
لابد أن يفكر الصحفيون فيما وراء الشهادات والمؤهلات الموجودة في السيرة الذاتية لكل مصدر، خاصة أولئك الذين يمكن أن يتسرع البعض ويعتبرهم «خبراء». فالخبرة الحية أهم أحياناً من الشهادة الجامعية. وربما يجد الصحفيون أن المتاح من الأكاديميين والمراكز البحثية قليل للغاية، مما يؤثر فعلاً على مبدأ التنوع عندما نفكر في الاستعانة برأي خبير. 

السؤال الثالث: 
هل نحن نستطلع آراء طائفة متنوعة من المصادر في كل قصة، حتى لو كانت تغطية عادية لا تحتمل فكرة التنوع؟ 
حتى في هذه القصص من المهم جدا أن تكون المصادر متنوعة من أجل سماع كل الأصوات الممكنة التي تمنح كل قصة الحياة، وتضفي عليها المزيد من الحيوية.

السؤال الرابع:
هل لدينا أي تحيزات مسبقة في استخدام المصطلحات؟
من المهم أن نتأكد دوماً من أننا كصحفيين نسمع لأصوات مختلفة حتى لا نقع في فخاخ التحيزات أو التصورات المسبقة. فكثيرة هي المصطلحات التي يمكن تداولها على نطاق واسع في الفضاء العام، لكنها في الحقيقة تنطوي على تحيزات خطيرة لصالح مجموعات معينة من البشر دون غيرهم في كل مجتمع.. وهو ما يضرب في الصميم فكرة تمس جوهر التعددية والتنوع.
 
السؤال الخامس:
هل يقوم كل صحفي بمراجعة دفتر مصادره؟
يمكن أن يقوم كل صحفي بتجربة مع الدفتر الخاص بمصادره.. حيث يمكنه تصنيف كل مصدر بحسب عرقه أو طبقته الاجتماعية أو تخصصه.. ثم يراجع نفسه.. كم مرة استعان بمصادر بعينها دون غيرها في موضوعات بعينها.. ومن هم المصادر الذين تجاهلهم.. إذا قام كل صحفي بهذه التجربة مرتين كل عام... سيحدث فرق كبير فيما يتعلق بتنويع المصادر في صالات التحرير.
والنصيحة الأخيرة التي تقدمها نيما هي أن على رؤساء التحرير ومديري الأقسام رفض أي قصة خبرية لا يشعرون أمامها بارتياح فيما يتعلق بتعدد المصادر. 
وتضيف رئيسة الفريق: «نحن لدينا التزام تجاه قرائنا الذين يثقون بنا والذين نتشارك معهم قصصنا الإخبارية كل يوم، وأيضا لدينا التزام مع القراء الذين لم نتمكن من الوصول إليهم بعد لإنهم لا يثقون بنا أو لا يرون أنفسهم في موضوعاتنا».