د. شريف عرفة

كلنا سمعنا محاضراً، أو قرأنا كتاباً، ينصحنا بأن نكتب أهدافنا بشكل واضح.. لكن، كم منا فعل ذلك حقاً؟ 
يعتقد بعضهم أن الكتابة ما هي إلا إخراج الأفكار على الورق.. فإذا كانت الأفكار واضحة في أذهاننا، ظننا أن لا داعي لإخراجها على الورق.. إلا أن الأمر ليس بهذه البساطة. فعملية الكتابة تتضمن إنتاج المعني وإخراج أفكار جديدة لم تكن لتظهر من دون تدوين.. فالكتابة تختلف عن مجرد التفكير، فهي وسيلة لتحفيز عملية تفكير أكثر عمقاً ووعياً.
لذلك، وجد الباحثون أن ممارسة كتابة الأهداف والخطط، يفيد نفسياً بعدة طرق مدهشة.. منها على سبيل المثال:

النجاح في أمر آخر
طلب باحثون بجامعة روتردام من الطلاب أن يقوموا بتدريب يتضمن كتابة أهدافهم وكيفية تحقيقها، فوجدوا أن ذلك أدى لتحسن أدائهم الدراسي، حيث كانت نتائج اختباراتهم أفضل بنسبة 22% من الذين لم يمارسوا هذا التدريب! المدهش في الموضوع أن هذه النتيجة قد تحققت حتى للطلبة الذين لم تكن أهدافهم متعلقة بالدراسة أساساً! لتحديد أهدافهم في الكتابة لها فوائد غير مباشرة لأهدافهم وإنجازاتهم بشكل عام.
«نشرت هذه الدراسة مؤخراً في دورية علم النفس التربوي المعاصر، وتحمل عنوان: الكتابة عن الأهداف والخطط الشخصية بغض النظر عن نوع الهدف تعزز الأداء الأكاديمي».

الصحة النفسية
الكتابة عن أهداف الحياة مفيدة لتعزيز معنى الحياة، وهو أمر ضروري للحفاظ على التماسك النفسي في مواجهة المصاعب والمحن. هناك تجارب نفسية عديدة كشفت أن الكتابة عن صدمات الحياة، يساعد الإنسان في تجاوزها لاحقاً.. لكن مشكلة هذه التقنية هي أن تذكر الصدمة مؤلم نفسياً ويؤدي لانفعالات سلبية شديدة، ما يجعل خوض هذه التجربة أمراً غير محبب.. إلا أن دراسة للباحثة النفسية لورا كينج، وجدت أن الكتابة عن أهداف الحياة يعطي نفس الفوائد النفسية للكتابة عن الصدمات النفسية، لكن بطريقة لا تؤدي لهذه الانفعالات الشديدة.
«حسب دراسة نشرت في نشرة الشخصية وعلم النفس الاجتماعي، تحمل عنوان: الفوائد الصحية للكتابة عن أهداف الحياة».

الصحة الجسدية
يرتبط الإحساس بوجود غاية من الحياة، بتحسن الصحة البدنية، حيث يصاحبه انخفاض مستويات التوتر والإجهاد النفسي، ويقل إفراز هرمون التوتر «كورتيزول» الذي تشكل زيادته ضرراً للصحة بشكل عام. 
يمتد تأثير «أهداف الحياة» بعيداً عن الصحة النفسية، ليحسن الصحة العامة وأداء أجهزة الجسم.. لدرجة أن دراسة كشفت علاقة وضوح الأهداف، بتحسن القدرة على التعافي بعد إجراء جراحة استبدال الركبة.. حيث قلت الإعاقة الوظيفية والتيبس والقلق والاكتئاب وزادت المشاعر الإيجابية لمن يعرفون أهدافهم في الحياة. «حسب دراسة نشرت في المجلة الدولية للطب السلوكي، تحمل عنوان: دور الهدف في الحياة في التعافي من جراحة الركبة».

كيف تمارس هذا التدريب؟ 
حسب مركز جريتر جود التابع لجامعة بيركلي، فإن تدريب كتابة أهداف الحياة يمكن ممارسته بالطريقة التالية: 
1- حدد أعمق قيمك وشغفك: ما هو الأكثر أهمية بالنسبة لك؟ 
اكتب قائمة بأعظم القيم التي تتبناها، وقائمة بما تحب أن تفعله في الحياة. «إذا كان هذا غير واضح بالنسبة لك، فاكتب الصفات التي تعجبك في الآخرين، أو المهارات التي ترغب في اكتسابها، أو العادات الشخصية التي تحبها وتكرهها».

2- فكر في مستقبلك المثالي:
اكتب تصورك لشكل حياتك الاجتماعية أو مسار حياتك المهنية إذا لم تكن لديك قيود. كيف تريد أن تبدو حياتك المثالية؟ ما أنواع العلاقات الشخصية والمهنية التي تريدها؟ لمساعدتك في معرفة شغفك، يمكنك وصف يومك المثالي في العمل، أو كيف ترغب في قضاء وقتك خارج العمل «إما بعد ساعات العمل أو بعد التقاعد».

3- اكتب كيف ستحقق هذه الأهداف:
حدد أهدافك ذات الأولوية، ثم حدد العقبات التي تعترض طريق تلك الأهداف، ثم قم بوصف استراتيجيتك للتغلب على تلك العقبات، واشرح كيف ستتبع تقدمك نحو تلك الأهداف.

4- قدم التزاماً علنياً بأهدافك:
يمكنك أن تقوم بإعلان هذا التعهد لشخص مقرب يسعده أن يتابع تقدمك، كي تلزم نفسك بهذا الهدف «لو كان هذا مناسباً ومحفزاً لك».