لكبيرة التونسي (أبوظبي)

«الطب الشعبي» أو «الطب التقليدي» مهنة متأصِّلة ومتوارثة في المجتمع الإماراتي، ووظيفة إنسانية مارسها الأجداد بالخبرة والتجربة. استمدت من الطبيعة مكوِّناتها المحلية، واعتمدت على أدوات بسيطة في العلاج.
اعتُبر «الطب الشعبي» منذ القِدم من مصادر الرزق لمن يمارسه، وهو الشخص الذي كان يُطلق عليه «المطبِّب». وقد حظي بالاحترام والتقدير، وأوجد عدة صِيغ لعلاج بعض الأمراض التي كان يعاني منها أفراد المجتمع.

  • عيدة مبارك تتحدث عن دور «المطبِّب» (تصوير: عادل النعيمي)

عيدة مبارك ورثت مهنة التطبيب التقليدي عن والدها وجداتها ومارستها لأكثر من 40 عاماً. قالت: إن «الطب الشعبي» كان يحظى بتقدير كبير، وكان «المطبِّب» من النساء والرجال بمثابة الطبيب حالياً، يلجأ إليه الناس ليلاً ونهاراً في «الفرجان».
وأوضحت أن بعض المطبِّبين كانوا يتمتعون بشهرة واسعة لما عُرِف عنهم من حِنكة وقدرة على علاج الكثير من الأمراض حتى المستعصية منها. 

«الجعدة»
وذكرت الوالدة عيدة أن «الطب الشعبي» كان يُمارس في البيوت، موضحة أن الأجداد بفضل الخبرة التي اكتسبوها عن أسلافهم ومن خلال التجارب اليومية، كانوا يعملون على إعداد خلطات علاجية بإدخال مواد عشبية. وكانت تُجمع من المناطق الجبلية والصحراوية، وكان «المطبِّب» يعالج أمراض الحمى والسعال والمغص وانتفاخ البطن والإمساك والعقم وآلام الرأس والمفاصل والعظام والركب والظهر و«عرق النسا»، إضافة إلى تجبير الكسور. وأكدت أنها عالجت آلاف المرضى، حيث تكونت لديها دراية عميقة بكيفية المعالجة باستخدام الأعشاب المحلية مثل «الجعدة» والزعتر والنباتات التي كانت تُستخدم قديماً في التداوي.

«الوسم»
وأوضحت الوالدة عيدة مبارك أن «الطب الشعبي» اعتمد أيضاً على أساليب تقليدية ما زالت تُستخدم في وقتنا الحالي لعلاج «أبو جنيب» و«عرق النسا» والأعصاب والشد العضلي. ولفتت إلى أن «المطبِّبين» أتقنوا علاجاتهم بفعل الخبرة والممارسة، أمراض «أبو صفار» وورم الطحال وآلام الكبد، وآلام الفقرات وبعض أمراض الأطفال.

خبرة
وذكرت الطبيبة الشعبية عيدة مبارك أن «المطبِّب» كانت له دراية بتفاصيل الجسم، ويحاول إيجاد الحلول بوصف الأعشاب للعلاج، والضغط على فقرات الظهر لعلاج السعال، أو أسفل القدم لعلاج أمراض أخرى. وأشارت إلى أن الخبرة يكتسبها الشخص بفعل الممارسة والاحتكاك والاستفادة ممن سبقوه في المهنة، ولا سيما أن «الطب الشعبي» أنقذ حياة كثيرين، كالنساء الحوامل المستعصية ولاداتهن. 

«الجبّيرة»
من الأساليب الشعبية في العلاج والتداوي جَبر الكسور، وكانت «الجبّيرة» تقوم بدور أساسي بالاعتماد على النباتات المحلية وطحنها وخلطها بالماء والملح لتثبيت حركة العضو المكسور ومساعدة العظام على الالتئام. وذكرت عيدة أنها تعمل على إعداد خلطات علاجية طبيعية من منزلها، وتقدم الاستشارات اللازمة في علاج الكثير من الأمراض، فضلاً عن مشاركتها في العديد من الفعاليات المحلية التي تستعرض منتجاتها في الطب الشعبي. وتعرف بهذا الموروث ونقل خبرتها للأجيال الحالية، حرصاً منها على استدامة هذه المهنة وحفظها من الاندثار.

أعشاب 
تضم البيئة الإماراتية أصنافاً من النباتات البرية المحلية التي اعتاد عليها أهل المنطقة منذ القِدم، وكانت مصدراً للغذاء والدواء.

فوائد
شكَّلت النباتات كنزاً من الفوائد المتعددة، وكانت أساساً للعلاجات الطبية في مختلف الحضارات، وما زال التداوي بالأعشاب أو «طب الأعشاب» يُمارس على نطاق واسع حتى اليوم.