أبوظبي (الاتحاد) قصص الرفاهية وترف الضيافة التي لطالما اشتهرت بها إمارة موناكو، لا تقتصر على موقعها المتكئ على الكوت دازور من جهة، والجبال المخضوضرة من جهة أخرى، وإنما يدخل في تفاصيل الإبهار المعماري في مبانيها التراثية الآسرة. وأقدمها فندق دو باريس مونتي كارلو، الذي يسعى إلى إثراء تاريخه العريق بحكاية جديدة يخطّ فصولها من موقعه الاستثنائي في القلب النابض لإمارة موناكو. حيث خضعت المساحات المحيطة ببلاس دو كازينو إلى عمليات تجديد رسمت خطوطها الملامح العصرية لهذه المنطقة التي تحتضن الفندق في صميمها. ويهدف هذا التحول الجذري لتعزيز الشعور بحلم فرنسوا بلان، المتمثّل في تقديم فندق استثنائي يتخطى كل المقاييس واستمرار الحكاية الأسطورية لتدوم فصولهاعلى مدى القرن 21.
تم بناء فندق دو باريس مونتي كارلو عام 1864 على أرض جرداء كانت تُسّمى بلاتو دي سبيلوج في زمن كانت فيه مونتي كارلو في طور الولادة. وبفضل الدعم الكبير الذي منحه كل من الأمير شارل الثالث وشركة سوسيتيه دي بان دو مير إيه دو سيركلديزيتارنجيه أو كما يُطلق عليها سوسيتيه دي بان دو مير في مونتي كارلو، غامر الملياردير فرنسوا بلان وقرر أن يغّير بالكامل شكل هذه المنطقة في المدينة التي كانت مجّرد مساحة مليئة بأشجار الزيتون والليمون إلى ملاذ راقٍ للتجارب الفاخرة. ومن هنا، بدأت القصة الأسطورية لمونتي كارلو وفندق دو باريس مونتي كارلو. وقام بلان الطموح ببناء فندق صمِّم على طراز جراند هوتيل في ميدان كابوشين الباريسي، ليقدم من خلاله لعشاق أوروبا وجهة متميزة يمكنهم من خلالها استكشاف الملامح الجديدة للإمارة. وهرعت في ذلك الوقت النخبة من كبار الشخصيات حول العالم للإقامة في هذا الصرح الاستثنائي، والذي استضاف الملوك والأمراء والحكام ورؤساء الدول والوزراء والبارزين في مجالات الصناعة والعلوم والفنون. وكان دو باريس مونتي كارلو من أوائل من أرسى معايير الضيافة الفاخرة وأسس لمفهوم المنتجع. وعلى مدار السنين، خضعت هذه الوجهة المتفرِّدة لعمليات تحسين وتطوير في مناسبات عديدة لتلبية متطلبات عملائها الدوليين. وفي عام 1909، جُدِّد الفندق بالكامل عندما توّجهت إمارة مونتي كارلو لاعتماد النسق المعماري البديع من الحقبة الجميلة بيل إيبوك.
ومنذ تجديده، دخلت السياحة الراقية نحو توثيق تاريخ استثنائي، وتزيَّن سجلها بأعداد لا تحصى من الشخصيات المؤثرة والفنانين والمشاهير حول العالم، انطلاقاً من ألبيرت إدوارد، أمير ويلز الذي أصبح فيما بعد ملك بريطانيا إدوارد السابع، الكاتب ألكسندر دوما، الموسيقي جاك أوفنباخ، ووينستون تشرتشل، وصولاً إلى فريق عمل الفيلم السينمائي جولدن آي التابع لسلسلة أفلام جيمس بوند، عندما أقاموا في الفندق خلال التصوير. ويدخل في القائمة طيف واسع من الفنانين ونجوم المسرح والشاشة أمثال سارة برنار، تشارلي شابلن، ماريا كالاس وسلفادور دالي. كما احتفل الممثل إيرول فلين بحفل زفافه في مطعم سالومبير التابع للفندق. وخلال خمسينيات القرن الماضي، حضر عدد كبير جداً من الحشود من كافة أنحاء العالم لزيارة الزوج الأميري رينيه الثالث وزوجته جريس كيلي، حيث أصبح فندق دو باريس مونتي كارلو بعد وقت قصير الوجهة المفضلة لأميرة موناكو. ولا يزال فندق دو باريس مونتي كارلو محط إعجاب ضيوفه من شتى أنحاء المعمورة، ويشهد في تفاصيله على نشوء نمط حياة فريد تتماهى فيه عراقة التقاليد ومفردات العصر الحديث بكل تناغم وانسجام. وتشهد مونتي كارلو عمليات طموحة لإعادة رسم ملامحها في القرن 21 لبداية فصل جديد في حياتها، حيث ركَّزت المرحلة الأولى من عمليات التجديد في الفندق على الناحية المعمارية الفاخرة التي يتمتع بها، مع اكتساء الواجهة زياً يحاكي الروح الإبداعية لحقبة بيل إيبوك من عام 1909. وتحافظ اللمسات المعاصرة للمعماريين ريتشارد مارتيني وجبرييل فيوار، اللذين وضعا نفسيهما في خدمة المبنى، على الإحساس والطابع المميز الذي يتفرد به الفندق ولا يخبو ألقه مع الزمن. وبات مدخل الفندق مزداناً بالشرفة الضخمة إلى جانب المصعد الجديد، الذي استُخِدم في بنائه درابزين عتيق مزخرف كان موجوداً في المصعد السابق للردهة، في خطوة لإضافة تفاصيل من الحداثة على المكان وإعادة إحياء الملامح التاريخية التي تجسد الجوهر الحقيقي للفندق.