لكبيرة التونسي (أبوظبي)

تتمتع بالعديد من المواهب، ولكن يبقى فن الكروشيه الأقرب إلى قلبها، وراء كل لوحة من لوحاتها قصة وحكاية.. نور ظافر، شابة إماراتية موهوبة، تتقن الكثير من الأشغال اليدوية، لكن تحتل خيوط القطن والحرير والألوان مكانة بارزة في حياتها، تنسج من الخيوط لوحات فنية، يتعدى عملها أن يكون مجرد أدوات وديكورات تزيّن بيتها، وإنما تحوّل كل ما تراه عينها من الأدوات المهملة إلى لوحات فنية إبداعية. 

شغفها بفن الكروشيه جعلها تتجاوز أصعب اللحظات في حياتها، وتتحول إلى صانعة للسعادة حينما تنغمس في الألوان والخيوط وتقضي أجمل الأوقات، مما ساعدها على نسج حياة جديدة مملوءة بالسعادة والفرح، بدايتها كانت بالمصادفة، عندما تلقت أختها هدية مصنوعة بفن الكروشيه، حاولت طلب الهدية نفسها، إلا أن أختها نصحتها بصنعها بنفسها، لاسيما أنها تمتلك أرضية قوية في الأشغال اليدوية، بدأت بالبحث في الشبكة العنكبوتية، وأنجزت بعض ديكورات أطقم الشاي، لاقت استحسان كل من رآها، ولكن كانت في بداية الطريق، ولا تمتلك الثقة في النفس، وفيما تقوم به، إلـى أن شاركت في أحد المعارض، حيث قدمت فيه خمسة أطقم شاي مزينة بفن الكروشيه، وكانت المفاجأة وبيعت منتجاتها منذ اللحظات الأولى من انطلاق المعرض الذي كان على ينعقد على مدى 5 أيام، ولم يتبق من عملها إلا ألبوم صور، على جهاز الأيباد، قدمتها كمُشاركة في المعرض وروجت لما تقوم به، الإقبال الكبير على أعمالها، وتلقي طلبات جديدة جعلها فخورة بهذا العمل وزاد بحثها عن الجديد، توسعت، ونظراً لعدم وفرة مواد العمل من الخيوط والألوان أصبحت تطلبها من بعض الدول.

طاقة إيجابية
تعشق ظافر ما تقوم به إلى حد كبير، مؤكدة أن الأعمال اليدوية، وخاصة فن الكروشيه، أخذها إلى عوالم حالمة أخرى، وأبعدها عن مشاكل الحياة والفراغ، موضحة أن شغفها الكبير بهذه الأعمال صاغت حياتها من جديد، منحها السعادة والفرح، وأن العمل بالألوان المبهجة يزيدها فرحاً وإيجابية، لافتة إلى أنها تبتعد عن العمل بالألوان الداكنة، إلا إذا كانت مضطرة، أو حسب طلب بعض الزبائن، مشيرة إلى أنها تستمتع إلى حد كبير وهي تعمل على القطع ذات الألوان الزاهية الجميل، وقد تستغرق 10 ساعات في العمل إلى أن تنهيه دون أن تشعر بالملل أو الرتابة.

عالم جميل
وتنغمس ظافر في العمل الذي يضفي على حياتها معنى ساعات طوال، تبتعد على كل ما ينغص حياتها، تبدأ العمل منذ الصباح الباكر، ولا تنام إلا وقد نسجت العديد من القطع، لا تشعر بالوحدة أو الملل، كما تشارك في المعارض التي تعرفت منها على مختلف الجنسيات، وكونت من خلالها عدة صداقات، مؤكدة أن الأشغال اليدوية تجعل كل شخص يعيش في عالم ممتلئ بالبهجة، ناهيك عما يحقق لصاحبه من مدخول ويحسن معيشته ويزيد من تقديره لذاته، موضحة أنها أصبحت مدمنة على عملها الذي يجمع بين الفن والمهارة، موضحة أنها تعيش حاضراً مليئاً بالإبداع، مؤكدة أن عالم فن الكروشيه، لا حدود له، يختلف من دولة لدولة، لافتة إلى أنها دائمة البحث عن الجديد، سواء من خلال الشبكة العنكبوتية، أو من عندما تسافر إلى مختلف البدان، حيث ترافقها أدوات عملها التي لا تتخلى عنها أينما حلت وارتحلت. 

دعم خاص
ما يراه الناس مهملاً، ويتم التخلص منه تجمعه نور، وتعيد صياغته ضمن أسلوب إبداعي لتجعل منه لوحة فنية، تبحث في كل مكان وفي كل اتجاه عن أفكار جديدة وغير مسبوقة، تضفي على الموجود والمتعارف عليه، لتخلق لنفسها عالماً خاصاً بها، وإبداعات متفردة من توقيعها الخاص، وتعود بداية نور ظافر مع الفنون اليدوية، منذ كانت طالبة في المدرسة الابتدائية، برز نجمها منذ كانت طفلة وأول من يبادر لتزيين الصف، أو المشاركة في الورش الفنية، ومع مرور الوقت بدأت هوايتها تتبلور، وباتت الخيوط أجمل ما تصنع منه لوحاتها، حولت هذه الهواية إلى حرفة، حيث تلقت الدعم الكامل من الاتحاد النسائي العام، وباتت تشارك في جميع المعارض ضمن الأسر المنتجة، ما أتاح لها توطيد علاقاتها مع مختلف الصانعات والمبدعات، وتشكيل جسر تواصل بينها وبينهن.

إيجابية
الفنون اليدوية، وخاصة فن نسج الخيوط عالم تلجأ إليه نور ظافر في جميع أوقاتها ليغمرها بالسعادة، مؤكدة أن الأعمال اليدوية كانت ومازالت عالماً تلوذ إليها عندما تكون حزينة أو سعيدة، فيه تفرغ طاقتها، ومنه تنشر البهجة والسعادة، ومن غير أن تدري تعكس مشاعرها في كل لوحة من لوحاتها، فتأتي الألوان صاخبة مبهجة جميلة، أو تميل إلى الألوان الهادئة، مشيرة أن هذا الفن جعلها تكتشف نفسها وتحررها من الطاقة السلبية ويملأ شغفها ووقتها، وتحارب شعورها بالملل والضجر، وفتح لها آفاقا غير محدودة، فهي كل يوم تتعلم شيئا جديدا وكل يوم حكاية وقصة.

وأضافت: فن الكروشيه يعد من أجمل الفنون اليدوية، وهو عبارة عن حياكة أو لف الخيط بالإبر الصغيرة التي لها شكل معقوف تعرف باسم الصنارة، ويدخل الكروشيه في صناعة الملابس، والمفارش، والديكورات المنزلية، والأغطية، ويستخدم خيوط الصوف أو الحرير أو القطن، موضحة أن استخدامات الكروشيه عديدة منها كإنتاج العديد من القطع المنزلية لتزيين المنزل من الداخل كالبطانيات الشتوية، ومفارش الطاولات، والسجاد والحقائب النسائية اليدوية، حافظات الهاتف الخلوي حياكة الملابس لمختلف الأحجام. 

إبداع الخيوط
أكدت نور ظافر أنها طالما أعجبت بالصور واللوحات التي تبرز الأمهات والجدات وهن يحكن بعض الملابس الصوفية أو القطنية،  ويستمعن للراديو أو يشاهدن التلفاز، ومع مرور الوقت وجدت نفسها في حب هذا الفن، موضحة أنها بدأت بصنع ملابس الأطفال حديثي الولادة، من أغطية وأفرشة وشنط ومهد، لاقت منتجاتها استحسان الناس، ومع مرور الوقت باتت تحول هواياتها إلى لوحات فنية، وبدأت تنسج من الخيوط غطاء للصواني والدلال والكؤوس والفناجين لتحوّلها إلى لوحات فنية، ثم باتت تنسج من الخيوط لوحات فنية تزيّن الجدران.

تاريخ الكروشيه 
أصبح الكروشيه في القرن التاسع العشر للميلادي من أهم الصناعات المنزلية في كافة دول العالم، وخاصة في مدن شمال فرنسا وآيرلندا، وذلك من أجل دعم المجتمعات المتضررة بالحروب وعجز المحاصيل الزراعية، وجعله وسيلة لكسب الرزق؛ إذ كانت النساء، بالإضافة إلى الأطفال يمكثون في البيت، ويقومون بعمل قطع الكروشيه، كالملابس والبطانيات من عمودها، وتستعمل في إدخال لون آخر إلى قطعة الكروشيه المصنوعة.