هناء الحمادي (أبوظبي)

ماهر فرحان، مفتش صحي أول، أحد الشباب الإماراتيين الذين لا يتوانون عن تقديم جهده في سبيل خدمة الوطن، من خلال عمله في مجال التفتيش على المنشآت الصحية التابعة لهيئة الصحة في دبي، وتخصصه في مجال الصحة العامة، للتأكد عبر التدقيق والرقابة على المنشآت من خلال الزيارات الدورية لضمان المحافظة على الجودة، وتقديم أفضل خدمات للمجتمع. 

تواصل أسري 
وإلى جانب عمله وحرصه على التميز، يحرص ماهر فرحان على التواجد في «البيت العود»، وقضاء بعض الأوقات مع الأسرة، خلال ليالي الشهر الفضيل، حيث يشعر بالسعادة والرضا، ويتبادل مع الأهل بعض حديث الذكريات، وقال عن ذلك: عادة أصيلة تكسر حواجز الانشغال الكثيرة خلال العام وتصفي النفوس، وفرصة سانحة للعائلة، لتكون جلسة تربوية، إذ إن الظروف الحياتية تعيق تجمع العائلات في كثير من الأوقات، ومن هنا تأتي أهمية «بيت الجد أو العائلة الذي يطلق عليه محلياً «البيت العود» نسبة إلى اجتماع العائلة في بيت واحد وتحت سقف واحد بوجود عميد العائلة الأكبر سناً، حيث تتقارب فيه القلوب وتتصافى فيه النفوس وتقوى فيه الصلة بين الأرحام، ويعد البيت العود حضانة للصغير، ومدرسة للكبير، يتلقى فيه الحضور أصول علم المجتمع، ومن دون أن يشعروا بذلك، محطة رائدة لتأصيل القيم في المجتمع، والتغلب على إفرازات حال المدن، ورغم أن الانعزالية اخترقت بعض تلك البيوت بسبب عوامل التقدم والتطور، إلا أن شهر رمضان الفضيل، جاء ليقوي تلك الحضانة والمدرسة، ويعزز التقارب المجتمعي بيت الأسر لما فيه من عادات أصيلة مرتبطة بالدين الإسلامي كصلة الرحم وبر الوالدين بالتواصل الحي والمباشر، وإن كان التطور قد خلق فرصاً للتواصل أكثر سهولة.

  • المسؤولية الملقاة على كاهله تتطلب الجد والإتقان

خلية نحل 
وعن طبيعة تواصله مع الأهل يذكر أن العمل في شهر رمضان لا يختلف كثيراً، فالمسؤولية الملقاة على كاهله تتطلب الجد والإتقان، فطبيعة عمله تتطلب الكثير من الحركة والمتابعة المستمرة خاصة في مجال تفتيش المنشآت الصحية التابعة لهيئة الصحة في دبي، بالإضافة إلى الدقة والتركيز والإشراف ومتابعة سير العمل، ورغم مشقة الصيام فإن ذلك لا يمنع من مواصلة العمل بكل يسر وسهولة، فالعمل أيضا عبادة، لذلك في شهر الخير لا يتوقف العمل بل يتضاعف من أجل سلامة الجميع، والتأكد من أن كل الأمور تمشي على ما يرام، وهذا لا يمنع من التفتيش والتدقيق المستمر في المنشآت الصحية، بل لابد من مواصلة العمل، حتى لو تطلب الأمر لساعات متأخرة من اليوم، مضيفاً: خلال العمل في شهر رمضان يكون الجميع على أهبة الاستعداد ونكون مع بقية الزملاء «خلية نحل»، نعمل بجد ونشاط ونحن صيام، للإنجاز بدقة مع الحرص على العمل بروح الفريق المتمثلة في وجود كل فرد يحفز الآخر ويسانده في كل وقت، في إطار التعاون الذي يثمر نتيجة إيجابية تصب في مصلحة العمل في شهر رمضان.

جدول رمضان
جدول ماهر فرحان يتضمن الحرص على التعبد وقراءة القرآن الكريم، ويقول عن ذلك «شهر رمضان فرصة لمضاعفة الأجر، لذلك لابد من استثمار هذه الأيام في قراءة آيات من القرآن الكريم، والتعبد من خلال صلاة التراويح، خاصة مع اختلاف الوضع هذا العام، عن السنوات السابقة بسبب الجائحة، من حيث ارتياد المساجد والصلاة فيها، ولا ننسى صلة الأرحام والتواصل، والاطمئنان على كبار السن، فذلك من أفضل أنواع التواصل مع الأرحام والأهل. 

تجربة استثنائية 
يسترجع ماهر فرحان شريط ذكرياته مع بداية الإعلان عن أزمة كورونا بالجائحة التي عصفت بالعالم أجمع، وقال عن ذلك «لا يخفى على الجميع ما مر به العالم خلال هذه الجائحة، حيث كانت فترة صعبة على الجميع، وكنا ضمن فريق إدارة الحالات والمنسقين لنقل المرضى، سواء من المنزل إلى منشآت العزل الصحي، أو إلى المستشفيات، حسب حالة كل مريض، مؤكداً أن الأمر لم يكن هيناً أبداً، ويحتاج إلى الكثير من الحرص والالتزام بالإجراءات الاحترازية، خاصة مع بداية شهر رمضان المبارك، فالتجربة كانت صعبة واستثنائية، فقد كان عمله يقتضي التواجد بشكل يومي بعد الإفطار مباشرة ويستمر حتى ساعات متأخرة، مع كثرة الضغوط والكثير من المواقف الحرجة، التي تتطلب سرعة التدخل واتخاذ القرار الصحيح، وكان كثيراً ما يتناول السحور أثناء فترة العمل ويبدأ صيام يومه التالي.

  • اهتمام المؤتمرات ببرامج الجودة الصحية

تلاحم
لفت إلى أنه من أهم المكاسب التي أفرزتها المواقف الصعبة التي شهدتها الفترة الماضية.. «التلاحم الحقيقي» على الرغم من التباعد الجسدي، فالتلاحم الروحي والمعنوي كان يشكل الداعمين الرئيسين للجميع لتجاوز هذه المحنة، ومن أبرز الدروس المستفادة «التوليفة الجميلة» التي برزت من خلال تكاتف الجهود بين توجيهات القيادة الرشيدة وأبطال خط الدفاع الأول وأفراد المجتمع من مواطنين ومقيمين على أرض دولة الإمارات، وذلك من خلال الحرص على كافة التدابير الوقائية والاحترازية لتحقيق ضمان عدم انتشار الفيروس، والحفاظ على المجتمع وصحته، وتحقيق الأمن الصحي، وضمان سلامة المجتمع.

«رد الجميل»
قال ماهر فرحان: مهما عملنا، ومهما قلنا لن نوفي الوطن حقه، لذلك لابد أن نكون مخلصين في العطاء، فرد الجميل لن يتعدى بعض الكلمات التي تتلخص في الإخلاص والوفاء والتضحية والنزاهة، فنحن ليس لدينا غير هذا الوطن، فلنخلص له في كل يوم وفي كل ساعة وفي كل دقيقة في مكاتبنا وفي بيوتنا، وفي قلوبنا.