خولة علي (دبي)
اعتاد الأهالي قديماً على استخدام وسائل نقل تقليدية في أسفارهم وترحالهم من الساحل إلى الداخل والعكس، ونظراً لطبيعية الصحراوية مترامية الأطراف، كانوا يمتطون الإبل والحمير في التنقل بين المناطق الداخلية. وتسهيلاً لعملية الركوب ونقل البضائع على ظهور هذه الحيوانات، قام الحرفيون بابتكار «الشداد»، لتكون مهمة التنقل أكثر سهولة، وهي عبارة عن قطعة مخصصة للجلوس توضع على ظهرِ الإبل العاري.
عقد الحبال
يتحدث الوالد عبدالله علي راشد الظهوري، عن صناعة «الشداد» التي تعلمها من والده وهو في الـ 12 من عمره، ولا يزال يمارسها لينقلها إلى الجيل الحالي.
ويقول: لهذه الحرفة قيمتها وأهميتها، إذ تعكس قدرة أهل المنطقة قديماً على تطويع خامات البيئة المحلية في صناعة منتجات تلبي احتياجاتهم. وهذا ما نلمسه ونحن نتابع عن كثب مهارت الوالد وهو ينسج الحبال ويعقدها، متحدثاً عن تفاصيل هذه الحرفة التي يسترجع بها ذكرياته في بيئة كانت قائمة على البساطة. ويذكر أن المناطق ارتبطت قديماً ببعضها، عن طريق القوافل التجارية التي تمر عبر الصحاري والوديان والسواحل وتنقل الناس والبضائع، حيث كانت الإبل تُستخدم كوسيلة نقل، الأمر الذي حتم ابتكار «الشداد» حتى يسهل عليهم ركوب الإبل والسير بها لمسافات طويلة ونقل البضائع.
أنواع
ويعرِّف الظهوري «الشداد» بأنها عبارة عن قطعة مقوَّسة الشكل توضع على ظهر الجمل من الأمام والخلف وتتوسطها وسادة تسهل عملية الجلوس. ونظراً لحاجة الأفراد قديماً لـ «الشداد»، عملوا على نسج الحبال من ليف النخيل. ويذكر أن «الشداد» نوعان، منها ما يُستخدم للركوب حيث يُثبت ويُربط بأحكام بالإبل للجلوس. وهي مصمَّمة بطريقة يستطيع الراكب أن يتمسك بطرفها من جهة الأمام بمسكة مخصصة لليد حتى لا يقع عند نهوض الناقة. والنوع الثاني هو «شداد» الرفاع المخصص للأحمال والبضائع، ويتميز بطول ذراعيه على جانبي المطية حتى يتسنى لصاحب المطية استخدام جانبي «الشداد» لحمل الأمتعة أو الحطب.
عتاد الإبل
ومن عتاد الإبل الملحقة بقطعة «الشداد»، يوضح عبدالله الظهوري أنه يتفرع منها قطع أخرى لتتشبث بقوة، وتوضع على طرفي «السنام» المصنوع من ليف النخيل، وعليه «البطان»، وهو قماش مثل الحزام يلف بطن المطية. وقطعة «الزوار»، قماش كالحزام يلف صدر المطية، و«الحسرة» توضع على «سنام» المطية من جهة الأمام ومحشوة بليف النخل. و«المحوي»، المكان الذي يجلس عليه الراكب من الخلف، أما «المحقبة» فيخرج منها حبل طويل يُلف على ظهر المطية من الجوانب. وقطعة «الخرى» عبارة عن كيس
قوافل النقل
«الشداد» كان يشتريها أصحاب الإبل قديماً، وممن يملكون قوافل نقل البضائع، وهي قطعة مهمة جداً، ولا يمكن التنقل على ظهر الإبل من دونها. ومع دخول وسائل النقل الحديثة، قل استخدام وسائل النقل التقليدية، إلا أن «الشداد» لا تزال تُستخدم في بعض الأماكن التي يصعب أن تصلها السيارات، كالصحاري والوديان.
اقتناء
مع تعبيد الطرق، أصبح ظهور الإبل فقط في السباقات، وفقدت صناعة «الشداد» الكثير من بريقها. ومع دخول المستورد، لا يزال البعض يحرصون على اقتنائها، إذ تجد لها حضوراً في الفعاليات والمهرجانات التراثية.