خولة علي (دبي)

انتشرت حرفة صناعة الدمى بين ثقافات وشعوب العالم، واحتلت حيزاً كبيراً في الموروث الإماراتي لتشكل جزءاً من يوميات الأوّلين. ولقد اعتاد الأهالي قديماً على صناعة الدمى بخامات على قلوب الأطفال، وشغل أوقاتهم بها وتعلم حرفتها.
مع دخول صناعات متطورة من الدمى، انحسرت الحرفة اليدوية، ويبقى منها الرونق لجمالها وقيمتها وارتباطها بالماضي وثقافته. 

بهجة الأطفال
عادة ما تكون هذه الألعاب نتاج ثقافة وتراث الشعوب، من حيث مظهرها، إذ تثار من حولها الحكايات المنسوجة من خيال الأطفال وطريقة قراءتهم للعلاقات الاجتماعية السائدة من حولهم. 
وتتحدث موزة بن سيفان عن تفاصيل عالم الدمى وصناعته وقيمته وعلاقته بالموروث المحلي، وتشير إلى أنه لا يمكن وصف بهجة الأطفال بالألعاب، التي يجدون فيها عالمهم وينطلقون بها لنسج القصص والروايات.
فالألعاب وسيلة يعبر من خلالها الطفل عما يخالجه من مشاعر وأحاسيس، كما لا يمكن أن ننسى فرحتنا ونحن نراقب أمهاتنا وهن يجمعن بعض الخامات من البيئة المحلية، ومن ملابس يقمن بإعادة تدويرها لصناعة دمى بسيطة في مظهرها، ولكنها كانت ذات قيمة وأهمية لنا في الصغر. 

مادة تعليمية 
وتلفت موزة  قائلة: كنا نساعد الأمهات في صناعة الدمى وحياكة الملابس لها، فهي ليست مجرد قطعة نلهو بها، بل أيضاً استطعنا أن نتعلم من خلالها حياكة الملابس. وكانت بمثابة مادة تعليمية تعلم البنات السنع والعادات وتقاليد المجتمع الذي تربين في كنفه، كشكل الملابس ومسمياتها، والاحتشام، والفكرة أو الحبكة القصصية التي تُنسج مع الدمى وتعزِّز بعض القيم والمبادئ عبر ممارستها مع الألعاب. 
والجميل هو تجمع  البنات في فناء البيوت بعد العصر، يتباهين بمظهر ألعابهن وينشغلن بالدمى، وقبل موعد أذان المغرب يرجعن إلى بيوتهن وقد حملن في جعبتهن ذكرى يوم جميل ينتظرن تكراره في اليوم التالي. 

قطعة قماش
عن طرق صناعة الدمى تذكر موزة بن سيفان أنه عادة ما تشكّل الدمى بقص قطعة قماش على  شكل الجسم وتُحشى بالقطن وتُلف منطقة الرأس وتُربط بإحكام عند الرقبة بخيط قطني رفيع، ثم تُستكمل الأجزاء الأخرى وتُحاك لها الملابس. كما تُرسم لها ملامح الوجه بالكحل الأسود ويشكَّل الشَعر من قطعة قماش سوداء  تُلف بطريقة معينة وتُصنع منها ظفيرة تثبَّت على رأس الدمية.

صون الموروث
وتتابع موزة حديثها قائلة: على الرغم من اندثار هذه الحرفة التي زاولتها الأمهات قديماً لتدخل البهجة على قلوب صغارها، إلا أن المؤسسات الحرفية تحاول جاهدة أن تصون هذا الموروث وتعرّف الأجيال به. ويكون ذلك من خلال تمثيله في المهرجانات والفعاليات التراثية. 

ذكريات
يظهر الأطفال أثناء حضور المهرجانات التراثية شغفهم في تعلم صناعة الدمى، ويسترجع الكبار ذكرياتهم وهم صغار يلهون بها حيث يستعيدون مشاهد من حياتهم بصحبة أمهاتهم وجداتهم.

سرد القصص
تؤكد موزة بن سفيان أن الأطفال كانوا يمضون يومهم بين قراءة القرآن واللعب، وكانت الدمى تؤنس البنات وتشغل جزءاً من وقتهن بما يعزز خيالهن على سرد القصص.