أبوظبي (الاتحاد)

بطريقة أو بأخرى، لا يستطيع الإعلام الغربي تجاهل رمضان. هو عندهم ضيف موسمي يمكن استثماره. طبعاً ليس بالطريقة نفسها في الصحافة العربية، لكنه مناسبة تستغلها بعض الصحف الغربية، لتسليط الضوء على عادات وتقاليد المسلمين.. للنفاذ بعض الشيء إلى جوهر الإسلام، وانعكاساته على واقع المجتمعات الإسلامية. 
لم يكن هناك كل هذا الاهتمام قبل هجمات 11 سبتمبر.. لكن منذ اندلعت شرارة الصراع الدامي، من ركام برج التجارة العالمي، لحظة انهياره، صار المسلمون والإسلام – بكل تجلياته - حاضرين بقوة في الميديا الغربية، وموضوعاً للبحث والدراسة والتمحيص، بموضوعية أو من غيرها.

وكيف لها أن تفوت مناسبة، يجدها المراسلون الأجانب في الدول العربية والإسلامية مثيرة للاهتمام إلى أقصى حد.. أنها باب كبير إلى قصص وصور ومقاطع فيديو مثيرة عن ملايين البشر الذين يتناولون الطعام في توقيت واحد بعد انقطاع طويل، وصلوات التراويح والعادات والتقاليد الغريبة والملابس والألوان الزاهية والنساء والأطفال والباعة في الأسواق والطرقات وأصوات الأذان وساحات المساجد وقبابها ومآذنها.. إنه الشرق الملهم، يسحر أعين الغرب، ويستدعي إلى ذاكرته لمحات من الزمن القديم.. وهكذا رمضان هو موسم القصص الجديدة المختلفة التي يقدمها الإعلام الغربي عنا لجمهور صار شغوفاً بأن يعرف أكثر عن الوجه الحقيقي للمسلمين بعيداً عن داعش وجرائمها. وفي الحقيقة، يظهر المسلمون في معظم الإعلام الغربي، بصورة رائعة لا يمكن مقارنتها أبداً بالتغطيات المتحيزة عند وقوع أعمال إرهابية هنا أو هناك. تقدم الصحف ومحطات التلفزيون ووكالات الأنباء المسلمين، كمجتمعات إنسانية يسودها الود والتفاهم وحب الخير والالتزام الأخلاقي تجاه الآخرين. 
 بالطبع لن تجد في الجارديان أو النيويورك تايمز أو الديلي ميل، أو لوس أنجلوس تايمز.. قسماً خاصاً بالفتاوى الرمضانية أو ما شابه مما اعتادت عليه الصحافة العربية في مواسمها الرمضانية. لكن ستكون هناك محاولة لسبر أغوار رمضان عبر قصص ومقالات وتحقيقات، تلقي الضوء على بعض التجليات.

شهر الصيام في صحف كبرى: صلاة .. طعام .. محبة
في نيويورك تايمز مثلاً، كتبت الصحيفة تقريراً عن مسجد في آنكوراج بأقصى شمال الولايات المتحدة، حيث يتشارك المسلمون فيه الإفطار معاً خلال أيام رمضان. تحدثت الصحيفة في التقرير عن كيفية احتفاء المسلمين هناك بالشهر الفضيل، بتعليق الزينات في كل مكان، والموائد العامرة التي يحضرها المئات. تقول الصحيفة عنهم إنهم بالأساس لاجئون ومهاجرون من عشرات الدول الإسلامية بينهم طبعاً أميركيون مسلمون، كلهم يتشاركون في «اعتناق الإسلام وحب الطعام». كما يقول الكاتب.
كذلك تنشر نيويورك تايمز في قسم الطعام .. تحقيقاً عن ألذ 15 وصفة لصنع أطباق مميزة من أجل رمضان على الإفطار والسحور. وتقول إن الوصفات مستمدة من مطابخ الدول الإسلامية عبر العالم.

أما صحيفة الجارديان فتنشر مقالاً في صفحة الرأي للكاتبة نادين أسبالي، وهي معلمة مسلمة بمدرسة ثانوية في لندن، تتحدث فيه عن كيف يوحد رمضان بين المسلمين، نساء ورجالاً، أطفالاً وشباباً وكباراً، فقراء وأغنياء.. الكل يلتزم بقوانين الصيام .. الامتناع عن الطعام، أداء الصلوات في المساجد ، التقرب إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة.. تتحدث الكاتبة أيضاً عن أول رمضان يمارس المسلمون طقوسه «حضورياً» بعد عامين من التباعد بسبب الجائحة التي اختطفت أحباء وأصدقاء وجيران.. تشير كذلك إلى أن رمضان 2022 يأتي في ظل ارتفاع كبير في الأسعار يجتاح العالم كله، لكنها تؤكد أن رمضان ليس كما يتخيل بعضهم، شهر الطعام.. بل إنه «شهر حرمان الجسد لإطعام الروح».

أما صحيفة لوس أنجلوس تايمز، فقد توسعت بدرجة أكبر في تغطية عدة موضوعات تتعلق بالشهر الفضيل،  فعلى على موقعها الإلكتروني خصصت الصحيفة قسماً خاصاً لكل ما تنشره عن رمضان. وقالت إنها على مدار الشهر سوف تقدم للقراء موضوعات تركز على كيفية الاستعداد للصيام والالتزام بآدابه وأي المسلسلات والبرامج جدير بالمشاهدة.. وكيف يمكن التغلب على الإحساس بالجوع؟. ونشرت الصحيفة توقيتات الصلوات الخمس خلال الشهر الفضيل بحسب توقيت كاليفورنيا. نشرت الصحيفة أيضاً تقريراً عن أفضل 7 مسلسلات عربية تستحق المتابعة خلال رمضان .. بالإضافة إلى تقرير آخر عن أفضل النصائح الغذائية التي يمكن اتباعها للتغلب على الإحساس بالجوع والعطش خلال ساعات الصيام. وفي صفحة الرأي كان هناك مقال عن تجربة الصيام بعد عامين من الجائحة.