شعبان بلال (القاهرة)
على مدار أكثر من قرنين، تواصل منطقة سقارة الأثرية الواقعة في محافظة الجيزة (غرب القاهرة) البوح بأسرارها التي أذهلت العالم، وآخرها اكتشاف 5 مقابر أثرية تخص كبار الدولة المصرية القديمة.
ويصف خبراء الآثار في العالم مدينة سقارة بأنها متحف مفتوح يضم بين جنباته معظم آثار التاريخ المصري القديم، كونها جبانة مدينة منف أول عاصمة في مصر القديمة (ميت رهينة مركز البدرشين حالياً).
وتضم اكتشافات سقارة حتى الآن مقابر ملوك وكبار موظفي الأسرتين الأولى والثانية، والهرم المدرج أقدم بناء حجري ضخم في التاريخ، وأهرامات لأهم الملوك في الأسرتين الخامسة والسادسة، حيث هرم الملك ونيس أول من نقش غرفة دفنه بنصوص الأهرام والتي كان الهدف منها حماية الملك خلال رحلته في العالم الآخر.
واحتوت سقارة على مجموعة هائلة من مقابر كبار الأفراد من تلك الفترة والتي زينت بمناظر ونقوش غاية في الروعة، كما ضمت مقابر ترجع لعصر الانتقال الأول ومقابر أفراد تعود للدولة الوسطى، وكذلك مقابر الدولة الحديثة، إذ تمثل مقابر الدولة الحديثة أسلوباً معمارياً مختلفاً تماماً عما كانت عليه مقابر طيبة، ومن بين تلك المقابر نرى مقبرة الملك حورمحب الذي كان كان قائداً للجيش، ويبدو أنه لم يدفن بها لأنه بعد اعتلائه العرش قام بنحت مقبرة له في وادي الملوك.
كبير الأثريين بوزارة الآثار المصرية الدكتور مجدي شاكر أكد أن اكتشاف منطقة سقارة بدأ منذ الحملة الفرنسية على مصر التي أظهرت أهمية التاريخ المصري القديم عبر فك رموز حجر رشيد وإرسال البعثات، موضحاً أن سقارة لم تفقد دورها طوال تاريخ لأنها جبانة أول عاصمة لمصر رغم نقل العاصمة إلى طيبة، لكن كل ملك من جميع العصور كان يحرص على أن يكون له أثر في منف.
وأوضح لـ «الاتحاد»، أن سقارة لم تبح بـ 30% من أسرارها لأنها ظلت أكثر من 4 آلاف سنة يتم البناء فيها وتشييد المقابر من جميع الملوك، مضيفاً أن كل ملك كان يشيد بناية دينية ومقبرة لأحد أفراد أسرته أو يترك رمزاً له في مدينة منف باعتبارها العاصمة الدينية والاقتصادية لمصر القديمة.
وأشار إلى أن هناك آلاف الاكتشافات في سقارة التي تحتاج إلى اهتمام كبير والترويج لها، لكن أهم ما تتميز به هو مدفن العجل المقدس أبيس والمسمى بالسرابيوم والذي استمر استخدامه منذ الأسرة الثامنة عشرة حتى العصر البطلمي، حيث كان العجل أبيس يعتبر بمثابة تمثيل للرب بنتاح نفسه وهو أحد أهم معبودات منطقة منف، وحين كان يموت العجل كان يتم دفنه في احتفالية مهيبة حتى يتم العثور على خليفته.
وأوضح أن هذا المدفن الموجود بسقارة، التي اتخذت سقارة اسمها غالباً من المعبود «سُكر» المعبود الخاص بالجبانة، يضم 23 تابوتاً من الجرانيت الأحمر والأسود وزن الواحد منها يصل إلى 100 طن وموجودة في باطن الأرض، وهو ما يتطلب العمل على اكتشاف الأسرار الخاصة بها.
وتضم سقارة أيضاً آثاراً قبطية، حيث نجد دير الأنبا إرميا جنوب شرق المجموعة الهرمية للملك زوسر والذي ظل في الخدمة حتى القرن العاشر الميلادي، ولا يمكن إغفال الحديث عن متحف إيمحتب والذي يحوي آثاراً رائعة من مختلف العصور والتي تم اكتشافها في سقارة.