هناء الحمادي (أبوظبي) 

يخصص مهرجان التراث البحري جانباً كبيراً من اهتمام بالألعاب الشعبية  لأنها تعبر عن العادات التي تُتوارث جيلاً بعد جيل، وتشكل جزءاً راسخاً من ذاكرة أبناء المجتمع، الذين نشأوا وتربوا على هذه الألعاب، واعتادوا التجمّع معاً في الأمسيات وقبيل الغروب في طرقات الفريج لممارسة هذه الألعاب بسعادة وفرح.
ولتسليط الضوء على الألعاب الشعبية واعتمادها على أفكار بسيطة مستمدة من البيئة، للاستفادة منها كوسيلة للترفيه والتسلية.. تأتي مشاركة نادي تراث الإمارات في مهرجان التراث البحري الذي يستمر لغاية 27 مارس «ع البحر» على كورنيش أبوظبي لإبراز أهمية هذه الألعاب في الماضي، حيث ينظم خلال المهرجان «بطولة للألعاب الشعبية» تجري تصفياتها يومياً في الرابعة والنصف عصراً حتى 11 مساء لألعاب الكرابي والميت والقّبة والمسطاع والتبة، وصياد السمك، وعنبر، والمطارحة، بالإضافة إلى منافسات يومية للجمهور مثل لبس المحزم وربط الغترة.

  • حميد الرميثي

ثراء الثقافة 
وثمن حميد سعيد بولاحج الرميثي المدير العام لنادي تراث الإمارات، جهود دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي لتنظيم مهرجان التراث البحري، لافتاً إلى أهمية العناية بالتراث البحري لدولة الإمارات وإبرازه ونشره وتعريف الشعوب الأخرى بحضارة الإمارات التي تتجلى في ثراء الثقافة البحرية وعراقة التقاليد والصناعات المرتبطة بالبحر. 
وأشاد بالمشاركة النوعية لنادي تراث الإمارات في مهرجان التراث البحري، لا سيما أن المشاركة تغطي عدة جوانب تراثية، حيث تمثل بطولة الألعاب الشعبية فرصة لاتصال الناشئة والشباب بجذورها الثقافية والتراثية، مما يسهم في التواصل بين الأجيال ويحفظ الهوية الوطنية ويرسخها في نفوسهم.

  • أحمد الحوسني

تنمية المواهب
وذكر أحمد الحوسني رئيس قسم الألعاب الشعبية في نادي تراث الإمارات، أن الألعاب الشعبية تمثل في الماضي وسيلة لزرع الهوية الوطنية في الشباب ولإكساب الأطفال اللياقة البدنية وتنمية مواهبهم، وتنمية العلاقات الاجتماعية وتجسد روح الأخوة والتعاون، وتأصيل روح المثابرة والمغامرة الجماعية وخلق التوازن النفسي، كما أنها تسهم في توطيد أواصر العلاقات الاجتماعية بين أبناء المجتمع الواحد، وأيضاً كان لها دور مهم في تعليم الأطفال الكثير من المبادئ والسلوكيات المرتكزة على الالتزام والشجاعة والفروسية والذكاء وحب الجماعة، وتنقسم الألعاب الشعبية إلى فردية وجماعية، ألعاب للأولاد الذكور فقط وأخرى للفتيات، بالإضافة إلى ألعاب مشتركة، كما تختلف الألعاب من منطقة إلى أخرى، حسب البيئة التي تتنوع في الإمارات بين الجبلية والبحرية والبرية.
وقال: «يعيد مهرجان التراث البحري صوراً حية لأهم الألعاب الشعبية التي كانت تقام، حيث في الهواء الطلق يستمتع الأطفال يومياً خلال المهرجان بالتعرف على الألعاب الشعبية التي كان الأطفال يلعبون بها في أوقات فراغهم. 
ويقول الحوسني: «ستهب علينا نسائم الماضي بدفئها وحميميتها طوال أيام المهرجان محملة بأريج الأيام الدافئة وعبق الذكريات العذبة، من خلال تناول تفاصيلها الصغيرة التي لا نتوقف عندها في معترك حياتنا الحالية.. ومن هذه التفاصيل التي برز رونقها هي الألعاب الشعبية التي كان الأطفال يتسلون ويتسامرون بها في الماضي القريب في بيوتهم المتعانقة في الفريج وكأنها بيت واحد لأسرة واحدة كبيرة.

  • الأهازيج الشعبية تزين فعاليات المهرجان

أهازيج
 وأكد الحوسني أن الألعاب الشعبية تختزن في ثناياها مدلولات كبيرة تعطينا صوراً حية عن طبيعة الحياة الماضية والمؤثرات التي كانت تتشكل تبعاً لها، وهي مليئة بالقيم الأخلاقية وتحث على المشاركة الوجدانية مع الآخرين، وتساعد على نشأة أجيال يتمتعون بالقدرة على التعامل الاجتماعي بشكل تلقائي وطبيعي. 
وقال إن الألعاب الشعبية التي نحاول إعادة نبض الحياة فيها خلال مهرجان التراث البحري نعلمها لأطفالنا، تشهد إقبالاً كبيراً من قبل الأطفال المواطنين، خاصة حين تمارس تلك الألعاب المصاحبة مع الأهزوجة والإيقاع مع اللهو الطفولي، حيث تقوم الألعاب الشعبية في أساسها على المشاركة بين عدد كبير من الأطفال، وبالتالي تؤسس لعلاقات اجتماعية قوية وسليمة بينهم وتعلمهم مهارات، كما تنمي ذكاءهم وتزيد من سرعة البديهة لديهم، إضافة إلى أن تأديتها في الهواء الطلق يساعد الأطفال على التأقلم مع الظروف المناخية لكافة الفصول، الأمر الذي يجعل بنيتهم الجسدية قوية، بجانب أن طبيعتها تعتمد الحركات الرياضية المختلفة كالقفز والجري وغيرها من حركات جسدية.
وذكر أن كثيراً من الأهازيج التي يرددها الأطفال في هذه الألعاب تتناول قيماً أخلاقية جميلة تحث على الترابط الأسري، ويوضح: «الألعاب الشعبية قد ينظر إليها على أنها مجرد وسيلة للهو والتسلية وقضاء وقت الفراغ يلجأ إليها الأطفال في الماضي للتخفيف من قسوة الحياة وصعوباتها، إلا أن الحقيقة أنها تحمل معاني وقيماً عميقة وأهدافاً سامية، بالإضافة إلى أنها تسهم في تنمية شخصية الطفل في مختلف الجوانب الاجتماعية والانفعالية والتربوية والتعليمية والجسمية واللغوية، يمكن أن تعرف الألعاب الشعبية على أنها ألعاب بسيطة يتناقلها الأطفال جيلاً بعد جيل بشكل تلقائي ومن دون تعليم منظم. 

  • استحضار كبير للموروث في المهرجان (تصوير: عادل النعيمي)

ماضي الأجداد 
بدوره، أكد سالم الظاهري الذي كان بصحبة أبنائه أن مهرجان التراث البحري يستعرض مكونات الحياة البحرية أيام زمان لجميع أفراد المجتمع، في محاولة لتذكيرهم بماضي الأجداد، وكيف تمكنوا على مدار سنوات عدة من الاعتماد على البحر للحياة والتجارة، إلى جانب تشجيع الجيل الجديد على التعرف أكثر بالتراث البحري، والاحتفاء بتاريخنا الأصيل.

أهم الألعاب
عن أهم الألعاب يذكر أحمد الحوسني رئيس قسم الألعاب الشعبية في نادي تراث الإمارات «لعبة الكرابي واليواني، شد الحبل، الرنج، الميت، ولعبة القبة والمسطاع، لعبة التيلة وصياد السمك، وعنبر والمطارحة.. موضحاً أن «اليواني» لعبة شعبية يتبارى فيها اللاعبون جرياً بعد ارتداء اليواني «الخيش» من أسفل القدمين صعوداً إلى الأعلى والجري لمسافة يتم الاتفاق عليها بينهم.