هناء الحمادي (أبوظبي)

عشقت فاطمة الحنطوبي البيئة بكل تفاصيلها، وركزت في رسالتها الأكاديمية على سبل حمايتها، من منطلق حبها لمجال تخصصها، الذي جعلها تتميز في عملها وتبرز قدراتها. 
الحنطوبي رئيس قسم المحميات في هيئة الفجيرة للبيئة، من اللاتي خرجن بطموحاتهن عن المألوف، إذ عشقت البيئة وطبيعتها، ونبهت إلى أهمية المحافظة على مواردها حتى كسبت صداقتها.
ترى فاطمة الحنطوبي البيئة حاضنة للإنسان، وأن اهتمامه بها ينعكس على نفسيته وحياته، فهناك ارتباط وثيق بين صداقة البيئة والتصالح مع الذات، ومن هنا بدأت رحلة التوغل في عالم البيئة، التي تقول عنها: «بعد الانتهاء من الثانوية العامة التحقت بجامعة الإمارات- قسم العلوم الزراعية، ثم واصلت رحلة التميز من خلال دراسة ماجستير هندسة المياه الجوفية في إحدى الجامعات داخل الدولة، فأنا مولعة بعالم الزراعة، حيث كنت أشارك والدي مع أخواتي الاهتمام بالمزرعة، ونما هذا الحب منذ الصغر، واكتشفت جمال الطبيعة الخلابة التي لا بد للإنسان من المحافظة عليها، مما دفع بالأسرة إلى تسمية الأشجار بأسمائنا حباً في الطبيعة الخلابة والبيئة النظيفة».

حماية البيئة 
تضيف: مجال البيئة واسع ومتشعب، وفي كل يوم يكتسب الإنسان الكثير من الخبرة والمهارة والمعلومة، وقد عملت في هذا المجال ما يقارب 20 عاماً، وتدرجت من محلل كيميائي في مختبر إلى مفتش، ثم رئيس قسم حماية البيئة والمحميات الطبيعية، ثم مدرس علوم بيئة جامعي لمدة 5 سنوات، وطوال هذه السنوات تحملت مهمة التصدي للتعدي الجائر على البيئات المحلية من قبل الإنسان، وعملت على حمايتها، وما يسكنها من كائنات حية وحيوانات وطيور نادرة لوقف تعرضها للانقراض، الذي بات أحد التحديات التي نواجهها، مشيرة إلى أنها كانت تقدم الكثير من النصائح للأهل عن تسميد النباتات وطرق التنبيت ومسألة ملوحة المياه وموت النباتات، ومن هنا كانت بداية تعمقها في دراسة هندسة المياه، حيث ركزت على كيفية إيجاد حل لمشكلة ندرتها. 

إنجازات 
وعن مسيرتها العملية أوضحت أنها تهتم دائماً بتقديم الكثير من الأفكار لتطوير قطاع العمل، وعلى الصعيد الشخصي أنجزت 3 كتب الأول منها بعنوان «أهداف التنمية المستدامة والعلاقات الترابطية» ويعرض دور دولة الإمارات في تحقيق أهداف التنمية، ويستعرض المشاريع التي أنجزتها الدولة في سبيل ضمان توافر المياه الصحية للمجتمع، والثاني بعنوان «المورد المائي والتحديات» وتناول إدارة المياه، واستعرض حالة إمارة الفجيرة من حيث توفر المياه الطبيعية سابقاً، وكيف أثر عليها التطور التنموي؟.. وما هي التحديات التي تواجهها والحلول من خلال تطبيق نموذج تحليل بيئي؟.

ولكل من كتبها هدف وغاية، حيث يتعلق محتواها بأهداف التنمية المستدامة، التي يسعى الباحثون إلى تحقيقها، حيث تترابط أهدافها، مشيرة إلى أنه إذا استطعنا تحقيق هدف معين، فنحن بذلك نكون قد مهدنا الطريق لتحقيق هدف آخر يخدم البيئة، موضحة أن أبحاث المياه تؤدي إلى نتاج غير مباشرة في مجالات الصحة والاقتصاد والزراعة، ومن هذا المنطلق دعت كل فرد للمساهمة بتقديم فكرة أو إنجاز كتاب أو ابتكار جهاز يكون له الأثر الفعال، في إطار اهتمام دولة الإمارات بهذا المجال، حتى أصبحت ضمن الركب العالمي الذي يسعى إلى سلامة البيئة من خلال خطط ومشاريع تخصص جانباً كبيراً منها للموارد الزراعية والمائية.
ولفتت إلى أن التحديات كثيرة في مجال البيئة، لكن بالعمل والتفاني وتعاون الجميع يتم حل تلك المعضلة، فمن إحدى المشاكل التي واجهتنا، انقراض بعض الحيوانات، الأمر الذي يشعرها كثيراً بالألم، بالإضافة إلى المزارع التي تعاني شح المياه، وبدورها لم تقف مكتوفة الأيدي، حيث تم مؤخراً تنظيم مؤتمر للمياه التقت من خلاله بالعقول العلمية من الدولة وخارجها لمناقشة هذه المشكلة على طاولة واحدة، وتم وضع بعض الحلول، التي ستأخذ طريقها للتنفيذ، مشيرة إلى أن السلوك العشوائي للبعض في القطاع الصناعي يعد أكبر عدو للبيئة، لأنه يسبب تلوث الحياة بشكل كبير لما يخلفه من نفايات تكمن خطورتها عند اختلاطها بالمياه الجارية، ومن ثم تلوث المياه الجوفية، كما أن المواد العضوية في النفايات عند تحللها ينتج عنها مواد تؤدي إلى تلوث التربة السطحية، مما يجعلها غير صالحة للزراعة.

كيف تشعر بالأمان؟
كشفت فاطمة الحنطوبي عن حبها للرسم، فهذا المجال يجعلها تشعر بالراحة والأمان خاصة حين ترسم بالقلم الرصاص، موضحة أنها تهوى الفن وتعطيه الكثير من اهتمامها لتسافر من خلاله عبر رحلة مع النفس إلى عالم الإبداع، من خلال ما تجسده اللوحات، وما تعبر عنه من لحظات جميلة، فاللوحة تختصر الكلام وتروي فصول قصة من خلال ريشة الفنان.. أما الجانب الآخر الذي يجعلها أكثر شعوراً بالطمأنينة حين يكون الأبناء بجانبها ويدور بينهم حوار أسري يتناول حياتهم وما يقابلهم من أمور، يحتاجون عند التعاطي معها إلى استشارة الأم، كي تعطيهم من خبراتها، بطريقة سلسلة وبسيطة.. حيث قالت عن ذلك: «أحب مجالسة أبنائي والاستماع إليهم، فقد تعلمت من مدرسة الحياة أن منح الحب وحده للأبناء لا يكفي، فلكل مرحلة يعيشها الأبناء دروس مختلفة يحتاجونها تتدرج من الحب إلى العناية، ثم التربية وصولاً إلى الأمان والثقة، خاصة عند الحاجة إلى تقويم السلوك في مرحلة المراهقة، مع مراعاة نقل تجاربنا وخبراتنا لأبنائنا بما يناسب مع وضعهم وقدراتهم، وأن نزرع فيهم أنه لا يوجد شيء سهل في الحياة، وعليهم سلك دروب العلم، لأنه يذلل الصعوبات، ويمنح فرص التميز، ويفتح أبواب المستقبل.

المحميات
عن أهمية المحميات، قالت الحنطوبي، إنها بجانب دورها الاقتصادي وقدرتها على تحقيق التوازن البيئي وحماية الأنواع النادرة، تعد أيضاً متنفساً طبيعياً ووجهة سياحية يقصدها كثير من الناس ممن يحبون الاطلاع على حياة الكائنات والحيوانات النادرة، كما أنها ملجأ للباحثين عن الهدوء النفسي، والاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة.

دور المرأة
تؤكد الحنطوبي أن المرأة الإماراتية لديها مسؤوليات عظيمة، فهي اليوم وبفضل القيادة الحكيمة لا يقتصر دورها على الأسرة فقط، بل أصبحت من محركات صناعة القرار وبناء الوطن ورفع مكانة دولتنا عالمياً، فالإماراتية اليوم الأم الناجحة والزوجة المتمكنة والمبدعة.