أحمد عاطف (القاهرة)

منذ 75 عاماً، ظهرت برامج الكاميرا الخفية لأول مرة على شاشات التلفاز الأميركي، كتجربة جديدة تقوم على تعريض المواطنين إلى مقالب بسيطة، لاختبار وعرض ردة فعلهم الطريفة عليها، لتنتقل فيما بعد إلى مختلف دول العالم.
وتطورت تلك البرامج مع مرور السنوات، واتخذت عدة أشكال مختلفة، وحينما ظهرت مواقع التواصل الاجتماعي، دفع البحث عن الشهرة وجمع الإعجابات والمتابعين الشباب إلى الابتكار في طرق صناعة المقالب.

ترفيه أم ترويع؟!
ظهر أول برنامج كاميرا خفية عام 1948، عندما بثّت قناة سي بي أس الأميركية برنامج «Candid Camera»، والذي يستهدف صنع مقالب متنوعة في المواطنين، سواء في الشوارع أو أماكن التسوق، وبعد أن تصل الخدعة إلى نهايتها يسمع الضحايا جملة «ابتسم، أنت في الكاميرا الخفية»، وصار فيما بعد أيقونة برامج المقالب على مستوى العالم، بعد أن عرض منه حوالي 1000 حلقة مختلفة، آخرها عام 2014.  واشتهر برنامج «Just for Laughs Gags»، وهو برنامج كندي ظهر في عام 2000، واشتهر بأصوات ضحك الجمهور الاصطناعية أثناء عرض المقالب، وعرض على قنوات عالمية وعربية متعددة، كونه كان بسيطاً وحلقاته قصيرة، إضافة إلى كونه مناسباً للمشاهدة العائلية لأنه لا يحتوي على مشاهد عنيفة أو مؤذية.
أما أكثر برامج الكاميرا الخفية رعباً، فكان برنامج تكتيكات التخويف «Scare Tactics»، وتم عرضه في عام 2003 للمرة الأولى، وتقوم فكرته على وضع ضحايا المقلب في مواقف مرعبة، مستغلين في ذلك مؤثرات بصرية مخيفة، تجسد من خلالها شخصيات أفلام الرعب المشهورة، وكان يساعد أفراد من الأصدقاء أو الأسرة صناع المقلب على تنفيذه في صديقهم.
وعربياً كان الفنان المصري الراحل فؤاد المهندس أول من يطلق برنامج كاميرا خفية في مصر، وذلك في عام 1983، وتعاون معه بعدها الفنان إسماعيل يسري، ولاقت الفكرة حينها رواجاً كبيراً، حيث كانت المقالب بسيطة وغير متوقعة من جانب المشاهدين حينها.
بعدها أكمل الفنان الراحل إبراهيم نصر مسيرة برامج الكاميرا الخفية المصرية، من خلال تقمص الشخصية الشهيرة «زكية زكريا»، ليوقع المارة في الشارع، أو رواد المحلات في فخ مقالبه المتنوعة، واشتهر البرنامج حينها بجملة ما بعد كشف الخدعة: «بخ.. تحب نذيع؟».
وكان هناك برنامج المقالب «اديني عقلك» للفنانين منير مكرم وحسين المملوك، والذي لاقى رواجاً، كونه كان مميزاً بمقالب تنتهي بالتعرض للضرب المبرح من شدة استفزازه للمواطنين في مقالبه، قبل أن يكشف عن شخصيته الحقيقية.
وخلال السنوات الماضية، ظهرت عدة برامج كاميرا خفية تستهدف غير المشاهير، مثل برنامج الزفة والذي يقوم على صنع موقف زواج أحد الرجال في وجود زوجته بالصدفة في نفس المكان، وكذلك برنامج كريزي تاكسي وهو يصنع مواقف مخادعة داخل سيارة أجرة يقودها سائق مختل عقلياً.

ضحك أم خطر؟
لم يعد إنتاج حلقات ومواقف تشبه برامج الكاميرا الخفية الآن صعباً، فهو لا يحتاج سوى لهاتف محمول أو كاميرا صغيرة في أفضل الأحوال، مع أفكار بسيطة من الشباب القائمين على فكرة البرنامج على مواقع التواصل الاجتماعي.
فخلال الأشهر الأخيرة ارتفعت أعداد مقاطع الفيديو، التي تحمل محتوى المقالب في الشارع، مثل أن يوقف أحد منفذي المقلب سيارة أجرة حتى يستغلها في ربط حذائه فقط، أو رش الماء على السائرين في الطرق والمحلات التجارية، أو ربما إشعال النار في صحيفة يقرأها أحد الأشخاص في حديقة عامة.
وتعتبر الأميركية أليكسيس فيذر أحد أشهر منفذي تلك المقالب، حيث حصدت نحو 90 مليون إعجاب على مقاطع تشبه الكاميرا الخفية قديماً، أما عربياً، فهناك عدة شباب اشتهروا بمقالب الشارع، مثل المصري خالد العطوي والذي يتابعه نحو 6 ملايين شخص لمشاهدة مقالب الكاميرا الخفية التي ينفذها في الآخرين.
وإضافة إلى مشاهير صناع المقالب على «السوشيال ميديا»، فإن هناك العديد من الشباب يحاولون تقليد تلك المقالب، كونها تحصد المشاهدات بسهولة على مواقع الفيديوهات القصيرة تيك توك وإنستجرام، لكنها تواجه انتقادات بتعريض الأشخاص للخطر أو التأثير فيهم سلباً.
تلك الأنواع من المقالب دفعت الشرطة الإيرانية إلى إلقاء القبض على مجموعة من الأشخاص، بعد تنفيذهم مجموعة كاميرا خفية للمواطنين في الشوارع، من أجل حصد المشاهدات على حسابات مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بهم.
وبحسب بيان الشرطة، فإنهم أقدموا على صنع مواقف مزيفة تتضمن محاولة الانتحار، أو ارتكاب جريمة قتل في سيارة أجرة، أو رمي قوالب من الحلوى على وجوه أشخاص يستخدمون السلالم الكهربائية في محطة لقطار الأنفاق، وهو ما دفع الشرطة إلى القبض على 17 شخصاً منهم.