خولة علي (دبي) 

تشكِّل الأسرة محط اهتمام المجتمع، نظراً للدور الذي تقوم به في تنشئة أجيال قادرة على المضي قدماً لمستقبل وطنها، وهذا لا يتم إلا من خلال بيئة متوازنة نفسياً داخل البيت، لتفادي الانزلاقات التي قد تطاول الأفراد، وتجعلهم غير قادرين على تداركها وإحكام السيطرة عليها. وهنالك بعض القواعد التي قد يجهلها كثير من الآباء حول كيفية قيادة أسرة متوازنة والإبحار بها إلى مرسى الأمان، ما هي؟
يذكر محمد أحمد، اختصاصي نفسي، أن الأب والأم هما نواة الأسرة، ومنهما يبدأ تشكيل القالب الذي تنشأ منه شخصية الطفل، وهما اللذان يزرعان القلق والخوف أو يحصدان ثمار الثقة والقيم النبيلة في نفوس أبنائهما. ولا بد أن يعرف الأب دوره في الأسرة وأهميته من الناحية النفسية، فدوره ليس فقط في العمل وجلب احتياجات المنزل من مأكل ومشرب وملبس، بل دوره في منح الحنان وبذل وقته مع أبنائه. يداعبهم ويلاطفهم ويسأل عن أحوالهم وما يجول في بالهم من أفكار وتساؤلات، وهو ما يحتاجه الأبناء في بنائهم النفسي أكثر من حاجتهم المادية.

  • محمد أحمد

وتشير الدراسات النفسية إلى أن تواجد الأب بين أبنائه، حيث يقضي وقتاً نوعياً معهم بعيداً عن الأجهزة الإلكترونية، يزيد من إفراز هرمونات السعادة في الدماغ، ويجعل نشاط الأب ينعكس على نفسه وأهل بيته. 
ويتابع: ينطبق الأمر كذلك على الأم، ومن المهم ألا تضجر من سلوكيات أبنائها وتكون على دراية بأن لكل مرحلة عمرية يعيشها الطفل أسباباً نفسية وفسيولوجية تؤثر عليه. ومعرفة هذه الأسباب والتنبؤ بها قبل حدوثها، يخفف وقعها على الأم والأب، ويجعل تفاعلهما أقل انفعالاً وأكثر تماسكاً وقدرة على تغيير السلوكيات الخاطئة. ويجب وضع قوانين في المنزل من قبل الوالدَين وإشراك الأبناء بها، وما الذي يترتب على عدم الالتزام بها، وهذا يسمى آلية الاتفاق المسبق. وكلما أصرّ الوالدان على النمط الحازم في التربية، ازدادت معرفة الأبوين وفهمهما لسلوك أبنائهما وطريقة التعامل معهم وبناء المفاهيم السليمة وتنشئة القيم والتقاليد المجتمعية الصحيحة، ما يؤدي إلى نجاح الأسرة. 

الذكاء العاطفي 
وتؤكِّد فاطمة الظنحاني، اختصاصية اجتماعية أن الأسرة هي المحور المجتمعي الذي تتبلور فيه خلاصة العادات والتقاليد والمعارف التي توجِّه الأسرة، وتضمن الترابط والتواصل بين أفرادها، كالعلاقات الأخوية والوالدية.

  • فاطمة الظنحاني

وهنا تستخدم تقنيات تحسن العلاقات الأسرية على توصيل مشاعر الأسرة لتحسين العلاقات الوثيقة، ويلعب الذكاء العاطفي دوراً في انسجام الأسرة وفهم دور الآباء والأبناء. وتعتبر الأسرة نظاماً يتكوَّن من أفراد مترابطين، لكل شخص مسؤوليات مختلفة تدعمها الأطراف الأخرى لبناء توازن نفسي بين الجميع. فرسائل المحبة التي يبعثها الوالدان للأبناء تُعتبر من أنواع الدعم النفسي والاجتماعي حتى لو كانت إيماءات أو تعبيرات أو كلمات، تكون ذات أهمية لنجاح الترابط النفسي. لذلك عند مواجهة أي مشكلة يمكن للأسرة أن تحتويها وتقوم بحلها بطرق ذكية تساعد أفرادها على تجاوزها، ما يسهم في تزويد الفرد بطاقة عقلية وعاطفية مع الرضا النفسي. 

احترام وتقدير
وتقول فاطمة سيد أحمد، طبيبة نفسية: نحن كأولياء أمور دائماً ما نركز على تربية أبنائنا وتوفير كل الاحتياجات الجسدية لهم من ملبس ومأكل ومشرب وتعليم ورفاهية، وقد ينسى البعض منا أن احتياجاتهم النفسية لا تقل أهمية في تحقيق التوازن للأسرة. وحتى نستطيع الوصول إلى مرحلة التوازن النفسي، لا بد أن نعي جيداً أن علاقاتنا وطرق تعاملنا مع بعضنا كأفراد في الأسرة، لها دور كبير.

  • فاطمة سيد

إذ إنه من خلال تبادل الاحترام والتقدير لجهود الآخر والتواصل والحوار، يمكن مواجهة أي مشكلة قد تتعرض لها الأسرة مع إيجاد الحلول. وتذكر أنه لا بد من مشاركة المسؤولية كأولياء أمور، وإدراك الواجبات تجاه أفراد الأسرة والحقوق تجاه أنفسنا وطموحاتنا ورغباتنا الشخصية حتى نشعر بالتقدير والرضا عن الذات. وتقول: أنا كأم أصادق ابنتي حتى أتقرب منها وأزرع فيها الإيجابية وأستمع إليها، كما ألتزم بدوري كأم وولية أمر حتى أوجهها بطريقة سليمة وأضع الضوابط المطلوبة لتحقيق هدف معين أو الحد من مشكلة معينة. 

إصغاء ومصارحة
تقول سندية الزيودي، ولية أمر: إن التوازن النفسي في الأسرة من أهم دعائمها، من خلال المشاركة والمصارحة والإصغاء لآراء أفرادها، الصغير منهم والكبير. ونحن كأسرة، نحاول أن نحقق التوازن النفسي فيما بيننا من خلال الاستماع إلى اقتراحات الجميع ومناقشاتها بحرية وموضوعية.

  • سندية الزيودي

وترى أنه لتحقيق التوازن في أداء أفراد الأسرة، يجب ألا يطغى جانب على الآخر، مع أهمية إعطاء كل فرد وكل عمل ما يستحقه من الجهد والاهتمام وفق أهداف مشتركة، وكذلك توزيع الأدوار العائلية ليعرف كل فرد حقوقه وواجباته.