لكبيرة التونسي (أبوظبي)
من أجمل الصور البصرية التي يمكن أن تشاهدها في أبوظبي بشكل خاص، وفي جميع الإمارات بشكل عام، خلال فصل الشتاء أسراب الطيور المهاجرة الجميلة بمختلف ألوانها وأشكالها وأحجامها، التي تحط رحالها في الإمارات قادمة لها من مختلف أنحاء العالم، بحثاً عن الدفء والأمان والمرعى.
وتعد دولة الإمارات الوجهة المفضلة لأجمل الطيور خلال هذا الموسم، كما تحظى بعدد كبير من أنواعها المتكاثرة على مدار العام، وتستضيف سنوياً أعداداً ضخمة من الطيور الزائرة، نسبة لوقوعها ضمن مسار هجرة الطيور بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، وتحتضن مجموعات أخرى تتخذ من الإمارات ملاذاً لها في الفترة نفسها، لكن ما هي العناصر التي تجعل من الإمارات وجهة مفضلة لهذه الطيور في فصل الشتاء؟
قال سالم جافيد مدير قسم الحفاظ والتقييم البري - قطاع التنوع البيولوجي البري والبحري في هيئة البيئة أبوظبي: إن دولة الإمارات تحتضن العديد من الأنواع الهامة من مجموعات الطيور البحرية، وتوفر مناطق المد والجزر الإماراتية، التي تزورها سنوياً مئات الألوف من الطيور الساحلية المهاجرة، وكذلك وجود المناطق الصحراوية ذات القيمة العالية للطيور المغردة التي تلتجئ إليها هرباً من فصل الشتاء في الأقطار الآسيوية، حيث تم الاعتراف بالأهمية العالمية للطيور المتكاثرة والزائرة لدولة الإمارات. ولفت إلى أن الإمارات تقع في الوسط بين الشرق والغرب، حيث يتداخل فيها اثنان من مسارات هجرة الطيور، مسار هجرة الطيور من شرق أفريقيا - غرب آسيا «طريق الهجرة الأفرو- أوراسية»، ومسار آسيا الوسطى، وتأتي الطيور إلى الإمارات من مناطق التكاثر الشمالية في أوروبا وآسيا، لا سيما آسيا الوسطى.
425 نوعاً
وأشار جافيد إلى أن من بين أكثر من 425 نوعاً من الطيور المسجلة في الدولة، هناك 70% منها من أنواع الطيور المهاجرة، والأنواع الأخرى تعتبر من الطيور المقيمة، موضحاً أن الدولة تتوافد عليها أنواع مختلفة من الطيور تتراوح بين الطيور المائية والطيور البرية، وبين الجواثم الصغيرة والجارحة الكبيرة وطيور النحام، ويمكن خلال فصل الشتاء مشاهدة هذه الطيور المهاجرة، حيث تحط العديد من الأنواع المائية في المناطق الساحلية بهدف الحصول على الغذاء والراحة وقضاء بقية فصل الشتاء، من الدريجة الصغيرة وصولاً إلى الطيور الكبيرة مثل طائر النحام.
بيئة جاذبة
وعن العناصر الجاذبة التي تجعل من الإمارات بشكل عام وأبوظبي بشكل خاص وجهة مفضلة للطيور في فصل الشتاء، قال إن غالبية الطيور المهاجرة، خاصة الشتوية، تأتي من مناطق تكاثر في الشمال، ومعظمها من أوروبا وآسيا الوسطى، في المحيط الهندي، وتختار الطيور التي تهاجر خلال فصل الخريف، دولة الإمارات ودولاً أخرى في الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا، حيث تهاجر لتجنب الظروف المناخية القاسية بسبب البرد الشديد في مناطق التكاثر الشمالية، التي ترتبط بنقص الإمدادات الغذائية بسبب الظروف المناخية الباردة، فمع بداية موسم الهجرة تبدأ أسراب الطيور المهاجرة في الوصول إلى الدولة التي تتوفر فيها البيئة الملائمة والمناسبة التي تساعدها على البقاء وقضاء فترة شتائها، خاصة في الجزر البحرية التي تمتاز بدفء شواطئها، وعادة ما تعود الطيور التي تأتي خلال هجرة الخريف «أغسطس - سبتمبر»، والتي تسمى أيضاً الهجرة الشتوية، إلى مناطق تكاثرها المحتملة بحلول نهاية فبراير ومارس.
طيور مقيمة
لفت سالم جافيد إلى أن العديد من الطيور المهاجرة تأتي إلى الدولة في فصل الشتاء وتبقى لفترة أطول من المعتاد، وأحياناً يمكن لبعض الطيور البقاء على مدار العام، وتعتبر طيور النحام الكبير «الفلامنجو» مثالاً جيداً على هذه الأنواع.
إجراءات المحافظة
تحرص برامج هيئة البيئة - أبوظبي على حماية التنوع البيولوجي في الإمارة، فالطيور جزء مهم من الجهود التي تبذلها الهيئة في هذا المجال، حيث تعمل على ذلك من خلال ضمان إدارة المواقع المهمة للطيور ضمن شبكة زايد للمحميات الطبيعية التابعة للهيئة، كما تقوم الهيئة بإجراء دراسات علمية حول الأنواع المهمة وتحديد وتنفيذ إجراءات المحافظة لحمايتها.