يُقال إن اليوم هو يوم عيد الحب الذي يحتفل فيه المحبّون بأحبابهم، فيملؤون المساحات باللون الأحمر، ويرتفع معدّل هرمون السعادة عند أصحاب محال بيع الورد، حيث تجتاح المحبّين حالة من الجنون والهوس بهذا اللون، ويصدّقون بأنهم محبّون حقيقيون، يفرحون، ويتألمون، ويسهرون الليل مُتعبين ومرهقين لكن لا تُحرّك قلوبهم أغنيات أم كلثوم و«يا مسهرني، ويا هاجرني، والحب كلّه»، بل إن احتفالاتهم تكون على أغنيات خاصة بهم، وحدهم يفهمونها، فيتمايلون معها ويتراقصون، هم يعيشون لحظة الحب الخدعة، ولكنهم لا يعيشون هالة الحب «الشعور».
لا أعرف حقيقة ما السر وراء إصرار الذين يحتفلون بهذا اليوم على اتخاذ اللون الأحمر صفة له، حيث يحرصون على الاحتفال به فيملؤون يومهم بالأحمر، ويحوّلون كل الأشياء حولهم إلى باقات حمراء، حتى إن سياراتهم وغرفهم تضج بالألعاب الملونة بالأحمر فلا نستغرب إن صادفتنا سيارة ودبدوب ضخم يجلس القرفصاء على مقاعد السيارة، وبجانبه أرنب أو قط أحمر وباقة ورد تتشح بشرائط حمراء، وعبارات عن الحب وأهواله، هكذا يبدو هذا اليوم الاثنين الرابع عشر من فبراير، أسوة بالأيام السابقة في السنوات الفارطة التي تصادف هذا التاريخ.
والذين يحتفلون بعيد الحب لا يلتفتون إلى المناهضين له، والرافضين لفكرته فكيف بالاحتفال به، وانتشار هذه الظاهرة في مجتمعاتنا العربية المسلمة، وبين أبنائنا الذين أخذ بعضهم من الحضارة قشورها، وألوانها الزاهية البرّاقة، لكنهم غفلوا عن النتائج من ممارسة بعض التصرفات والسلوكيات، وتقليد بعض الأبناء للصرعات والتقليعات التي تصل إلينا دون إعمال للفكر، فالمهم عندهم هذا اللهاث وراء الشكليات والمظاهر التي يصرفون عليها ما في جيوبهم، وقلوبهم من مشاعر حمراء.
والغريب في أمر هذا اليوم أن الورد الأحمر لا يدخل البيوت الأساسية، بل يخرج خارجها فهناك أزواج لا يقدمون وردة حمراء لزوجاتهم، بل تذهب الباقات إلى الصديقات والزميلات، ربما لأنهم لا يريدون الفرح للزوجات، فهم يُفضلون الاستمتاع بهذه اللحظات أو الساعات بعيداً عن إزعاج المنزل، وربما أيضاً لأن الزوجات منسيّات مسكينات لا شأن لهنّ بالحب ويومه، واحتفالاته.
لا أريد أن أكون في فريق ضد فريق، لكنني أؤمن بالتوازن في الحياة وبالواقعية وأجد أن الحب هو شعور في الأصل لا يستقيم أيّ عملٍ مهما تضاءَل أو صغُر دونه، إذ لا ينبغي أن نقوم بعملٍ دون حب، ولأن الحبّ احتياج فلا ينبغي أن نُصدق أنه يأتي في يوم ويرحل، بل إنه كل الأيام، والأوقات، والأحباب، ليسوا هم العابرين بل القابضون على لبّ القلب حد الإفراط في التعلّق والانتماء.