تامر عبد الحميد (أبوظبي)
حققت الدراما التلفزيونية التركية انتشاراً عربياً وعالمياً واسعاً لما تحمله من قصص اجتماعية ورومانسية وتاريخية قريبة من المشاهد، ففي عام 2017، كسبت صادرات التلفزيون التركي 350 مليون دولار أميركي، ما جعلها ثاني أكبر بلد مُصدر للدراما في العالم بعد الولايات المتحدة، وتفوقت على الأعمال المكسيكية والبرازيلية، وكان دخولها للعالم العربي عن طريق الدبلجة باللغة العربية (اللهجة السورية) أكسبها مزيداً من التفرد ودخولها بؤرة المنافسة مع المسلسلات العربية والعالمية الأخرى.
وبرز مصطلح «القوة الناعمة» في هذا السياق، خير معبر عن أهمية المسلسلات التركية التي عرّفت المشاهدين حول العالم بالموروث التركي الثقافي وأدق تفاصيل الحياة اليومية في حياة الأتراك، خصوصاً أن لدى تركيا مخزوناً ثقافياً وتاريخياً وحضارياً، وعناصر جغرافية وطبيعية ترتكز عليها المسلسلات التركية، وتساعد على التعريف بالثقافة واللغة والتاريخ التركي.
«العشق الممنوع»
«العشق الممنوع» أول مسلسل يتم تصديره للخارج وهو من إنتاج التلفزيون التركي (TRT) 1975، وتم تصديره إلى فرنسا 1981، وبدأ عشق المسلسلات التركية بالعالم العربي، مع عرض مسلسل «الفضة» أو كما يعرف في نسخته العربية المدبلجة باسم «نور» عام 2005، (175 حلقة)، والذي لعب فيه البطولة كل من كيفانتش تاتليتوغ أو «مهند»، وصونغول أودَن التي عرفت باسم «نور»، وقد وصل عدد مشاهدي الحلقة الأخيرة منه إلى 85 مليون مشاهد، ولقد أذيعت أول حلقة من هذا المسلسل داخل تركيا عام 2005، وفي السياق ذاته نال مسلسل «ألف ليلة وليلة» أو كما يعرف في العالم العربي باسم «ويبقى الحب»، الذي عرض عام 2008 على 3 مواسم بـ90 حلقة، أعلى نسبة مشاهدات على مستوى العالم، ولعب بطولته مناصفة كل من الممثل خالد أرغنتش، والممثلة، برغوزار قورال، ليأتي بعد ذلك مسلسل «القرن العظيم» المعروف باسم «حريم السلطان» الذي عرض على 4 مواسم، ولعب بطولته خالد أرغنتش، مريم أوزرلي، ليحقق نجاحاً كبيراً في منطقة الشرق الأوسط، وفضلاً عن ذلك تم عرضه في العديد من دول العالم الأخرى ومن بينها اليابان، ليشاهده أكثر من 500 مليون مشاهد حول العالم.
عروض حصرية
كما انتشرت الدراما التركية عبر القنوات العربية بعدة مسلسلات نالت رواجاً كبيراً وحققت نسب مشاهدة عالية، وباتت القنوات تسعى وراء الحصول على حقوق عرضها حصرياً على شاشاتها نظراً لما تحققه من نجاح كبير، من أبرزها: «سنوات الضياع» و«وادي الذئاب» و«فريحة» و«حب أعمى» و«جسور والجميلة» و«المؤسس عثمان»، والتي لعب بطولتها نخبة من أبرز الممثلين، الذين أصبحوا من أشهر نجوم الدراما عالمياً، منهم: توبا بويوكستون وبيرين سات وكيفانش تاتليتوغ وبولنت إينال وأنجين أكيوريك وأركان بتك قايا وبوراك أوزجيفيت.
تأثير كبير
توافرت عوامل عدة ساعدت على تسويق المسلسلات التركية في العالم العربي بشكل خاص، يأتي في مقدمتها شركات الدبلجة الضخمة التي تعمل على نقل الدراما التركية إلى الدول العربية باللهجة السورية المُحبّبة وسهلة الفهم، كما تتسم الأعمال الدرامية التركية بالأحداث المعتدلة والمشاهد المناسبة لجميع الأعمار، وكان لنجاح الدراما التركية، تأثير كبير على الدراما العربية، التي تأثرت بها من حيث الأفكار والقضايا المطروحة وطرق المعالجة الفنية وفنون وتقنيات التصوير والإخراج، خاصة في الدراما التاريخية والملحمية، إذ كان للدراما التاريخية التركية التأثير الأكبر في المشاهد العربي، من حيث الوعي الفكري، واكتساب الإرث التاريخي بشكل مبسط لجميع أفراد العائلة، كما كان للدراما الرومانسية تأثير كبير في المشاهد العربي الذي وجد ضالته في هذا النوع من الأعمال التي أشبعت لهفة المشاهد المتعطش للدراما العاطفية.
طبيعة ساحرة
اعتمد صناع الدراما التركية في أغلب أعمالهم على «عناصر الإبهار» في تنفيذ الأعمال، من حيث المناظر الطبيعية الساحرة التي تُختار بعناية في مواقع التصوير، إضافة إلى الملابس الأنيقة العصرية والديكورات المتميزة، حيث أنعشت الدراما التركية سوق الملابس والأكسسوارات والحلي التركية، واخترقت الأسواق العربية بشكل لافت، ولم يقف التأثر العربي بالدراما التركية في تقليد الموضة فحسب، بل امتد الأمر إلى الاهتمام بشراء الأثاث وديكورات المنازل حسبما يتم تداولها في الأعمال الفنية، كذلك استخدمت الطبيعة وتنوع المشاهد في تركيا واعتمدت على طبيعة خلابة تجمع بين الغابات والأنهار والشواطئ، بالإضافة إلى الأماكن التاريخية، وبالتالي فقد ساهمت الدراما التركية في زيادة أعداد السياح الوافدين من الدول العربية إلى أضعاف ما كانت عليه.
150 مسلسلاً
تحظى الأعمال الدرامية التي تنتجها هيئة الإذاعة والتلفزيون التركية (TRT) بتقدير ومتابعة كبيرين في مختلف أنحاء العالم، وتمّت ترجمة أكثر من 60 مسلسلاً درامياً من إنتاج (TRT) إلى العديد من اللغات لعرضها في أكثر من 100 دولة، ومن خلال المنصات البديلة للتلفزيون التقليدي، تصل أعمال هيئة الإذاعة والتلفزيون التركية إلى عدد متزايد من البلدان، وقد وصل عدد الإنتاجات للمسلسلات التركية حتى العامين الماضيين ما بين (TRT) والمنصات الرقمية الأخرى، إلى أكثر من 150 مسلسلاً.