توفي الباحث الفرنسي لوك مونتانييه الحائز جائزة نوبل للطب تقديراً لاكتشافه فيروس نقص المناعة المسبب لمرض الإيدز، الثلاثاء عن 89 عاماً في المستشفى الأميركي في مدينة "نويي سور سين"، على ما أفاد رئيس بلدية المنطقة الواقعة قرب العاصمة باريس جان كريستوف فرومانتان اليوم الخميس. ونال مونتانييه جائزة نوبل للطب عام 2008 بفضل اكتشافه عام 1983 مع شريكيه فرنسواز باريه-سينوسي وجان كلود شيرمان فيروس فيروس نقص المناعة البشرية (إتش أي في) المسبب لمرض الإيدز. لكنّ عالم الفيروسات الفرنسي أثار الجدل مرارا بسبب نظريات مختلفة أطلقها في السنوات الأخيرة تسببت له بانتقادات كثيرة من نظرائه في المجتمع العلمي. وعاد اسمه للتداول في السنتين الأخيرتين إثر إطلاقه فرضيات عن فيروس كورونا المستجد المسؤول عن جائحة كوفيد-19 نفاها المجتمع العلمي، بينها تلك التي ادعى فيه أن الفيروس طُوّر في المختبر وأن اللقاحات هي المسؤولة عن ظهور المتحورات. في ثمانينات القرن العشرين، انشغلت حفنة من المختبرات حول العالم باكتشاف مصدر مشكلة صحية غامضة سُميت مرض 4H، نسبة إلى كونه كان يصيب خصوصا أربع فئات تبدأ أسماؤها الإنجليزية بحرف H. كان مونتانييه، المولود في الثامن من أغسطس 1932 في منطقة إيندر وسط فرنسا، يقود حينها منذ 1972 مختبرا متخصصا في الفيروسات القهقرية وتلك المسؤولة عن الأمراض السرطانية في معهد "باستور" الفرنسي الشهير. في 1983، نجح مونتانييه مع شريكيه باريه-سينوسي وشيرمان في عزل فيروس قهقري جديد سمّاه مؤقتا LAV (Lymphadenopathy Associated Virus) بالاعتماد على عينة سحبها الطبيب ويلي روزنباوم من مريض شاب أقام لفترة في نيويورك. وقوبل الاكتشاف بالتشكيك، خصوصا من الباحث الأميركي الشهير روبرت غالو المتخصص في الفيروسات القهقرية. وقال مونتانييه بعد ثلاثة عقود على الاكتشاف "على مدى سنة، كنا نعلم أننا نجحنا في تحديد الفيروس (...) لكنّ أحدا لم يكن يصدقنا ورفضت منشوراتنا". في أبريل 1984، قالت وزيرة الصحة الأميركية مارغريت هيكلر إن روبرت غالو وجد السبب "المرجح" للإيدز، وهو فيروس قهقري سمي HTLV-III. لكن تبيّن أن هذا الفيروس مطابق بالكامل للفيروس القهقري LAV الذي اكتشفه فريق مونتانييه قبل عام. وحصل جدل كبير بشأن تحديد هوية المكتشف الحقيقي لفيروس العوز المناعي البشري، وهي مسألة ذات أهمية كبيرة في تحديد الجهة المخوّلة الحصول على العائدات المرتبطة بفحوص الكشف عن الفيروس. وانتهى الخلاف بحل دبلوماسي موقت سنة 1987، مع توقيع الولايات المتحدة وفرنسا تسوية وُصف فيها غالو ومونتانييه رسميا بأنهما "شريكان في الاكتشاف". غير أن الخاتمة الفعلية حصلت بعد عقدين، مع منح جائزة نوبل للطب ليس لغالو بل لمونتانييه وباريه-سينوسي.