استعاد ميشال روكاتي القدرة على المشي بفضل إنجاز جديد في عمليات زرع النخاع الشوكي، بعدما أصيب عام 2017 بشلل في الجزء السفلي من جسمه جراء حادث تعرّض له أثناء ركوبه دراجة نارية.وترسل شريحة نبضات كهربائية إلى عضلات روكاتي تحاكي عمل الدماغ، ويمكن أن تتمكّن يوماً ما من مساعدة أشخاص يعانون إصابات خطرة في العمود الفقري على الوقوف والمشي والتمرين.
واستند القائمون على هذا الإنجاز العلمي إلى مسار بحثي طويل اعتمد على استخدام النبضات الكهربائية لتحسين نوعية الحياة لدى أشخاص يعانون من إصابات في النخاع الشوكي، بما يشمل دراسة أجراها الفريق نفسه عام 2018 ساعدت أشخاصا مصابين بشلل في القسم السفلي من جسمهم على المشي مجدداً.
وقال روكاتي للصحفيين إنّ المرة الأولى التي شُغّلت فيها النبضات الكهربائية وتمكّن من السير خطوات شكّلت "تجربة مشحونة للغاية بالعواطف".
وأجريت الدراسة، التي نشرت نتائجها مجلة "نيتشر ميديسن"، على روتاكي واثنين آخرين عاجزين عن تحريك الجزء السفلي من أجسامهم بعد تعرضهم لحوادث.
وتمكّن المرضى الثلاثة من السير خطوات بعد فترة وجيزة على زرع شريحة يبلغ طولها ستّة سنتيمرات وضبط نبضاتها.
وقالت جراحة الأعصاب في مستشفى لوزان الجامعي جوسلين بلوخ إنّ "هذه الأقطاب الكهربائية أطول وأكبر من تلك التي زرعناها سابقاً، وتمكنّا من الوصول إلى مزيد من العضلات بفضل هذه التكنولوجيا الجديدة".
وبينما حبست الخطوات الأولى أنفاس الباحثين ومرضاهم، كان القيام بها صعباً وتطلّب اللجوء إلى قضبان دعم وقوة كبيرة من الجزء العلوي للجسم.
ويمكن للمرضى البدء في عملية إعادة التأهيل فوراً. وفي غضون أربعة أشهر، تمكّن روكاتي من المشي بالاعتماد فقط على هيكل لتحقيق التوازن.
غير أن غريغوار كورتين، وهو عالم أعصاب في المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا أشرف على البحث مع بلوخ، أشار إلى أنّ الأمر لا يشكّل معجزة فورية.
لكنّ روكاتي بات يتمكّن من خلال التدريب، من الوقوف ساعات والمشي لكيلومتر تقريباً. ويشير الإيطالي إلى أنّه أصبح بفضل الشريحة قادراً على شرب كأس من دون الحاجة إلى الجلوس والاستحمام واقفاً.
وأصبح روكاتي والمريضان الآخران المشاركان في التجربة، قادرين على صعود السلالم وممارسة السباحة.
يعتمد تحسّن الحالة على التحفيز الكهربائي الذي يُشغّل عبر جهاز كمبيوتر يحمله المريض وينشّط نمطاً من النبضات.
ويستطيع حالياً اثنان من المرضى تنشيط عضلاتهما بشكل طفيف من دون اللجوء إلى نبضات كهربائية.
وعلى سبيل المقارنة، تمكّن مرضى يعانون من شلل في الجزء السفلي وتطرقت إليهم دراسة سابقة من تحريك أرجلهم والوقوف من دون عملية تحفيز.
وكان  الرجال الثلاثة في التجربة الجديدة أصيبوا قبل عام على الأقل من غرس الشريحة، وتأمل بلوخ في أن تُعتمد هذه التكنولوجيا لدى أشخاص أصيبوا بشلل جراء حوادث حصلت حديثاً.
وتقول "نعتقد جميعاً أنّ الزرع سيكون له تأثير أكبر في حال حصل باكراً".
لكنّ الأمر ينطوي على تحديات، إذ في مراحل التعافي الأولى، تكون قدرة المريض متغيّرة، ما يجعل تحديد معيار أساسي لقياس التقدم أمراً صعباً، وقد يقف العلاج الطبي المستمر والألم عائقاً أمام عملية إعادة التأهيل.
تُعدّ الشريحة هذه مناسبة حتى الآن فقط لمن يعانون من إصابة فوق الجزء السفلي من النخاع الشوكي الصدري، وهو الجزء الممتد من قاعدة العنق حتى البطن، بسبب الحاجة إلى وجود ستة سنتيمترات من النخاع الشوكي تعمل بصورة طبيعية.
نشأت فكرة استخدام النبضات الكهربائية لمعالجة الشلل من التكنولوجيا المستخدمة لتنظيم الألم، وقال الباحثون إنهم يرون مجالًا لمزيد من التطبيقات.
وأظهروا كذلك أنّ النبضات الكهربائية تستطيع أن تنظّم انخفاض ضغط الدم لدى الأشخاص الذين يعانون إصابات في النخاع الشوكي، ويخططون قريباً لنشر دراسة حول استخدامها لدى من يعانون من حالة متقدمة من مرض "باركسنون".
وأشار الفريق إلى الحاجة لإجراء بحوث إضافية كثيرة قبل أن تصبح الشريحة متاحة خارج الدراسات السريرية، لافتين إلى أنّهم يتلقون يومياً خمس رسائل من مرضى يطلبون منهم المساعدة.
وتشمل خطتهم المقبلة تصغير الكمبيوتر الذي يتحكّم في النبضات ليصبح من الممكن زرعه لدى المرضى والتحكّم به باستخدام الهواتف الذكية.
ويتوقّعون أن يصبح الأمر ممكناً هذا العام، في ظل خططهم لإجراء تجارب واسعة النطاق تشمل بين 50 و100 مريض في الولايات المتحدة ثم في أوروبا.
ويوضح روكاتي أنّه يفعّل الشريحة يومياً في المنزل، ويلاحظ التقدّم المحرز.
ويقول "أشعر بتحسّن عند استخدامها".