أحمد عاطف (القاهرة) لا تزال المومياوات المصرية تذهل العالم حتى الآن وخاصة خلال خضوعها للدراسات العلمية والأبحاث لمعرفة أسرارها. وهو ما جرى أيضاً مع مومياء الفرعون «أمنحتب الأول» التي كشفت الكثير من الأسرار من خلال تقنية الأشعة المقطعية الرقمية وذلك من دون فك لفائفها أو الإخلال بقناعها الجنائزي. واكتشف الباحثون من خلال الصور الرقمية الثلاثية الأبعاد المتطورة تقنيات جديدة استخدمت في تحنيط الفرعون الذي يعود تاريخ حكمه إلى أكثر من 1500 سنة قبل الميلاد. وهي المومياء الملكية الوحيدة التي لم يتم فك اللفائف عنها في العصر الحديث وذلك حفاظاً على جمالها. وهي مغطاة بقناع جنائزي وبأكاليل زهور ملونة.
وبحسب البحث الذي نشر في مجلة «فرونتيرز» في الطب للدكتور زاهي حواس عالم المصريات الشهير ووزير الآثار الأسبق، والدكتورة سحر سليم أستاذة الأشعة بكلية الطب في جامعة القاهرة، فإن الفريق نجح لأول مرة منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة في إزاحة اللفائف بواسطة الكمبيوتر عن وجه الملك «أمنحتب الأول» ليتضح أنه يشبه بشكل كبير والده الملك «أحمس الأول» المحفوظ في متحف الأقصر. كما حددت الدراسة، بشكل دقيق، عمر الملك «أمنحتب الأول» وقت الوفاة وقدرته بـ35 عاماً. وكشفت الدراسة المصرية لأول مرة عن وجه الفرعون وعمره وحالته الصحية، بالإضافة إلى العديد من أسرار تحنيط المومياء وإعادة دفنها.
كان قد عثر على مومياء الملك «أمنحتب الأول» عام 1881 م في مخبأ الدير البحري الملكي في الأقصر حيث قام كهنة الأسرة الحادية والعشرين بإعادة دفن وإخفاء مومياوات العديد من الملوك والأمراء لحمايتهم من لصوص المقابر. بعد نقلها إلى القاهرة، تم فك اللفائف عن كل المومياوات الملكية وذلك في الفترة ما بين 1818 و1896 ما عدا مومياء الملك «أمنحتب الأول».
كما كشفت الدراسة معلومات مثيرة عن طريقة تحنيط الملك «أمنحتب الأول» المميزة، حيث اتضح أن وضعية تقاطع الساعدين على جسد مومياء الملوك (التي تسمى الوضعية الآوزيرية) لم تشاهد في من سبق الملك «أمنحتب الأول» واستمرت بعده في ملوك المملكة الحديثة. وأثبتت الدراسة أن المخ لا يزال موجودا في جمجمة الملك «أمنحتب الأول». فلم تتم إزالته في عملية التحنيط على عكس معظم ملوك المملكة الحديثة مثل «توت عنخ آمون» و«رمسيس الثاني» وغيرهما.
كما كشفت صور الأشعة ثلاثية الأبعاد الدقيقة في الدراسة عن وجود 30 تميمة في داخل المومياء وبين لفائفها وحزام أسفل ظهر مومياء الملك مكون من 34 خرزة من الذهب. وأتاحت الدراسة لأول مرة معرفة أسرار معالجة كهنة الأسرة 21 للمومياوات الملكية المتعلقة بإعادة دفنها في الخبيئتين الملكيتين في وادي الملوك والدير البحري.