ساسي جبيل (تونس) 

في مثل هذه الأيام، يقبل التونسيون بشكل كبير على أكل الرمان، الذي تتميز به بلادهم منذ القدم، كما تتميز بتنوع أصنافه، حيث يوجد ما لا يقل عن عشرين صنفاً، خاصة أن زراعة شجر الرمان في تونس تتجاوز 5 ملايين شجرة في مساحة إجمالية تقدر بـ 12 ألف هكتار موزعة على العديد من جهات، خصوصاً في واحات قابس، وقفصة في الجنوب التونسي، وسوسة بالساحل الشرقي، والقيروان (وسط)، وباجة ونابل وبن عروس بالشمال.
وشهد شجر الرمان في تونس، إقبالاً على غراسته واستهلاكه منذ القدم، نتيجة لقابليته للتأقلم مع مناخات عديدة بفضل قدرته على تحمّل الحرارة والبرودة والرطوبة والجفاف ومقاومته للملوحة في التربة والماء، وأيضاً لما له من فوائد جمّة على الجسم.
كما إنّ الرّمان وبحسب الأخصائي في التغذية محمد علي النهموشي، مضادّ للأكسدة ويحتوي على ألياف مفيدة للجهاز الهضمي ويساهم في تخفيض نسبة «الكوليسترول» في الدم ويمنع تصلب الشرايين، ويحتوي على سعرات حرارية قليلة، كما إنّه مفيد جدّاً في علاج عديد الأمراض مثل ارتفاع ضغط الدم وهشاشة العظام ومرض الشلل الرعاشي.
وأضاف النهموشي، أن للرّمان كذلك مزايا عديدة في الوقاية من السرطان مثل سرطان الثدي والرئة والجلد والبروستات، خاصة عصيره الذّي يقاوم الخلايا السرطانية، كما إن له فوائد أيضاً في تقوية المناعة بما أنّه غنيّ بفيتامين c، حيث يساعد على مقاومة التهاب المفاصل وأمراض مناعية أخرى.
أما من الجانب التاريخي، فقد أكد المؤرخ حسنين فنطر أن غراسة الرمّان في تونس تعود إلى العهد الفينيقي، مشيراً إلى أن الرومان اعتقدوا أن الموطن الأصلي لشجر الرمان هو شمال أفريقيا، وأطلقوا عليها اسم «التفاح البونيقي»، بينما في الواقع تم استيراد هذه الفاكهة من قبل الفينيقيين وكانوا يطلقون عليها اسم «تفاح قرطاج».
وتابع: أعطي اسمه لمدينة عريقة في إسبانيا وهي غرناطة (Granada)، باعتبار أن الرمان يعدّ من أشهر الفواكه في العالم، حيث يقدر ما يوجد في تونس وإسبانيا، فإنه أيضاً يُوجد في مناطق آسيا الوسطى وعلى ضفاف البحر المتوسط وفي الشرق الأدنى والصين والولايات المتحدة الأميركية وبعض المناطق في أميركا اللاتينية».
من جهته، قال الباحث المختص في التاريخ الأندلسي محمد الحمروني: إن «بعضهم اعتقد أن الرمان وافد على تونس من إسبانيا، والحال غير ذلك، باعتبار أن الأندلسيين لما دخلوا البلاد أدخلوا بعض المبادئ الأخرى وتقنيات زراعية جديدة ساهمت بلا شك في تطوّر زراعة الرمّان.