تسلم عبد الرزاق قرنح، اليوم الاثنين، جائزة نوبل للآداب، أبرز مكافأة أدبية عالمية، تقديرا لمؤلفاته عن الهجرة والاستعمار، خلال مراسم في بريطانيا، حيث يعيش الروائي المولود في زنجبار منذ أكثر من نصف قرن.
وبسبب القيود المتصلة بجائحة كوفيد-19، تُسلم جوائز نوبل للعلوم والآداب من دون الاحتفال الاعتيادي، في بلدان إقامة الفائزين، للسنة الثانية على التوالي.
في لندن، نال عبد الرزاق قرنح، ظهر اليوم، جائزته وشهادة الفوز من السفيرة السويدية ميكايلا كوملين غرانيت، قبل بضعة أيام من مراسم تقام في مقر بلدية العاصمة السويدية استوكهولم في العاشر من ديسمبر، ذكرى مولد ألفريد نوبل.
وقالت السفيرة السويدية للروائي الفائز: «في الأوضاع العادية، كنت ستتسلم جائزتك من صاحب الجلالة ملك السويد. لكن هذا العام، الجائحة فرضت علينا إقامة احتفال عن بعد. وبما أنك غير قادر على التوجه إلى استوكهولم، فإن ميداليتك وشهادتك لجائزة نوبل أُحضرتا اليوم إلى هنا».
وذكّّرت السفيرة بأن لجنة نوبل منحت قرنح الجائزة تقديرا لسرده «المتعاطف والذي يخلو من أي مساومة لآثار الاستعمار ومصير اللاجئين العالقين بين الثقافات والقارات».
وظهر الروائي البريطاني التنزاني الأصل مرتاحا ومبتسما أمام المصورين، وقد ارتدى بزة رسمية مع ربطة عنق ممسكا بالميدالية والشهادة. وشارك في المراسم أفراد من عائلته إضافة إلى ناشرة أعماله منذ فترة طويلة أليكساندرا برينغل.
وأشادت لجنة تحكيم هذه الجائزة المرفقة بمكافأة مالية قدرها عشرة ملايين كرونة سويدية (1,1 مليون دولار أميركي)، بتمسك قرنح «بالحقيقة وإحجامه عن التبسيط».
وعبد الرزاق قرنح، البالغ 72 عاما، هو أول كاتب من أصل أفريقي ينال جائزة نوبل للآداب منذ الجنوب أفريقي ج. م. كوتزي سنة 2003. وفاز بهذه المكافأة تقديرا لرواياته عن حقبة الاستعمار وما تلاها في شرق أفريقيا ومعاناة اللاجئين العالقين بين عالمين.
وُلد قرنح سنة 1948 في أرخبيل زنجبار قبالة سواحل الشرق الأفريقي والتابع حاليا لتنزانيا، وهو إلى إنجلترا في نهاية ستينات القرن العشرين بعد بضع سنوات على استقلال هذه المستعمرة البريطانية السابقة.
وبدأ الكتابة في سن 21 عاما في بريطانيا، البلد الذي حاز جنسيته، مستلهما ذكرياته وتجربته كمهاجر.
وقال قرنح، خلال مؤتمر صحفي أقيم في لندن غداة الإعلان عن فوزه بالجائزة مطلع أكتوبر «أريد الكتابة عن التفاعلات الإنسانية، وما يمرّ به الناس عند إعادة تشكيل حياتهم من جديد».
وقع عبد الرزاق قرنح في شباك الكتابة، بحسب تعبيره، في سن صغيرة من دون أن يكون قد خطّط لذلك، موضحا «بدأت أكتب بلامبالاة وبشيء من الخوف من دون أي تصوّر، مدفوعا برغبة في الإفصاح عن المزيد».
ونشر، منذ العام 1987، عشر روايات، فضلا عن قصص قصيرة. وهو يكتب بالإنكليزية حتى لو كانت السواحلية لغته الأم.
وتتطرّق رواياته الثلاث الأولى «ميموري أوف ديبارتر» (1987) و«بيلغريمز واي» (1988) و«دوتي» (1990) إلى تجارب المهاجرين في المجتمع البريطاني المعاصر.
وتميز خصوصا بروايته الرابعة «بارادايس» التي تجري أحداثها في شرق أفريقيا خلال الحرب العالمية الأولى. ورشّحت الرواية لجائزة «بوكر» الأدبية البريطانية العريقة.
ويعيش قرنح حاليا في مدينة برايتون في جنوب شرق إنجلترا، وقد درّس الأدب في جامعة كنت حتى تقاعده.
ويؤكد الروائي أنه سيستمر بعد فوزه بجائزة نوبل بالحديث صراحة عن مسائل طبعت مسيرته الأدبية ورؤيته للعالم. وقال «هذه طريقتي في الكلام، أنا لا أؤدي دورا بل أقول ما أفكر به».
وينتقد قرنح تشدد الحكومات الأوروبية مع المهاجرين الآتين من أفريقيا والشرق الأوسط، واصفا هذه السياسة بأنها قاسية وغير منطقية.
ونشرت روايته الأخيرة في العام 2020 تحت عنوان «آفترلايفز» ويتطرّق فيها إلى الاستعمار الألماني لأفريقيا.
وكانت 2021 سنة حافلة بالنجاحات للأدب الأفريقي، إذ حصد ثلاثة كتّاب أفارقة جوائز نوبل و«بوكر» و«غونكور» لهذا العام.