زرت ألبانيا هذه المرة، وفي عاصمتها تيرانا رأيت شفاه الناس تبتسم بحزن، فقد عاشوا أوقاتاً عصيبة من خلال حكم ديكتاتور زرع الأرض خوفاً من غزو في مخيلته، المخابئ العسكرية الخرسانية انتشرت في كل مكان في هذه الدولة، بمتوسط ​​5.7 مخبأ لكل كيلومتر مربع، أحدثكم اليوم عن ملاجئ ألبانيا الخرسانية.
زرت هذه الدولة بعد أن سمعت عنها الكثير، وهالني ما أحسسته في قلوب الناس من بغض لديكتاتورها السابق بشكل واضح، شخص لم يترك ممراً جبلياً أو شارعاً إلا واستخدمه لبناء أحد هذه المخابئ في فترة حكمه، كانت تكلفة البناء تستنزف موارد الدولة، فلم يهتم يوماً بنقص المساكن وسوء الطرق، وحظر زيارة الشوارع الرئيسية القريبة من مقر إقامته واستأثر بكل الخيرات. 
بدأ ببناء هذه المخابئ بعد نهاية الحرب العالمية الثانية ولم يتوقف إلا في عام 1983 بعدما أنهى كما ذكرت بناء 172.371 مخبئاً إسمنتياً، نعم الرقم ليست فيه أي مبالغة، تركت هذه الملاجئ الآن لتصبح مكاناً للمشردين والحيوانات السائبة وتم استغلال بعضها ليوضح للناس المرحلة الكئيبة من تاريخ هذه الدولة.
تم تشييد هذه الملاجئ من الخرسانة والصلب والحديد وتتراوح أحجامها بين حجم مكان يتسع لشخص أو شخصين مع فتحات للمسدس فقط إلى ملاجئ كبيرة تحت الأرض مخصصة للقنابل النووية وللاستخدام من قبل قيادة الحزب والبيروقراطيين.
 أكثر أنواع المخابئ شيوعاً هي ذات القبة الخرسانية الصغيرة في الأرض مع قاعدة دائرية تمتد إلى الأسفل، وهي مصممة لتتسع لشخص أو اثنين للوقوف بداخلها. عُرفت باسم Qender Zjarri – أي موقع إطلاق النار - أو QZ
كانت هناك أيضاً فئة ثالثة أكبر - وهي التي زرتها بنفسي - وهي مجمعات محصنة في الجبال بالقرب من العاصمة تيرانا، تم فيها بناء شبكة من الأنفاق يبلغ طولها حوالي 2 كيلومتر لحماية أعضاء وزارة الداخلية والشرطة السرية من أي هجوم نووي. يقال إن ألبانيا هي أكثر دولة فيها أنفاق بعد كوريا الشمالية، والقصص التي أحيطت بهذه المخابئ يشيب لها الولدان.
ألبانيا الآن - وعاصمتها تيرانا - إحدى دول البلقان والتي تحيط بها كوسوفو والجبل الأسود وتطل على البحر الادرياتيكي، وتبعد أقل من 75 كم عن إيطاليا، لغتها الألبانية وعملتها الليك الألباني، تتفاخر بشعار النسر الأسود ذي الرأسين، زيارتها كانت ممتعة ولم يتسنَّ لي إلا زيارة العاصمة ومدينة دورس الساحلية التي رأيت فيها ما يستحق العودة، بلاد تفتخر بتاريخها ولا تخجل منه، تسمع فيها صوت الأذان بوضوح، بدأت الاهتمام بالبنية التحتية لاستقبال السياح، رأيت فيها مقومات طبيعية متميزة ستجعلها وجهة جديدة لمحبي السفر إلى دول البلقان، هذه الدول التي تفاجئني في كل رحلة.