معتز نادي (أبوظبي)

داخل مرسمه في السويد يجلس نيكلاس إيلميد ليحدد التصور الذي ستظهر به الشخصيات الفائزة بجائزة نوبل، مهتماً بإبراز ملامحها للتعبير عن تفاصيلها كافة.
بضع ساعات يقضيها إيلميد مع بورتريهات الشخصيات دون أن يحدد خلال حديثه مع «الاتحاد» وقتاً زمنياً محدداً ودون الإجابة عن السر الذي يسألونه عنه كثيراً.. فقط ينظر إلى صورهم الشخصية ثم يشرع بألوانه المتعددة في تقديم عمله إلى العالم الذي ينتظر اسم وصورة الفائز بجائزة نوبل.

السؤال ذو الإجابة السرية
رسوم إيلميد تصبح متاحة عبر المنصات الإلكترونية لجائزة نوبل لتكون الرسالة الأولى في الكشف عن جهود الفائزين.. من السلام إلى الاقتصاد مروراً بالكيمياء والفيزياء وصولًا إلى الآداب وشتى المجالات التي تخدم البشرية.
«بسبب السرية المفروضة من لجنة جائزة نوبل؛ فهذا هو السؤال الأكثر شيوعًا الذي أتلقاه، ولكن للأسف لا أستطيع أن أخبرك بالضبط كم من الوقت سأحصل عليه لتقديم رسومي».. كلمات يقولها إيلميد في معرض تعليقه على السؤال الذي وجهته إليه: متى تعلم باسم الشخصية الفائزة لتبدأ في رسمها؟

الطريق إلى «نوبل»
إيلميد البالغ من العمر 44 عامًا درس الفنون الجميلة في المعهد الملكي للفنون باستوكهولم وكذلك الهندسة الكهربائية ورسومات الكمبيوتر المتقدمة في المعهد الملكي للتكنولوجيا في العاصمة السويدية مسقط رأسه وموطنه.
كما أنه أصبح بمرور الوقت رسام بورتريهات الشخصيات الفائزة بجائزة نوبل وأحد المشاركين بالرسوم المتحركة الخاصة بمنتخب بلاده لكرة القدم في السويد. 
في حديثه يكشف إيلميد أنه عمل مديراً فنياً ضمن الفريق الإعلامي المختص بجائزة نوبل وبات مسؤولاً عن كل المحتوى المرئي لها منذ عام 2012، مضيفاً: «هذا العام قمت بعمل أول رسومات بورتريه سريعة بقلم تحديد أسود، والسبب هو أنني لم أتمكن من العثور على صور لبعض الفائزين للنشر على المنصات الرقمية الرسمية لجائزة نوبل، وتم التقاط بعض الرسومات التخطيطية واستخدامها من قبل وسائل الإعلام الإخبارية الكبرى». وتابع: «عام 2014 حصلت على وظيفة لتكوين نمط مرئي للصور الرسمية»، في إشارة منه للشخصيات الفائزة.

ظلال زرقاء وصفراء
يقول إيلميد في حديثه عن أسلوبه في عرض رسوم شخصياته: «خطرت لي فكرة الخطوط العريضة السوداء مع الظلال الزرقاء والصفراء»، ليشير إلى أنه يعتمد على تكنيك متنوع يضم التلوين بـ«فينيل أسود وورق معدني ذهبي اللون على ورق أكواريل»، وفقًا لتعبيره.
بسؤاله عن تواصله مع الشخصيات الفائزة التي يرسمها وتنتشر صورها ببصمة ألوانه عبر منصات التواصل الاجتماعي في أنحاء العالم، أجاب: «لا»، مشيرًا إلى أنه فقط يرسمهم.
ويلفت الانتباه في الوقت نفسه إلى أن الفائزين لا يتواصلون معه، موضحاً: «أعتقد أن الفائزين بالجائزة مشغولون جدًا في التعامل مع من حولهم في العالم عند حصولهم للتو على جائزة نوبل»، لافتاً إلى أن بعض أقاربهم اتصلوا به رغبة منهم في شراء البورتريه الخاص بهم.

الرسالة
مصور نوبل نيكلاس إيلميد في حواره يقول إنه يركز في التعبير عن كل شخصية فائزة بشكلها الصحيح وسط طقوس عادية داخل مرسمه يعتمد خلالها على قدر يسير من الطعام كعادته اليومية ليخرج عمله في أفضل صورة. لم يكشف إيلميد قيمة المال الذي يتقاضاه مقابل كل رسم يعبر عنه بألوانه ليقدم إلى العالم وجه الشخصيات الفائزة، مبديًا تحفظه على الإجابة، لكن الأب الذي يعول 3 أطفال يقول عن أول مبلغ حصل عليه: «أعتقد أنني اشتريت لهم الطعام ودفعت الفواتير».
حين سألته عن مدى رغبته في وجود جائزة نوبل مخصصة للرسامين، قال بوضوح واقتضاب: «لا، أعتقد أن جائزة نوبل يجب أن تقتصر على فئاتها الحالية».
من إجابة إيلميد تجده ينظر إلى جائزة نوبل بأن لها «تأثيراً هائلاً وهي مصدر إلهام كبير لملايين الأشخاص حول العالم لصنع أشياء جيدة للبشرية»، ويوضح أنه يريد برسومه توصيل رسالة عاجلة إلى العالم «قوية وفريدة» في التعبير عن منجزهم.
يلخص رسالته في ختام حديثه: «أود أن يبدو الحائزون على الجائزة رائعين، ولدي اعتقاد أن صورهم مع الخطوط العريضة السوداء المرسومة على خلفية بيضاء لها تأثير قوي وحصري للغاية».