د. شريف عرفة

هناك صورة خيالية حالمة ترسمها الأعمال الرومانسية للعلاقة الناجحة.. إذ تكون مليئة بالانسجام والتآلف وتخلو تماماً من أي منغصات وصعوبات.. والمشكلة هي أن كثيراً من الناس يبدؤون علاقاتهم بذهن محمل بهذه الصورة الخيالية، التي تصطدم بصخرة الواقع، فيعتقد الشريكان أن علاقتهما ليست على ما يرام، رغم أن ما يحدث لهما طبيعي تماماً. العلاقة الزوجية أكثر تعقيداً من أي علاقة أخرى مرت على الشخص في حياته. فلا يوجد شخص يشاركك كل تفاصيل الحياة مثل شريك حياتك، رغم أنكما من خلفية مختلفة، بالإضافة للاختلاف الطبيعي بين الرجل والمرأة في التعاطي مع كثير من الأمور.. وهو ما ألهم كتاب التنمية الذاتية مثل جون جراي في كتابه «الرجال من المريخ ونساء من الزهرة»، وصولاً لعالم النفس جون جوتمان الذي كرس حياته البحثية في دراسة التواصل الزوجي الناجح.. بالطبع، الخطوة الأولى هي اختيار شريك الحياة المناسب الذي يشبهك في قيمك وطريقة تفكيرك.. فهذا ما يحدد «موضوعات» الخلاف وما إذا كانت أموراً عادية يمكن تجاوزها، أم تتعلق بأمور جوهرية تعكس تناقضاً في تصور أسس العلاقة ذاتها، وهو ما يتطلب مستشاراً زوجياً.
في الأحوال العادية.. ما هي الوصفة المثالية للتعامل مع الخلافات الزوجية؟
إليك بعضاً من النصائح العلمية..

حافظ على الهدوء
تحدث الخلافات الزوجية في كل الزيجات، حتى السعيدة منها. إذ إن مقياس نجاح العلاقة ليس الخلو من خلاف، بل في حدته وكيفية التعامل عند حدوثه. في دراسة نشرت في الدورية العلمية «فاميلي بروسيس»، استطاع جوتمان توقع انفصال الزوجين في المستقبل، عن طريق تحليل دقائق معدودة من كيفية تواصلهما معاً.. وكان من بين ما اكتشفه، أن الحفاظ على الهدوء أثناء الخلاف الزوجي كان من أهم المؤشرات التي تنبأت بجودة العلاقة وكفاءة تجاوز الزوجين لهذا الخلاف.

يتماشى هذا مع دراسات عديدة أخرى.. ففي دراسة أخرى للباحثة لورا سيلز نشرت نتائجها في الدورية العلمية «يويروبيان جورنال أوف سوشيال سايكولوجي»، وجدوا ما يؤكد أن الحفاظ على الهدوء وعدم التعبير عن مشاعر سلبية حادة، كان أمراً ضرورياً للحفاظ على تماسك العلاقة وتجاوز اختلاف وجهات النظر.. وضرورة تأجيل النقاش في الموضوعات الخلافية إلى أن تهدأ أعصاب الطرفين. الحفاظ على الهدوء أثناء الخلاف، قد يكون أكثر أهمية من الخلاف نفسه.. خصوصاً أن الخلافات لا تنتهي وستظل تتكرر بنفس الأسباب - بل ودون سبب - حتى في العلاقات الناجحة، حسبما يؤكد جوتمان.

عزز المشاعر الإيجابية
رغم أن أغلب النصائح الزوجية تركز على أفضل آليات حل الخلافات، إلا أن الوسيلة الأكثر تأثيراً هي زيادة الإيجابيات..  وجد جون جوتمان أن التواصل بين الزوجين في العلاقة الناجحة السعيدة، يتسم بزيادة العبارات والأحداث الإيجابية، بدرجة تفوق العبارات والأحداث السلبية بخمسة أضعاف.
بعبارة أخرى، حاول أن تعوض أي خلاف زوجي بخمسة تفاعلات إيجابية تعوض المشاعر السلبية الناجمة عن هذا الخلاف.

إيجابيات مثل ماذا؟ مثل عبارات المديح والإطراء.. الغزل.. عشاء رومانسي على ضوء الشموع.. ممارسة نشاط مشترك يستمتع فيه الطرفان معاً.. هواية مشتركة أو مسلسل مفضل أو تعاون أثناء إعداد الطعام.. وما إلى ذلك..

عادات الخلاف السلبية
يركز «منهج جوتمان في العلاج الزواجي» على ضرورة تجنب عادات سلبية يلجأ لها الزوجان أثناء الشجار.. وهي:
1- الهجوم الشخصي أو الإساءة: أي انتقاد الطرف الآخر أو التقليل من شأنه بقصد الإدانة أو الإساءة أو ادعاء التفوق الأخلاقي أو المعرفي.
- الحل: لا تستخدم صيغة الاتهام واللوم أثناء الخلاف، بل تحدث عن مشاعرك باستخدام عبارات تبدأ بكلمة «أنا» والتعبير عن مشاعرك واحتياجاتك دون إساءة للطرف الآخر «مثل: أنا شعرت بكذا عندما حدث كذا وأريد أن نفعل كذا.. دون اتهام..»، وذكّر نفسك بالصفات الإيجابية لشريكك وشعورك بالامتنان لوجوده في حياتك في الأساس.

2- الدفاعية: أي أن تجعل الخلاف مجرد صد للهجوم المتصور وعكس اللوم على الطرف الآخر، وكأنها مباراة يتم فيها تقاذف الاتهامات بهدف واحد هو إدانة الطرف الآخر.. هذا لن يحرز أي تقدم.. - الحل: الاستماع الجيد لمعرفة وقبول وجهة نظر الشريك.. وتحمل المسؤولية وتقديم اعتذار عند الحاجة عن أي تصرف ضايق الطرف الآخر. باعتبار أن أي خلاف يحمل في طياته مسؤولية مشتركة للطرفين.
3- الانسحاب الفوري: أي تجنب النقاش.. أو عدم الرد.. أو مغادرة الغرفة دون سابق إنذار مع تجاهل الطرف الآخر..
- الحل: تهدئة النفس.. اطلب من الطرف الآخر فتح الموضوع بعد أن تهدأ الأعصاب، وخذ قسطًا من الراحة تقوم فيه بشيء آخر يهدئ من أعصابك ويشتت انفعالك.