أحمد مراد (القاهرة)
في غالبية بلدان العالم، يتولى رئيس الجمهورية السلطة العليا في البلاد، ويتمتع بصلاحيات سياسية وتنفيذية واسعة النطاق، ولكن في بلدان أخرى يمارس الرئيس دوراً شرفياً، ويُمنح صلاحيات محدودة، وفي بعض الأحيان تكون سلطاته رمزية.
ألمانيا.. رئيس لا يحكم
رغم أن رئيس ألمانيا يتولى أعلى سلطة في الدولة، إلا أن مهمته الرئيسية تتمثل في تمثيل الدولة وليس حكمها، وصلاحياته وسلطاته ليست هي الأقوى في بنية الدولة، وقُلِّصت الصلاحيات المرتبطة بمنصب الرئيس بعد زوال النظام النازي، واعتماد نظام الحكم البرلماني الذي يعتبر منصب المستشار المنصب السياسي الرائد في البلاد والقائد الفعلي للدولة.
خارجياً، يمثل الرئيس الألماني الجمهورية الألمانية ومواقفها خلال زياراته إلى الخارج من خلال مداخلاته وخطاباته، ولكن التطبيقات في السياسة الخارجية، فهي من مهمة الحكومة الاتحادية ووزاراتها، أما داخلياً فهو رئيس لا يحكم، ويرمز إلى وحدة الدولة، حيث يجب عليه أن يكون محايداً تجاه كل الأحزاب، ولا ينتمي إلى أي حزب. ولا تدخل سلطات الرئيس الألماني في إطار السلطة الحكومية أو سلطة البرلمان أو المحاكم، ويقتصر دوره على إعطاء دفعة لتطوير الديمقراطية ودولة القانون، فضلاً عن نشاطه في الحفاظ على حقوق الإنسان، والعمل على الوحدة الأوروبية وحماية المناخ والبيئة، ورعاية التظاهرات المختلفة، والدعوة لإقامة تظاهرات وطنية وحفلات رسمية، والترحيب بسفراء الدول، وقبول أو رفض اعتمادهم، وتكريم الشخصيات بأوسمة تقديرية لخدماتهم للصالح العام في الدولة، ورعاية الأسر التي تحتضن 7 أطفال وأكثر.
وتشمل صلاحيات الرئيس الألماني الاتحادي التوقيع على المعاهدات التي توقعها ألمانيا مع الدول الأخرى، والتوقيع على القوانين التي يقرها البرلمان الألماني «البوندستاغ» والمجلس الاتحادي «البوندسرات»، ولا تدخل هذه القوانين حيز التنفيذ، إلا بعد توقيع الرئيس عليها، كما يحق للرئيس الاتحادي الدعوة إلى انتخابات جديدة في حال إن فقد المستشار أو المستشارة أغلبية الأصوات في البرلمان. يُنتخب الرئيس الاتحادي في ألمانيا من خلال المجلس الاتحادي الذي يتألف من أعضاء البرلمان، إلى جانب العدد نفسه من المنتخبين من أعضاء برلمانات الولايات الست عشرة، وتمتد الفترة الرئاسية في ألمانيا إلى 5 سنوات، ويمكن تجديد انتخابه لفترة رئاسية أخرى. وكان الرئيس الألماني الحالي، فرانك-فالتر شتاينماير، اُنتخب رئيساً للبلاد في الثاني عشر من فبراير عام 2017، وتنتهي فترة رئاسته العام المقبل، وكان الموضوع الأساسي لفترة ولايته هو الدفاع عن الديمقراطية البرلمانية وتعزيزها في ألمانيا والعديد من البلدان الأخرى.
إيطاليا.. رئيس لـ «الأزمات»
منذ عام 1946، تحولت إيطاليا إلى جمهورية ذات نظام برلماني، وطوال هذه الفترة تعاقبت عليها 64 حكومة، ويتمتع رئيس الحكومة بالصلاحيات والسلطات الأعلى في البلاد، أما الرئيس، فهو يمثل الوحدة الوطنية، ويتمتع بصلاحيات محدودة، ولكن دوره المهم يظهر بوضوح في حالة حدوث أزمة سياسية. والرئيس الإيطالي هو عضو دستوري ينتخبه البرلمان الشعبي الذي يضم ممثلي الأقاليم، وتمتد ولايته الرئاسية إلى 7 سنوات، وليس هناك مانع من إعادة انتخاب نفس الرئيس الذي انتهت ولايته.
يكفل الدستور الإيطالي لرئيس الجمهورية اختصاصات وصلاحيات عديدة، منها حق التمثيل الدبلوماسي، وتوثيق المعاهدات الدولية بالتعاون مع الحكومة، وإعلان حالة الحرب بعد موافقة الحكومة، وتعيين 5 أعضاء في مجلس الشيوخ، وتعيين رئيس الوزراء بعد المشاورات التوافقية، وتعيين بعض الموظفين الحكوميين ذوي الشأن الرفيع، وتولي رئاسة المجلس الأعلى للدفاع «سي إس دي»، ورئاسة المجلس الأعلى للقضاء «سي إس أم»، وتعيين ثلث أعضاء المحكمة الدستورية. ويحصل رؤساء الجمهورية السابقون على لقب الرئيس الفخري للجمهورية، ويتولون منصب عضو مجلس الشيوخ مدى الحياة. وفي 31 يناير عام 2015 اُنتخب سيرجيو ماتاريلا رئيساً لإيطاليا، ليكون الرئيس الثاني عشر للجمهورية الإيطالية.
إسرائيل.. حصانة مطلقة
تطبق إسرائيل نظام الحكم البرلماني، ومن ثم يُعد منصب رئيس الوزراء أقوى منصب سياسي فيها، ويأتي به الحزب أو الائتلاف الحزبي الفائز بالأغلبية البرلمانية، أما الرئيس، فهو شخصية غير حزبية يمثل جميع فئات وقطاعات الشعب، ويُنتخب من قبل الكنيست لفترة رئاسية واحدة مدتها 7 سنوات، ويعتبر منصبه فوق النقاشات السياسية، ولا يخضع أصحاب الوظائف والمناصب الذين يعينهم الرئيس للجهاز السياسي في الدولة. ويُنتخب الرئيس الجديد قبل انتهاء مدة الرئيس السابق بفترة زمنية تتراوح بين 30 إلى 90 يوماً حتى لا يحدث فراغ، ولكن في حالة وفاته أو إقالته أو استقالته يُنتخب رئيس للدولة خلال 45 يوماً.
أما صلاحيات الرئيس في إسرائيل، فتشمل التوقيع على القوانين التي يقرها الكنيست، عدا القوانين التي تتعلق بمنصبه، وتعيين الممثلين الدبلوماسيين الإسرائيليين في الخارج بتوصية من وزارة الخارجية، واستقبال مندوبي الدول الأجنبية في إسرائيل، والتوقيع على المعاهدات الدولية التي صادق عليها الكنيست، وتعيين القضاة للمحاكم، وتعيين أعضاء مجلس التعليم العالي، وتعيين رئيس الأكاديمية الإسرائيلية القومية للعلوم، وتعيين عميد بنك إسرائيل.
ويمنح القانون الإسرائيلي لرئيس الدولة سلطة تخفيف الحكم على السجناء والعفو عنهم، وتقليص مدة السجن المؤبد. كما يوفر القانون حصانة شخصية للرئيس، فلا يُحاكم أمام أي محكمة عادية أو خاصة تتعلق بأمر ذي صلة بوظائفه وصلاحياته، بحيث تكون حصانته مطلقه، ويحق له الامتناع عن الإدلاء بأي شهادة تتعلق بعمله كرئيس للدولة، وتبقى حصانته سارية المفعول حتى بعد انتهاء مدة رئاسته، ولا يغادر حدود الدولة إلا بموافقة الحكومة.
ولكن يحق للكنيست عزل الرئيس عن منصبه بعد تقديم شكوى حول قيام الرئيس بتصرف غير لائق، مرفقة بطلب عزله من منصبه، وذلك من قبل 20 عضواً من أعضاء الكنيست على الأقل، ويُعزل الرئيس عن منصبه بعد تصويت ثلاثة أرباع أعضاء الكنيست على الأقل.
وكان الكنيست الإسرائيلي قد انتخب في يونيو الماضي زعيم حزب العمل السابق، يتسحاق هرتسوغ، لمنصب رئيس الدولة ليكون الرئيس الحادي عشر لدولة إسرائيل.
إثيوبيا.. منصب شرفي
يُعد منصب الرئيس في إثيوبيا الواقعة في شمال شرق أفريقيا منصباً شرفياً بصلاحيات رمزية وفخرية، وسلطاته احتفالية إلى حدٍّ كبير، وبحسب الدستور الإثيوبي، فإن منصب رئيس الدولة يرمز لوحدة الدولة وسيادتها، ولا يتمتع بأي صلاحيات تنفيذية، حيث تتركز السلطة التنفيذية في يد رئيس الوزراء، وهو أقوى شخصية في السياسة الإثيوبية، ويُختار من قبل الحزب الفائز بالأغلبية في مجلس النواب، ويمثل بلاده في اجتماعات القمة الدولية الكبرى، والمقر الرسمي لرئيس الوزراء هو «قصر مينليك» في أديس أبابا.
وخلال أكتوبر من عام 2018، اختار البرلمان الإثيوبي السيدة سهل ورق زودي رئيسة للبلاد، وتُعد أول امرأة تشغل هذا المنصب الفخري، وهي رابع رئيس لإثيوبيا منذ إقرار دستور 1995 الذي ينص على انتخاب الرئيس لولايتين على الأكثر، كل منهما ست سنوات.