لكبيرة التونسي (أبوظبي)

عندما فكر منصور التميمي، المتخصص في مجال المياه الجوفية بقطاع الجودة البيئية بهيئة البيئة- أبوظبي، في ابتكار آلة «حاسبة المحاصيل ودراسة استخدام المياه في مزارع النخيل»، حيث يعتبر هذا الابتكار من المشاريع البحثية الرائدة لإعداد برنامج لحساب كميات المياه اللازمة لري المحاصيل الزراعية، وفقاً للظروف الطبيعية والمناخية وطبيعة التربة في إمارة أبوظبي، والذي يستخدم أيضاً لتنظيم وترخيص الضخ من الآبار الجوفية بالإمارة، فإنه فكر في استدامة هذه المادة الحيوية، مستخدماً الذكاء الاصطناعي، بحيث ستوفر هذه التقنية نحو 500 مليون متر مكعب من المياه سنوياً، وذلك وفقاً لمشروع حاسبة المحاصيل، وبرنامج حساب المقننات المائية لمزارع النخيل والمحاصيل والغابات في إمارة أبوظبي، الذي يعتبر أحد أهم المشروعات التطبيقية التي تقوم بها الهيئة.
وفق دراسات وأبحاث.. أصبح الذكاء الاصطناعي يلعب دوراً حيوياً في الوقت الحالي في جميع المجالات، بما فيها البيئة والاستدامة والتصدي للتغيرات المناخية، حيث أكد عبدالله الحمد الباحث بيئي أنه أصبح من السهل إيجاد بعض الحلول للبيئة عبر الذكاء الاصطناعي، وشدد على ضرورة اتباع الممارسات الصديقة بالبيئة، مثل الزراعة المستدامة عبر استخدام أدوات ذكية لترشيد المياه، ومراقبة جودة التربة، وتنظيف الهواء، وذلك للتقليل من الآثار السلبية للمشاكل البيئية، مؤكداً ضرورة انخراط أفراد المجتمع في ذلك لضمان استدامة الأرض.
وأكد خبراء أن الذكاء الاصطناعي بات ضرورة لمساعدة المجتمعات على التصدي للتغير المناخي ومعالجة الفقر وعدم المساواة، ووقف الخسارة الكبيرة للتنوع البيئي، وفي الإمارات تتضافر الجهود لجعل أبوظبي مركزاً عالمياً رائداً في قيادة مستقبل التنمية المستدامة، من خلال تبني الذكاء الصناعي والتحول الرقمي واستشراف المستقبل في الإدارة البيئية، فكيف تعمل هيئة البيئة أبوظبي على استثمار الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات للحفاظ على البيئة، لاسيما في ترشيد الماء..الكهرباء.. وإنتاج النفايات؟.

نظام رقمي
وقالت شيخة الحوسني- المدير التنفيذي لقطاع الجودة البيئية، هيئة البيئة-أبوظبي إن هيئة البيئة توظف تقنيات الذكاء الاصطناعي، والذي يتوافق مع استراتيجية دولة الإمارات للذكاء الاصطناعي، من خلال تسخير نظام رقمي ذكي متكامل من أجل التغلب على التحديات وتوفير حلول سريعة وفعّالة. 

  • شيخة الحوسني

حاسبة المحاصيل
وأضافت: من أمثلة استعمال الذكاء الاصطناعي في ترشيد المياه استعمال تقنية حاسبة المحاصيل في ترشيد المياه، لاسيما أن الجوفية منها تعتبر مصدرًا رئيساً للمياه في دولة الإمارات وإمارة أبوظبي بشكل أخص وهذا المورد يزود ما يقرب من ثلثي الطلب الإجمالي على مياه الري، ويعتبر الري ضروريًا للمزارعين.

جودة التربة
وأما بالنسبة للتربة فيمهّد برنامج مراقبة وإدارة التربة التابع لهيئة البيئة - أبوظبي الطريق لوضع نهج استباقي لحماية وإدارة جودة التربة، ويهدف هذا المشروع بشكل أساسي إلى تعزيز طرق تنفيذ برامج المراقبة التقليدية، وتسليط الضوء على المناطق التي تحتاج إلى معالجة أو تعاف، أو حماية للوصول إلى بيئة مستدامة، وقال محمود عثامنة، مدير قسم جودة التربة، قطاع الجودة البيئية، هيئة البيئة – أبوظبي إنه تم استخدام منهجيات رائدة تجمع بين الاستشعار عن بُعد والذكاء الاصطناعي والطائرات دون طيار والمسح الميداني لتحسين دقة وكفاءة مراقبة التربة وإدارتها، وذلك من أجل حماية التنوع البيولوجي في التربة وإدارتها على نحو مستدام من أجل غد أفضل.

إدارة النفايات
وفي مجال إدارة النفايات، فإن الهيئة عملت على تصميم وتطوير أنظمة وأدوات إلكترونية لترخيص وتقييم المخاطر والامتثال والإنقاذ البيئي لتحليل الوضع البيئي وترتيب الأولويات والاستفادة القصوى من الموارد المتاحة، بشكل يتيح لمنشآت إدارة النفايات المرخصة من الهيئة أن تبقى على دراية بأفضل الممارسات الفنية والإدارية الدولية لتستمر في تعزيز الممارسات البيئية والتصدي للتغيرات المناخية لتحقيق التنمية المستدامة والتوازن بين التطور المتنامي وتشجيع الاستثمارات وحماية البيئة.

التغيير المناخي
وفي مجال مراقبة جودة الهواء والضوضاء والتغير المناخي كانت هيئة البيئة أبوظبي من أوائل الجهات التي استخدمت الذكاء الاصطناعي في أنشطة مراقبة ورصد انبعاثات الملوثات الضارة ومستوياتها، حيث ترصد الهيئة هذه الملوثات من خلال شبكة متطورة مكونة من عشرين محطة ثابتة لمراقبة جودة الهواء المحيط تغطي إمارة أبوظبي، تقيس كل محطة 17 عنصراً تتوزع بين ملوثات وأرصاد جوية بشكل مستمر كل دقيقة من خلال مجسات إلكترونية موثوقة وتنشر بياناتها كل ساعة في موقعها الإلكتروني www.adairquality.ae وفي التطبيقات الهاتفية ومنصات مراقبة جودة الهواء المختلفة دون أي تدخل بشري مباشر في ذلك، حيث يمكن للجمهور الوصول بشكل مباشر إلى البيانات ومؤشر جودة الهواء للتعرف على نوعية الهواء أينما كانوا.

  • شيخة الحوسني مع فريق مراقبة التربة (من المصدر)

رصد الانبعاثات
وتعمل الهيئة على تنفيذ مشروع لإنشاء البنية الأساسية لنظام ربط إلكتروني ذكي وشامل ومتكامل وحديث جدا قادر على جمع بيانات الرصد بشكل مستمر ودقيق من أنظمة المراقبة المستمرة لانبعاثات الملوثات من مداخن المنشآت الصناعية وهيكلتها بالشكل المناسب وذلك بهدف توفير هذه البيانات للهيئة والجهات المعنية في الإمارة بجودة عالية لدعم وتحسين أنشطتها المختلفة مثل أنشطة إدارة ومراقبة جودة الهواء وغازات الدفيئة وتحسين العمليات المرتبطة به، مثل عمليات الترخيص والتقييم والتفتيش ووضع السياسات والتشريعات وأنشطة الجرد والإبلاغ عن الانبعاثات المختلفة في إمارة أبوظبي، بالإضافة إلى دعم متخذ القرار بموضوع وضع الخطط المناسبة للتقليل من انبعاثات الملوثات من القطاع الصناعي في الإمارة.

تحليل البيانات
تعمل الهيئة على استخدام الذكاء الصناعي في عملية مراقبة الانبعاثات الناجمة عن عوادم المركبات أثناء سيرها في الطرق وبشكل مستمر، وبناء قاعدة بيانات حول كل مركبة ودرجة مساهمتها في الانبعاثات، وتحليل هذه البيانات بشكل مستمر وإعطاء النتائج بشكل مناسب للهيئة والجهات المعنية في أبوظبي هو أحد المشاريع المهمة التي خططت الهيئة لتنفيذه خلال المرحلة القادمة، والذي سيوفر المعلومات المناسبة لمتخذ القرار في موضوع وضع الخطط المناسبة للتقليل من انبعاثات الملوثات في قطاع النقل في الإمارة.