هناء الحمادي (أبوظبي) 

صناعة مجسمات القوارب، أيقونة الموروث في البيوت، والهوية البصرية التي تستعيدها ذاكرتنا من خلال مجسم جميل لسفينة مشغولة يدوياً، بالأخشاب الطبيعية، تتباهى بها غرف الاستقبال في المنازل لتقدم هوية مميزة بطابع إبداعي. هذه الصناعة رغم أنها لا زالت مستمرة حتى اليوم، إلا أن قلة قليلة من الحرفيين، والصُناع المهرة يعملون بها بإنتاج متواضع وحسب الطلب.

مجسمات للزينة 
مال الله سيف الحمادي من سكان منطقة المرفأ التابعة لإمارة أبوظبي يعمل بحرفة نحت مجسمات نماذج من سفن الماضي الشراعية يتفنن في إبداعها، ولا يستهين بأي من تفاصيل فنها الذي يرى أنه ينبغي أن يصل إلى جيل اليوم مكتمل الملامح.
نحو 30 يوماً يمكثها الوالد مال الله سيف على كل مجسم من مجسمات سفنه التي يصنعها من الخشب ومن يقترب منه يسمع وقع الضربات المتتالية من يده ووسط قطع الخشب الصغيرة المتناثرة وبينما ينهمك بتفاصيل الزوايا والانحناءات على متن اللوح الممدد أمامه يتذكر زمن الغوص الجميل وصناعة السفن الخشبية الشراعية التي استخدمت في رحلات الغوص بحثاً عن اللؤلؤ وصيد الأسماك والتبادل التجاري حيث كان الناس يتنقلون بها من بلد إلى بلد عبر البحار والمحيطات ولم يبق لهذا النوع من السفن أثر سوى مجسمات تصنع للزينة لربط الماضي بالحاضر.

ذاكرة شعبية 
وقال: وهو يجفف جبهته من العرق «لا بأس إذا كانت هذه المجسمات تحيي التراث المحلي وتبقيها في الذاكرة الشعبية حية للأجيال القادمة وتحافظ على مكتسباتنا من هذا التراث العريق.. مضيفاً: هذه الحرفة بالنسبة لي ليست وليدة اللحظة بل هي مشوار طويل بدأته منذ الصغر في رحلاتي مع النواخذة حيث كنت أراقب دائما واشعر بميل في نفسي لتعلمها وممارستها هذه الحرفة، وما زالت إلى الآن أقوم بصناعة مجسمات «البوم» وهي نوع من أنواع السفن التي تبحر عباب البحر من أجل استخراج اللؤلؤ ولرحلات الصيد في الماضي. 

مراحل 
وعن كيفية صنع هذه المجسمات أوضح «لا فرق في صناعة السفن الحقيقية والمجسمات التي نصنعها إلا أن السفن الحقيقية تحتاج إلى أيد عاملة وفترة زمنية أطول، أما المجسم فيحتاج إلى يد واحدة فقط تعمل به لمدة شهر كامل. حيث تمر بعدة مراحل ما بين التقطيع إلى التركيب إلى التلميع والتجفيف ووضع الصبغ وغيرها من المراحل المهمة التي تحتاج إلى طول البال والصبر ليخرج العمل متكاملاً وبالشكل المطلوب في الدقة والجمال.

قصص وحكايات 
تحتفي الذاكرة الشعبية الإماراتية بالكثير من القصص والحكايات المرتبطة بهذه الحرفة، سواء من خلال وصف الشعراء لصناع السفن ومهنتهم، أو رحلات الغوص على اللؤلؤ.
وتزخر الأمثال الشعبية بالكثير من القيم الوجدانية والتراثية التي تحيل إلى حضور هذه المهنة الفاعل في حياة الناس ومعاشهم.

أدوات الحرفة 
هناك الكثير من الأدوات الأخرى التي تستخدم في صناعة السفن وهي: المجدح، المنشار، (القدوم)، المطرقة، السكني، المنقر، الرندة، القوبار، المسامير، وثمة أدوات أخرى يستخدمها صانع السفن يوظف فيها عبقريته ومهارته في هذه الصناعة.