أحمد مراد (القاهرة)

درجات حرارة مرتفعة ليلاً ونهاراً، ورطوبة عالية، وأجواء ساخنة تشهدها الدول الخليجية، خلال الفترة الممتدة من منتصف يوليو وحتى مطلع سبتمبر من كل عام.. فما سببها؟.. ومن أين تأتي؟ السبب يعود إلى ما يُعرف بـ «جمرة القيظ» التي تتسم بالحر الشديد حتى الساعات المتأخرة من الليل، فضلاً عن أشعة الشمس الحارقة نهاراً، وارتفاع الرطوبة على السواحل، وشدة هبوب رياح السموم الساخنة. وظل مصطلح «جمرة القيظ» متداولاً في دول الخليج العربي منذ 200 عام، والجمر، هو الأشد حرارة من النار نفسها، والقيظ هو معنى لحرارة الصيف، ومن ثم تُشير عبارة «جمرة القيظ» إلى أكثر فترات فصل الصيف ارتفاعاً في درجات الحرارة بالمنطقة الخليجية.

منخفض الهند الموسمي
يرجع السبب في ارتفاع درجة الحرارة، خلال فترة جمرة القيظ إلى تأثر شبه الجزيرة العربية بمنخفض الهند الموسمي الذي يزداد نشاطه خلال هذه الفترة، ويمتد إلى بحر قزوين وصحراء إيران، ويُحتبس في جبال زاجروس الواقعة شرق العراق، ثم يتحول إلى تيارات هوائية ساخنة تجتاح العراق والكويت والسعودية. وخلال هذه المرحلة تبدأ الرطوبة في التشكل على السواحل، وتتخلق السحب الكاتمة للأجواء، وعند انتهاء هذه الفترة يبدأ الحر اللاهب ينكمش، وتتحسن الأجواء بداية من مطلع شهر سبتمبر. وبحسب ترجيح بعض خبراء المناخ والطقس تُعد مياه الخليج العربي والبحر الأحمر وبحر العرب السبب الرئيس للرطوبة الصيفية التي تؤثر على مناخ سواحل شبه الجزيرة العربية، وهي التي تزيد من الشعور بالحرارة، باستثناء سواحل بحر العرب المتاخمة لرياح المونسون الباردة والمعتدلة.

4 موجات
تتكرر خلال جمرة القيظ ما يُعرف بـ «وغرات القيظ»، وهي موجات حارة ترتفع فيها درجات الحرارة بمقدار لا يقل عن 4 درجات عن المعدلات الطبيعية، وقد عرف العرب هذا المصطلح منذ مئات السنين، والوغرة تعني شدة توقد الحر مع شدة هبوب رياح السموم الحارة الجافة، وقديماً كان العرب يقولون: «إن الرجل ليظمأ بين الحوض والبئر من شدة الحر أثناء الوغرات»، وصنف العرب هذه الوغرات إلى 4 وغرات، وهي: 
الأولى: وغرة الثريا، وهي من 7 يونيو إلى 2 يوليو مع طلوع نجمي الثريا وتابعه الدبران.
الثانية: وغرة الجوزاء، وهي من 3 إلى 28 يوليو مع طلوع نجمي الهقعة والهنعة.
الثالثة: وغرة المرزم، وهي من 29 يوليو إلى 10 أغسطس مع طلوع نجمي الذراع، وهو وقت طلوع نجم الشعرى اليمانية أو المرزم.
الرابعة: وغرة سهيل، وهي من 11 أغسطس إلى 5 سبتمبر، وتتزامن مع بداية طلوع نجم سهيل، ومع طلوع نجمي النثرة والطرف.

3 مراحل
تتزامن جمرة القيظ مع بداية موسم الجوزاء، وبحسب علماء الفلك والمناخ، تنقسم ظاهرة جمرة القيظ إلى 3 مراحل، وهي: الأولى تُعرف بـ «الجوزاء» وفيها تبلغ حرارة الجو مستويات قياسية، والمرحلة الثانية تُعرف بـ «موسم المرزم»، والثالثة تُعرف بـ «جمرة الكليبين».

الحرارة 50 درجة مئوية
«جمرة القيظ»، عبارة عن ظاهرة موسمية تشهدها الأجواء المناخية في أجزاء واسعة من شبه الجزيرة العربية، وتشمل المملكة العربية السعودية والإمارات، والكويت، وقطر، إضافة إلى بعض الدّول العربية الأخرى، مثل: العراق، وليبيا، والجزائر، وتمتد لفترة زمنية ثابتة في كل عام. وتوصف هذه الفترة بأنها أشد الفترات حرارة على مدار العام، حيث يشتد فيها الحر، وترتفع درجات الحرارة بشكل لافت لتتراوح ما بين 45 - 50 درجة مئوية في الظل، وقد تصل إلى درجات أعلى من الـ 50 درجة مئوية في المناطق الصحراوية والمعرضة لأشعة الشمس مباشرة. وتتكرر موجات الطقس الحارة خلال هذه الفترة، وتبدأ الحرارة في الانخفاض آخر الليل مع نشاط الهواء الرطب عند نهاية شهر أغسطس.