لكبيرة التونسي (أبوظبي)

مدفوعة بشغف البحث وحبها لبيئتها التي نشأت فيها، عملت بثينة سالم سعيد القبيسي «باحثة في تراث وتاريخ إمارة أبوظبي» على توثيق كل ما يدور حول الأزياء والحلي وزينة المرأة وأزياء الرجال في أبوظبي وجمعته في كتاب من 8 أبواب تحت عنوان: ملابس وحلي سكان إمارة أبوظبي قبائل حلف بني ياس (1850- 1950) من إصدار مركز زايد للدراسات والبحوث بنادي تراث الإمارات، لتضعه بين يدي القارئ، مدعوماً بصور ورسومات نفذتها بنفسها وبشهادات حية من كبار المواطنين الذين عايشوا المرحلة أو الذين سمعوا عنها من آبائهم وأجدادهم. 
بثينة القبيسي تفرغت للكتابة وللبحث التاريخي العلمي، بعد أن عملت في المجال البيئي لأكثر من 14عاماً، ليظهر الكتاب الذي يحفل بالعديد من المعلومات التاريخية والاجتماعية، مُوظِّفة ما تمتلكه من أدوات علمية في البحث وفي التأريخ والتوثيق.

توثيق
ويتضمن الكتاب التاريخي التوثيقي لبثينة القبيسي 8 أبواب، تتحدث عن ثقافة الحلي والملابس الخاصة بسكان أبوظبي في الفترة الممتدة من بدايات القرن التاسع عشر حتى النصف الأول من القرن العشرين، مستندة في مادتها إلى الروايات الشفهية التي استقتها من سيدات المجتمع الظبياني على الأخص، إلى جانب العديد من المصادر التاريخية وما حملته عدسة كاميرتها من صور توثق العديد من قطع الزينة النادرة. 

جمال
وقالت القبيسي، إنها رسمت ملامح ثقافة الجمال لدى المجتمع الإماراتي، خاصة لدى المرأة، وربطتها بسياقها التاريخي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي السائد في المنطقة في تلك الفترة، موضحة أن هذا الجمال كان إفرازاً طبيعياً لجميع تلك المؤثرات، وهذا ما يميز دراستها التحليلية الوصفية التي تناولت زينة المرأة في الإمارات. 

هوية 
وأشارت إلى أنها وثقت ما مرت به أزياء المرأة الإماراتية وحليها وأزياء الرجال من مراحل عدة من التغير والتطوّر، متأثرة باكتشاف الثروة النفطية وضغوط التمدن والعولمة، وعلى الرغم من احتضانها الحداثة، فإنها بقيت محافظة على هويتها الاستثنائية.

تحديات 
وأوضحت أنها وهي في طريقها للبحث عن تاريخ الأزياء والحلي الإماراتية الخاصة بالرجال والنساء وحتى الأطفال، وما يحيط بعالم الجمال من تطيب وحناء وكحل وغيرها من مواد الزينة، جابت إمارة أبوظبي من شرقها لغربها ومن شمالها لجنوبها، قاصدة كبار المواطنين، منهم من نقل لها قصة الأزياء والحلي، ومنهم من زودها بقطع قديمة ووضعها بين يديها لالتقاط صور تعزز بها كتابها وتجعلها شاهدة على مرحلة ضاربة في القدم، إلى جانب سيدات المجتمع اللواتي فتحن لها خزائنهن الخاصة لتلتقط صوراً نادرة لحلي أو أقمشة لتعزز بها بحثها القيم، مؤكدة أنها قضت أكثر من سنتين في البحث والتنقيب عن المعلومات واستقاء التاريخ الشفهي، ورغم ما اعترضها من تحديات، إلا أن حسها الوطني وشعورها بالمسؤولية تجاه توثيق تاريخ أجدادها جعلاها تتكبد عناء البحث لتخرج بهذا الكتاب القيم، الذي فتح لها شهيتها لكتابة وتوثيق جوانب أخرى من تاريخ المنطقة، مؤمنة بأن الأزياء تعكس العديد من الأمور المهمة، من بينها التاريخ والثقافة والجغرافيا والديموغرافيا، لافتة إلى أن حكايات الأزياء التاريخية ذات أبعاد عميقة جداً في المجتمع وتعكس حياة منطقة برمتها، لافتة إلى أن هذا البحث جعلها توطد علاقاتها بمختلف الناس الذين زارتهم. 

  • بثينة القبيسي أثناء توقيع كتابها في معرض الكتاب

زمن البحث
وأكدت أنها تفرغت للبحث التاريخي العلمي، وهدفها الشاغل هو إحياء التراث الفكري والمعنوي وتطبيقه في الحياة اليومية لنقله إلى المجتمع وإيصاله إلى الأبناء، بشكل عام، وإسقاط سلوكيات التكافل المجتمعي قديماً على الوقت الآني والعودة إلى ما كان عليه المجتمع، من قوة وتعاضد، مؤكدة أنها بدأت تجميع المادة العلمية منذ 2007، بينما استغرقت زيارتها لكبار المواطنين وقتاً طويلاً، كان أكبرهم شخص يبلغ من العمر 95 عاماً، حيث جابت جميع مناطق إمارة أبوظبي بما فيها جزيرة دلما، باحثة عن المعلومات من منبعها، حيث استغرق ذلك سنتين متتابعتين، ولا تزال سائرة في طريق البحث لتوثيق جوانب أخرى من تراث إمارة أبوظبي.