لكبيرة التونسي (أبوظبي)

للحد من الطلاق ولحماية الأطفال من آثاره النفسية والاجتماعية السلبية، نظمت مؤسسة التنمية الأسرية «عن بُعد» سلسلة ورش تثقيفية مؤخراً للتوعية وإدارة الطلاق، ورسم خريطة طريق في حالة وقوعه، حتى لا يضر بالأطفال وينعكس على حياتهم.
وقالت نورة مجاهد عبدالله اختصاصي تثقيف صحي بمؤسسة التنمية الأسرية: إن الطلاق قرار مرعب يتسبب حدوثه في خلخلة الأسرة، ويؤدي إلى فقدان الحياة المستقرة، وأول المتأثرين بهذا القرار هم الأطفال الذين يفتقدون الحياة الأسرية الهانئة، ما يتسبب لهم في صدمة قاسية، مؤكدة أن مؤسسة التنمية الأسرية قدمت ورشاً، منها «احتووا أبناءكم فالطلاق مسؤولية»، «أبنائي والطلاق كيف أتصرف؟»، «الطلاق الآمن»، «أسر مختلطة تنعم بالاستقرار».

توعية 
من جهتها، قالت الدكتورة هبة شركس مستشار الصحة النفسية والعلاقات الأسرية: من الآثار النفسية للطلاق على الأبناء الشعور بفقدان الأمان، الإحساس بالغضب، فقدان الثقة في الأبوين، الحزن الانطواء، البحث عن الأمان خارج المنزل، الشعور بالخجل، والعديد من الآثار التي تختلف من مرحلة عمرية إلى أخرى.

مراحل عمرية 
الدكتورة عفاف محمد الجاسم استشاري اجتماعي وأسري أكدت أن الأبوين عندما يقرران الانفصال تكون الصدمة على الطفل كبيرة جداً، مشيرة إلى أن الطلاق يؤدي إلى تأخر في الكلام، والشعور بالغربة أثناء زيارة الأب أو الأم غير الحاضنين، ينمي الإحساس بأن المنزل أقل تحفيزاً على إقامة علاقات اجتماعية عند الرضع من الولادة حتى سنتين، أما الأطفال من 3 إلى 5 سنوات فإنهم يشعرون بالحزن وينتابهم الغضب والقلق، ويصبحون أقل من ناحية الاستقرار النفسي، ويظهر ذلك في صورة فرط الحركة، ونقص الانتباه والعزلة، وعدم اللعب مع الأصدقاء والسلوك المضطرب معهم، بينما الأطفال من 6 إلى 8 فتعتبر أصعب مرحلة للتكيف مع طلاق الوالدين، خاصة للأبناء الذكور، وذلك لأن غياب الأب يفقد الابن نموذج الذكر الثابت الذي يمكنه أن يتوحد به ويظل قدوة له، وتتسم هذه المرحلة بالبكاء والشعور بالرفض تجاه الأب الذي ترك البيت، أما الأطفال من 9 إلى 12 سنة، فينتابهم الحزن، والانحياز لطرف ضد آخر، اللوم والعدوانية، خاصة عند الأبناء الذكور، تراجع في الدراسة، بخلاف البنات اللواتي يكن أكثر طاعة للأمهات، أما المراهق فتعامله مع طلاق الوالدين أفضل من الفئات العمرية السابقة، خاصة إذا كانت شخصيته قد تبلورت وله أصدقاء ويتمتع باستقلالية شخصية، ويمكنه مساعدة والديه على تجاوز صدمة الطلاق، ولكن قلة منهم قد تعاني مشاعر الغضب يترجمها في تصرفات غير لائقة، وقد يصبح مكتئباً ومنسحباً من الأسرة والأصدقاء.
وأضافت: علاقة الوالدين المبنية على الاحترام والتقدير، والاتفاق على تربية الأبناء بعد الانفصال يمنح الأبناء نوعاً من الاستقرار النفسي ويقوي علاقة الآباء والأمهات بأبنائهم، والإبقاء على علاقة تفاعلية، وأن لا يكون هناك صراع بينهما، وتخصيص وقت كاف للأبناء يقضونه مع كلا الوالدين بما يحقق إشباعاتهم النفسية، فالوالدية المشتركة هي الشرط الوحيد الذي يمكن أن يلبي حاجات الطفل بعد انفصال الوالدين.
وأكدت أهمية منح الطفل الأمان وإشعاره بذلك، وعدم تشويه صورة الطرف الآخر لديه، وعدم استخدامه كوسيط للحصول على معلومات من الطرف الآخر.

طلاق آمن 
وعن أضرار الطلاق، أكدت الجاسم أنه خلال فترة الطلاق يعيش الآباء تحت ضغوط كثيرة وإرهاق وإحباط واكتئاب يجعل الحياة الزوجية غير قابلة للاستمرار، ما يؤثر سلباً على علاقة الزوجين وعلاقة الآباء بالأطفال، فيزداد انشغال الآباء بمشاكلهم الشخصية على حساب الاهتمام بالأطفال، خاصة أن الآباء قد يعاملون الأبناء بقسوة وشدة من دون وعي منهم بسبب شعورهم بالغضب والقلق، وعند حدوث الطلاق والانفصال بين الأبوين يعيش الأطفال حالة صدمة وفراغ عاطفي، ويرفضون في البداية قرار الانفصال، أو الطلاق، ويعيشون في حالة من الغضب والقلق والشعور بالذنب والاكتئاب، ما ينعكس سلباً على مفهومهم عن ذاتهم وتحصيلهم العلمي وعلاقاتهم الاجتماعية، ولكي يكون الطلاق آمناً يجب على الوالدين إعلام الأطفال مسبقاً بإمكانية حدوث الطلاق، مع مراعاة المرحلة العمرية، وأن يتحدث جميع أفراد الأسرة معاً في الموضوع (الأب والأم والأطفال)، كما يجب أن يتصف الحديث بالصدق، وأن يؤكد الأبوان حبهما للأطفال ويتجنبا لوم البعض بسبب حدوث الطلاق.