أحمد مراد (القاهرة)

لزوجة وضيق، يشعر بهما الإنسان عندما ترتفع نسبة الرطوبة في الجو، فيهرول إلى تشغيل أجهزة التكييف، حتى يتخلص من تأثيراتها العالية، رغم أنها تعمل على التخلص بنسبة 86% من الفيروسات الموجودة في جزيئات الهواء..
فما هي الرطوبة، وما أنواعها، وكيف تُقاس؟

3 أنواع
هناك ثلاثة أنواع من الرطوبة، الأول يُعرف بالرطوبة المطلقة، وهو يشير إلى كتلة كمية معينة من بخار الماء العالقة في حجمٍ معين من الهواء، وتتراوح ما بين صفر إلى 30 غراماً لكل متر مكعب، وكلما زاد بخار الماء، زاد مقدار الرطوبة المطلقة. 
والثاني يُعرف بالرطوبة النوعية التي تمثل كمية بخار الماء الموجودة في هواء جاف، وهي تحافظ على كتلتها في ظل تغير درجات الحرارة، وما ينجم عنها من حالات تمدد وانكماش.

أما النوع الثالث فيُعرف بالرطوبة النسبية، وهي أكبر كمية من بخار الماء يستطيع الهواء حملها تحت تأثير درجة حرارة وضغط جوي معين، وتمثل المقياس المستخدم في التنبؤات الجوية، والمؤشر الأول على احتمالية تساقط المطر والندى والضباب.

أول جهاز قياس
في العام 1783 ميلادي، توصل عالم الفيزياء السويسري، هوراس بينيديكت دي سوسور، إلى أول جهاز لقياس الرطوبة، وقد استخدم الشعر في صنعه، حيث ربط أحد طرفي شعرة إنسان طولها 10 إنشات ببرغٍ، بعدها مرر الشعرة عبر بكرة، وربط طرفها الآخر بوزن، ومع اكتساب الشعرة الرطوبة، تجعدت وقصرت، دافعة بالبكرة إلى رفع الوزن، وتم قياس مدى الرطوبة التي امتصتها الشعرة بالاستناد إلى مقدار رفعها الوزن.

بخار الماء
الرطوبة يقصد بها كمية بخار الماء الموجود في الهواء، ويحتوي الهواء الدافئ على كميات أكبر من بخار الماء، بينما يحتوي الهواء البارد على كميات أقل، وتُعرف نسبة كمية بخار الماء الموجود في الهواء إلى كمية بخار الماء التي يمكن للهواء أن يحملها بـ «الرطوبة النسبية»، مع العلم أن كمية بخار الماء التي يمكن أن يحملها الهواء تتغير بتغير درجة الحرارة والضغط.

وتمتلك المناطق القريبة من خط الاستواء والمناطق الساحلية أعلى تصنيف من الرطوبة في العالم، ولا سيما سنغافورة وكوالا لامبور وجاكرتا، حيث تأتي الرطوبة من تبخر الماء من البحيرات والمحيطات، والمياه الدافئة تتبخر بسرعة أكبر، ومن ثم تكون المناطق الأكثر رطوبة قرب أجسام الماء الدافئة، مثل البحر الأحمر، والخليج العربي، وميامي.

نسب متفاوتة
تتفاوت نسب الرطوبة في الهواء من مكان إلى آخر، وقد تقارب النسبة صفر%، كما هو الحال في الصحاري، وقد تصل إلى 100%، كما هو الحال في ظروف الضباب وهطول الأمطار، والأماكن ذات الرطوبة 100% تمتاز بوجود ضباب كثيف، وفي حال انخفاض النسبة إلى 30% وأقل، فينتشر في المكان هواء جاف يجعل الإنسان يشعر بالعطش. بينما تتراوح نسبة الرطوبة في المناطق الساحلية ما بين 60 - 70%، وفيها يسود شعور بارتفاع في درجات الحرارة.

فوائد وأضرار
يترتب على الرطوبة العديد من التأثيرات المتفاوتة التي تتأثر بها جميع الكائنات الحية، وتتنوع هذه التأثيرات ما بين فوائد وأضرار، وفيما يتعلق بفوائد الرطوبة، فتتمثل في عدة عناصر أبرزها:
- هطول الأمطار، حيث يعتبر ارتفاع نسبة الرطوبة إلى 80% مؤشراً كبيراً لاحتمالية هطول الأمطار لفترات طويلة.

- تساعد الرطوبة العالية على ثبات درجة حرارة الهواء، وتقليل الفجوة بين درجات الحرارة المرتفعة والمنخفضة، مما يعزز صحة الحيوانات بسبب استقرار درجات الحرارة.
- تُوصف الرطوبة العالية بأنها من أفضل الوسائل التي تساعد على نضارة جلد وبشرة الإنسان.
- تعمل الرطوبة على التخلص بنسبة 86% من الفيروسات الموجودة في جزيئات الهواء، في حال وصلت نسبة الرطوبة في الهواء إلى أكثر من 43%.
أما أضرار الرطوبة، فتتمثل في عدة عناصر، أبرزها:
- عدم انتظام التعرق، حيث إن جسم الإنسان يتخلص من الحرارة الزائدة عن طريق العرق وتبخره، وعند وجود نسبة رطوبة عالية في الجو يقل معدل تبخر العرق، مما يؤدي إلى انخفاض القوة البدنية.
- يصاب جلد الإنسان في المناخ منخفض الرطوبة بالجفاف بسبب تبخر كمية أكبر من السوائل من الجسم.
- الرطوبة العالية تزيد من فرص تعطل الأجهزة الكهربائية. كما أن الرطوبة المنخفضة تسبب هشاشة في قطع الأجهزة. 
- زيادة تكاليف البناء، حيث يتطلب بناء المنشآت السكنية وجود نظام عزل وحاجز للهواء للحماية من الرطوبة العالية التي تسبب تلف العناصر الإنشائية للمبنى، وانتشار العفن.

الندى.. 100% رطوبة
تُستخدم درجة الندى في بعض الأحيان لقياس الرطوبة في الهواء، وهي تمثل درجة الحرارة التي تصل فيها الرطوبة النسبية إلى نسبة 100%، وفي هذه الحالة يكون الهواء مشبعاً تماماً ببخار الماء.

2.2 غرام بخار لكل متر
يمكن للهواء أن يحمل ما يُقدر بـ 2.2 غرام من بخار الماء لكل متر مكعب عند درجة حرارة عشرة تحت الصفر، وعلى سبيل المثال لو وجدنا عند تلك الحرارة ما يقدر بـ 1.1 غرام من بخار ماء لكل متر مكعب، فإن نسبة الرطوبة في الجو تعادل نسبة 50%.

شم الروائح
في دراسة أجريت في العام 2008، أكد مجموعة من العلماء والباحثين أن قدرة الناس على شم الروائح تزداد مع ارتفاع الرطوبة، حيث إنه في الحر والرطوبة العالية، تزداد كمية جزيئات الماء في الهواء التي تتحد وتنقل جزيئات الروائح إلى أنوف البشر، بينما الهواء البارد الجاف يحد من مدى انتشار الروائح.

طريقتان للقياس:
يُقاس معدل الرطوبة في الهواء بوساطة بعض الأجهزة العلمية، أبرزها: جهاز البسيكرومتر
يعد من أبسط الطرق المستعملة لقياس الرطوبة، وهو يتكون من ميزاني حرارة، أحدهما جاف، والآخر رطب، ويتم قياس الرطوبة من خلال المقارنة بين درجتي الحرارة التي يشير إليها الميزانان، ويكون هذا الجهاز معلقاً في الهواء الطلق حتى تثبت قراءته ويتم تسجيلها.

الهيجرومتر: 
يتكون من مجموعة خصلات شعر إنسان أو حصان، حيث يتمدد الشعر عند زيادة الرطوبة، ويتقلص عند انخفاضها، ويتم تثبيت ريشة في نهاية هذه الخصلات تتحرك أمام مسطرة عليها أرقام من الصفر حتى 100، وعند تغير معدل الرطوبة يتنقل سن الريشة وفقاً لتمدد الشعر، والوقوف أمام الرقم الذي يشير إلى نسبة الرطوبة في الجو.