لكبيرة التونسي (أبوظبي) 

ما زالت «الخرّوفة» تسكن ذاكرة الكثيرين وتأبى مغادرتها، فقد نسجها الخيال الشعبي، وحمّلها بالقيم النبيلة واتخذها وسيلة للردع والضبط. شكلت المدرسة الأولى للأجيال السابقة، وتعد من أشكال التعبير الشفوي بما تعكسه من معطيات اجتماعية وتاريخية وتربوية ونفسية.
استعمل الإنسان «الخرّوفة» منذ القدم لتوعية المجتمع، وكان أبطالها أقرب إلى الخرافة، حيث يتوارث الناس طريقة سردها، وتبقى قابلة للزيادة والنقصان حسب الزمان والمكان. هدفها ثابت، ويتمثل في تغليب الخير على الشر وغرس الخصال الحميدة.

تعزيز القيم
في حديثها لـ«الاتحاد»، ذكرت الراوية سعيدة الواحدي من نادي تراث الإمارات، أن «الخرّوفة» ارتبطت في ذهنها بالخوف، حيث كانت جدتها تغلف قصصها الشعبية بشخصيات تخيف بها أحفادها، وشخصيات أخرى لتعليم الأطفال العطف على اليتيم واحترام الكبير والأمانة والصدق. 
أداة تربوية
وذكرت أن جدتها نورة، كانت تستعمل القصص الشعبية كأداة تعليمية تربوية. وقالت: كانت تجمعنا، وتسرد علينا بعض القصص بصوتها الهادئ، وقد رافقتنا هذه القيم إلى اليوم، ونحاول نقلها إلى أبناء هذا الجيل ولا نفرغ القصص من هدفها. 

«سويدا خصف»
وأضافت: من القصص التي كانت تلعب دور الرادع شخصية «سويدا خصف»، وكانت تستعملها جدتي لتخويفنا من دخول مخزن التمر «السح». 

سلاسة السرد
من جهته، أوضح صالح البريكي من نادي تراث الإمارات أن الراوي كان يتميز بالهدوء وسلاسة السرد، وله القدرة على شد انتباه الكبار والصغار، ويحفظ الحكايات ليعزز من خلالها القيم. ولفت إلى أن الخرّوفة كان لها حضور كبير عند أهل البدو، حيث يتجمعون في مكان واحد بعد آذان المغرب للتسامر.
وأكد أن الخرّوفة تكون بين الواقع والخيال، وهي قادرة على استيعاب الحاضر بذكاء، ويجب ألا تخلو من التشويق.

الشجاعة والمسؤولية
وقالت ظبية سعيد الرميثي من نادي تراث الإمارات، إنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالخرّوفة، والتي استقت منها معارفها الأولى. 
وأوضحت أن «الخرّوفة» ارتبطت بالخيال الشعبي وعلمت الأجيال الشجاعة والسنع، مشيرة إلى أن الخرّوفة أثرّت في حياتها إلى حد بعيد، مما جعلها تعيد حضورها في حياة أبنائها كوسيلة للتعليم وتعزيز القيم.