أحمد مراد (القاهرة)

حقائق مدهشة وأسرار غريبة كشفها العلم الحديث عن الرياح، تلك الظاهرة الطبيعية التي لا نراها بالعين، ولكن نشعر بها، ونتأثر بتأثيراتها المختلفة، ويُعرف العلم الرياح بأنها حركة جزيئات الهواء بشكل أفقى أو أقرب إلى الأفقي من مكان إلى آخر، وتتأثر حركة هذه الجزيئات بدوران الأرض حول نفسها وحول الشمس، ومن هنا تختلف أنواع الرياح في كيفية تشكلها، وسرعتها، ومدتها، واتجاهاتها، ويبقى أن وراء كل نوع من الرياح حقائق وأسرار مدهشة.

صيفية وشتوية
تُعرف الرياح الموسمية بـ «الموسميات»، وتهب في مواسم معينة، ويتغير اتجاهها في فصل الصيف عن فصل الشتاء، ويرافقها تغيرات في طقس المناطق التي تهب فيها، وتهب من المناطق الباردة إلى الدافئة، وهناك نوعان منها: رياح موسمية صيفية، ورياح موسمية شتوية، وتُعد الرياح الموسمية الهندية أشهر مثال للرياح الموسمية.
وعادة ما تؤدي الرياح الموسمية الهندية إلى مواسم من الجفاف أو الأمطار في المناطق الاستوائية، وتؤثر على الظروف المناخية في معظم مناطق الهند وجنوب شرق آسيا. كما تهب الرياح الموسمية في أستراليا وماليزيا، وأجزاء من أميركا الشمالية وأميركا الوسطى، والمناطق الشمالية من أميركا الجنوبية، إضافةً إلى منطقة غرب أفريقيا.
وتهب الرياح الموسمية الهندية الصيفية في الفترة بين شهري أبريل وسبتمبر من كل عام، وتتجه إلى الهند وسيريلانكا وبنغلاديش وميانمار، وتسبب هطول أمطارٍ غزيرة يعتمد عليها السكان في الزراعة.  أما الرياح الموسمية الهندية الشتوية، فتهب في الفترة بين شهري أكتوبر وأبريل، وتأثيرها أقل على منطقة جنوب شرق آسيا، حيث تمنع جبال الهيمالايا وصول نسبة كبيرة من الرياح الرطبة إلى المناطق الساحلية، وأحياناً تكون هذه الرياح جافة، وأحياناً تجلب الأمطار إلى الساحل الشرقي للمحيط الهادي في جنوب شرقي آسيا.

الصبا.. الرياح الطيبة 
تهب رياح الصبا من ناحية الشرق وتتجه ناحية الغرب، وتكتسب شهرة كبيرة بين العرب، ويطلقون عليها لقب «الرياح الطيبة»، لأنها تحن للكعبة الشريفة، وتُعرف بـ «صبا نجد».
وتتحرك رياح الصبا من مناطق الضغط المرتفع إلى مناطق الضغط المنخفض، وتهب من نجد إلى الحجاز وتهامة، وبالتحديد خلال ساعات الليل أو الصباح الباكر.

المسترال.. 100 يوم
تهب رياح المسترال خلال فصل الشتاء على وادي الرون في جنوب شرق فرنسا، وتتميز بأنها رياح شديدة البرودة، وتصل سرعتها إلى ما بين 50 و65 كيلومتراً في الساعة، وقد تصل في بعض الأحيان إلى 100 كيلومتر في الساعة، وفي الغالب يستمر هبوب رياح المسترال لمدة 100 يوم سنوياً. وعادة ما تنضم رياح باردة هابطة من جبال الألب إلى رياح المسترال، وبالتالي تشتد برودتها، وتزيد سرعتها لدرجة أنها تؤدي في بعض الأحيان إلى اقتلاع الأشجار، وإغراق بعض السفن.

القطبية.. باردة جافة
تتميز الرياح القطبية بأنها رياح باردة جافة خلال فصل الشتاء، وفي الصيف يرافقها طقس غائم كثير الضباب، وفي الغالب تكون ضعيفة، وتهب من القطبين إلى منطقتي الضغط المنخفض عند الدائرتين القطبيتين، أما اتجاهها فهي شمالية شرقية في نصف الكرة الأرضية الشمالي، وجنوبية شرقية في النصف الجنوبي.
وأحياناً تلتقي الرياح القطبية بالرياح الغربية أو العكسية وتكون جبهة هوائية يتولد على طولها الانخفاضات الجوية أو الأعاصير التي تتحرك من الغرب إلى الشرق.

العكسية.. 500 متر فوق الأرض
تهب الرياح العكسية أو ما تُعرف بـ «الرياح الغربية» فوق نصفي الكرة الأرضية الجنوبي والشمالي، وبالتحديد في الأجزاء العليا من طبقة التروبوسفير أو فوق مستوى 500 متر من سطح الأرض، وتتراوح سرعتها ما بين 17 و27 عقدة، وتنحرف من شمالية غربية إلى غربية في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية، ومن جنوبية غربية إلى غربية في النصف الشمالي من الكرة الأرضية.
وتهب الرياح العكسية أو الغربية من منطقتي الضغط المرتفع وراء المدارين إلى منطقتي الضغط المنخفض عند الدائرتين القطبيتين، وفي العادة يكون اتجاهها جنوبية غربية في نصف الكرة الأرضية الشمالي، وشمالية غربية في النصف الجنوبي للكرة الأرضية.

رياح النسيم
تُعرف الرياح المحلية بـ «الرياح الإقليمية»، وترتبط بظواهر النسيم مثل نسيم الجبل، ونسيم الوادي، ونسيم البحر، ونسيم البر، وكلها تنتج بفعل الاختلافات في درجة الحرارة وضغط الهواء.
يتشكل نسيم الجبل عند غروب الشمس، حيث يفقد سطح الجبل الحرارة عن طريق التبريد الإشعاعي، وهو حركة الحرارة من الأرض إلى الأعلى، مما يؤدي إلى انخفاض حرارة طبقة الهواء الملامسة لسطح الجبل، مما يدفع الهواء السطحي البارد الكثيف إلى أسفل الجبل ليحل محل الهواء الساخن في عملية تُعرف بـ «نسيم الجبل» أو رياح الصرف أو رياح الجاذبية.
أما ظاهرة نسيم الوادي، فتتكون خلال النهار عندما يتعرض الهواء الأقرب لسطح الجبال إلى أشعة الشمس، مما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارته، وانخفاض كثافته مقارنةً بالهواء المحيط، مما يُفسح المجال أمام الهواء الموجود على طول الوادي إلى التدفق لأعلى، وهنا تتشكل ظاهرة «نسيم الوادي» لا سيما في الأيام الصافية المشمسة.

التجارية.. معشوقة التجار
سُميت الرياح التجارية بهذا الاسم؛ لأنها تساعد على تحريك السفن التجارية، ويستفيد منها التجار بشكل كبير في تسهيل حركة التجارة، وتهب هذه الرياح من منطقة الضغط المرتفع إلى منطقة الضغط المنخفض، وهي منتظمة في اتجاهها وقوتها طوال العام، وتتراوح سرعتها ما بين 16 و24 كيلومتراً في الساعة، وتزداد سرعتها في فصل الصيف فوق مياه المحيطات، أما اتجاهها فهي شمالية شرقية في نصف الكرة الأرضية الشمالي، وجنوبية شرقية في نصف الكرة الأرضية الجنوبي.