لكبيرة التونسي (أبوظبي)
بعد 22 عاماً من البحث في النباتات المحلية وجمع بذورها وحفظ أكثر من 212 نوعاً، تحتفي مريم علي الحمودي بإطلاق الدليل التعريفي بالنباتات المحلية في إمارة الفجيرة، حيث عملت طوال هذه السنوات، على البحث وتوثيق النباتات المحلية الجبلية بمنطقة الفجيرة، مستغلة معرفتها التي ورثتها عن أهلها، وخاصة والدتها ووالدها اللذين كانا من الرحّل الذين يجوبون الجبال والسهول من أجل البحث عن الكلأ ومرعى الأغنام الخصب.
الباحثة مريم الحمودي التي تحمل هم جمع النباتات المحلية الجبلية، أكدت أنه وحسب خبرتها الطويلة في هذا المجال، أن العديد من النباتات التي كانت تنتشر في السابق في الجبال انقرضت، ولكنها تحتفظ بها ضمن مجموعة بذور النباتات التي تتوافر عليها، كما أشارت إلى أن عسل الجبال السابق والذي كان فيه النحل يعتمد على رعي النباتات المحلية، اختلف طعمه عما كان عليه في السابق، حيث أصبح النحل يرعى على زهور ونباتات الزينة.
دواء وغذاء
وأوضحت أن عهدها بجمع النباتات المحلية وبذورها وإكثارها في مشتلها عندما كان عمرها لا يتجاوز 7 سنوات حين كانت ترافق والدها لرعي الأغنام، حيث كانوا من الرحّل الذين يبحثون عن الكلأ والماء لمواشيهم، ضمن أجواء تسمح باستكشاف الطبيعة، مشيرة إلى أن البيئة الجبلية «وادي الوريعة» التي عاشت فيها كانت تزخر بالنباتات المحلية التي انقرض الكثير منها اليوم بفعل شح الأمطار، ولفتت إلى أنه كان لوالدتها دور كبير في تعلقها بالأرض وفي البحث وجمع النباتات المحلية والاحتفاظ بها، لا سيما أنها كانت تستعمل في علاج كثير من الأمراض سواء للحيوانات أو الإنسان، وفي التداوي، حيث كانت لكل نبتة خاصية معينة، يمكن استعمالها للدواء وللتغذية أيضاً، حيث كان الإنسان في تلك الفترة يرعى الماشية وفي الوقت نفسه يجمع ما يتغذى عليه أو يتداوى به.
وأضافت: «استعملنا النباتات المحلية لتداوي الكسور، وللنفاس ولعلاج الجروح، وللحصبة ولكثير من الأمراض، كما استعملناها للأكل كسلطات، ووفرت أيضاً هذه الطبيعة العذراء أجود أنواع العسل، مثل عسل السمر والسدر، وتعرفنا من خلال أهالينا على العديد من أنواع النباتات واستخداماتها، ومنها شجرة الغول، وهي عبارة عن نبات يدق ويوضع على مكان لسعة الثعبان، وتعتبر من النباتات المنقرضة حالياً، ونباتات أخرى ينصح بها لجبر الكسور».
دليل
بعد سنوات من الخبرة، توجت الحمودي تجربتها بإصدار كتاب تحت عنوان «الدليل التعريفي بالنباتات المحلية في إمارة الفجيرة»، والذي كتبت في مقدمته أن المصادر الوراثية النباتية الطبيعية ثروة وطنية قيمة يجب الحفاظ عليها كمصدر من مصادر البيئة الطبيعية المهمة، حيث إن هناك اهتماماً عالمياً بالحفاظ على التنوع الحيوي بشقيه النباتي والحيواني باعتباره إرثاً وطنياً وإقليمياً يجب الحفاظ عليه، وجاء هذا الكتاب مدعماً بالصور التي تم التقاطها من البيئة المحلية لإمارة الفجيرة لما تحتويه من تنوع النباتات البرية والجبلية والساحلية، مع كتابة الاسم المحلي المتعارف عليه محلياً والعائلة والاسم العلمي، إلى جانب استخداماته الطبية والغذائية.
حفظ النباتات
الحمودي اليوم تجمع أكثر من 212 نوعاً من الأعشاب المحلية، تأخذ على عاتقها المحافظة على العديد من النباتات المهددة بالانقراض، لا سيما أنها عملت على جمع هذه الأعشاب والمقارنة بينها لمدة تزيد على 22 سنة، حيث لاحظت أن الكثير منها والتي كانت تصادفها خلال تجوالها في مختلف ربوع منطقتها وهي طفلة قد اختفى، لا سيما أنها خبرت الجبال وشعابها ومرتفعاتها وسفوحها ووديانها وما تحتويه من أنواع مختلفة من النباتات التي أعادت الكثير منها للاستعمال كغذاء أو دواء.
جذور
شغفها بالطبيعة والنباتات دفعها إلى تأسيس مشروع فريد من نوعه في المنطقة، وفي الدولة ككل، حيث أنشأت مشتلاً للنباتات البرية الجبلية، أطلقت عليه اسم «جذور»، وذلك في مزرعتها الخاصة بمنطقة البدية، بعد أن نجحت في جمع بذور ما يقارب 212 نوعاً وزرعت الشتلات البرية لأنواع لا تنمو إلا في جبال المنطقة الشرقية، موضحة أنها تعمل على تجريب الكثير من النباتات وجمع بذورها بعد الحصاد، حيث تتوافر حالياً على بنك للبذور من أمَّات النباتات، وتعتبر الحمودي أن دافعها لحفظ هذه النباتات نابع من اهتمامها بالبيئة وحفظ هذا الإرث البيئي المحلي في البرية بطريقة طبيعة من دون إضافة الكيماويات أو المقويات النباتية، ويتفاعل جميع أفراد أسرتها في إدارة هذا المشروع، مؤكدة أن أول داعم لها هو زوجها الذي يساعدها في جمع البذور ويرافقها في استكشاف الجبال والوديان؛ بهدف إكثار النباتات المحلية واستزراعها في مناطقها الطبيعية، والمحافظة على الأنواع النادرة منها من الانقراض.
دعم البحوث
الحمودي أكدت أنها تضع رهن إشارة طلاب المدارس والجامعات مشتلها وخبرتها لنقلها للأجيال الحالية والمستقبلية، فاسحة المجال أمام طلاب البحوث والدراسات، وذلك من أجل دعم البحوث ودراسات المجال البيئي المحلي، وخاصة في مجال النباتات المحلية في إمارة الفجيرة.