يعيش حوالي 38 مليون شخص حول العالم مصابين بفيروس نقص المناعة البشرية، وفقا لأحدث تقديرات منظمة الصحة العالمية. ويعالج الأطباء حاليا هذه العدوى بمجموعة من الأدوية المضادة للفيروسات القهقرية لقمع تكاثر فيروس نقص المناعة البشرية
اكتشف علماء نقطة ضعف مهمة في فيروس نقص المناعة البشرية المسبب للإيدز، ووجدوا أن عقاراً مستخدما لمرض السكري، يبدو قادرا على استغلال هذه الضعف.
وتوصل العلماء من كلية الطب بجامعة نورث كارولينا، الذين نُشرت دراستهم في مجلة Nature Immunology، إلى أن فيروس نقص المناعة البشرية، عندما يصيب خلايا مناعية تسمى خلايا CD4 T، يساعد في تغذية تكاثره من خلال تعزيز عملية رئيسية في إنتاج الخلايا للطاقة الكيميائية. ووجدوا أيضا أن عقار الميتفورمين الخاص بمرض السكري يثبط نفس العملية وبالتالي يمنع تكاثر فيروس نقص المناعة البشرية في هذه الخلايا، في كل من التجارب قبل السريرية في الخلايا المزروعة وتجارب الفئران.
وقال المؤلف المشارك الأول للدراسة، الدكتور هايتاو غو، الأستاذ المساعد في قسم علم الوراثة بمدرسة الطب في جامعة ولاية كارولينا الشمالية في تشابل هيل: "تشير هذه النتائج إلى أن الميتفورمين والأدوية الأخرى التي تقلل استقلاب الخلايا التائية قد تكون مفيدة كعلاجات مساعدة لعلاج فيروس نقص المناعة البشرية"..
ومع ذلك، فإن العديد من المرضى على الرغم من هذا العلاج تظهر عليهم علامات تكاثر الفيروس المتبقي وضعف المناعة. وحتى المرضى الذين يستجيبون جيدا للأدوية المضادة للفيروسات العكوسة يجب أن يأخذوها إلى أجل غير مسمى، لأن فيروس نقص المناعة البشرية ينقش نفسه في الحمض النووي لبعض الخلايا المصابة، ولا تستطيع الأدوية إزالة هذا "المستودع" الوراثي الفيروسي. وعلاوة على ذلك، فإن سمية الأدوية المضادة لفيروس نقص المناعة البشرية تعني أن العديد من المرضى لا يمكنهم تناولها إلا بشكل متقطع. وبالتالي، على الرغم من التقدم المحرز، لا يزال هناك مجال كبير لتحسين علاج فيروس نقص المناعة البشرية.
وهناك نهج جديد محتمل لعلاج فيروس نقص المناعة البشرية لا يتمثل في مهاجمته مباشرة ولكن جعل الخلايا التي يصيبها أقل ملاءمة للتكاثر الفيروسي. على سبيل المثال، أظهرت أبحاث أخرى أن فيروس نقص المناعة البشرية يعزز إنتاج طاقة الخلايا CD4، على ما يبدو لتعزيز قدرة الفيروس على التكاثر داخل تلك الخلايا.
وسعى غو وزملاؤه في دراستهم إلى فهم أفضل لكيفية قيام فيروس نقص المناعة البشرية بذلك، وما إذا كان عكس هذا التأثير الأيضي يمكن أن يثبط فيروس نقص المناعة البشرية بحسب موقع «RT».
وبالتعاون مع الدكتور رفيق بيير صقلي، والدكتور خضر غنيم في جامعة كيس ويسترن، قام الفريق بتحليل بيانات التعبير الجيني لخلايا CD4 من دراسة أجريت على الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية في إفريقيا وآسيا، ووجدوا أن أنماط التعبير الجيني الأكثر ارتباطا بالنتائج السيئة بين هؤلاء المرضى تنطوي على عملية إنتاج للطاقة تسمى الفسفرة المؤكسدة.
ثم اكتشفوا أن الأدوية والمركبات الكيميائية الأخرى التي تثبط الفسفرة المؤكسدة في خلايا CD4 يمكن أن تثبط قدرة فيروس نقص المناعة البشرية على التكاثر في هذه الخلايا.
وأحد هذه الأدوية هو عقار الميتفورمين، وهو أحد أكثر العقاقير الموصوفة على نطاق واسع في العالم، ويعد آمنا وجيد التحمل، كما أنه غير مكلف.
وأكد غو وزملاؤه أن إجراء التجارب على خلايا CD4 البشرية الأولية، وفي الفئران التي تحتوي على خلايا CD4 بشرية، أن الميتفورمين يمنع تكاثر فيروس نقص المناعة البشرية في هذه الخلايا.
وقام الباحثون أيضا بفحص دراسة سابقة لمرضى فيروس نقص المناعة البشرية الذين يتناولون العلاج المضاد للفيروسات لاكتشاف أنه بعد ستة أشهر من العلاج، كان المرضى الذين يعانون من مرض السكري من النوع الثاني، وكثير منهم يتناولون الميتفورمين، لديهم في المتوسط مستويات أقل بنسبة 33% من فيروس نقص المناعة البشرية في الدم مقارنة بالمرضى غير المصابين بالسكري في المجموعة.
ومرضى السكري أيضا، في المتوسط، لديهم مستويات أعلى من خلايا CD4 الأساسية وتعافي أسرع من هذه المستويات مع العلاج المضاد للفيروسات القهقرية.
وقال الدكتور جيني تينغ، الأستاذ في قسم علم الوراثة في جامعة كارولينا الشمالية-تشابل هيل: "هذه النتائج الواقعية تتفق مع فكرة أن الميتفورمين له تأثير كبير في مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية".
ويخطط الفريق لمواصلة الدراسات قبل السريرية لإمكانات الميتفورمين كعلاج مضاد لفيروس نقص المناعة البشرية، وهو علاج يمكن أن يقلل من الحاجة إلى مضادات الفيروسات القهقرية السامة ويمكن إعطاؤه للمرضى في وقت مبكر لتقليل تكوين خزان فيروس نقص المناعة البشرية.