الشارقة (الاتحاد)

تتيح أيام الشارقة التراثية في دورتها الـ18 أمام الجمهور فرصة الاطلاع من قرب على مقتنيات ووثائق القاضي الشيخ علي بن إبراهيم الجويعد المولود عام 1881، لتكشف لزوار الحدث الذي يتواصل حتى 10 أبريل المقبل في قلب الشارقة، ذخائر وكنوزاً مجهولة من فرائد المخطوطات القديمة، التي يزيد عددها على 300 وثيقة متنوعة موزعة على عقود الزواج والطلاق والبيوع والميراث، وقضايا أخرى عديدة طرحت قبل أكثر من مئة عام، للمرة الأولى في تاريخها منذ 19 عاماً. 
وتخصص الأيام لمقتنيات الشيخ القاضي بن الجويعد معرضاً كاملاً تعرض خلاله مكتبة الشيخ، ومن بينها مخطوط كتاب «زاد المستنقع في شرح اختصار المقنع» للشيخ منصور بن يونس البهوتي الحنبلي، ودعاء مكتوب بخط يد بن الجويعد، والخاتم الذي كان يختم به على الأحكام القضائية، وهو مصنوع من العقيق والفضة، إلى جانب الصناديق الخشبية التي كان يحفظ فيها الشيخ القاضي وثائقه ومؤلفاته.

مستندات
ويتيح معرض مقتنيات الشيخ القاضي بن الجويعد أمام الزوار فرصة تصفح وقراءة مراسلات ومستندات وتوكيلات موجّهة من الشيخ سلطان بن صقر القاسمي إلى الشيخ الجويعد يطلب منه فيها الحكم في القضايا التي كان يرفعها إليه للفصل بين المتخاصمين. 
ويظهر المعرض سيرة بن الجويعد، ويكشف جانباً من تاريخ الإمارات والمنطقة قبل عقود طويلة، حيث ولد الشيخ علي بن إبراهيم بن علي الجويعد حوالي عام 1299هـ، الموافق 1881م، وهو سليل عائلة عربية أصيلة ذات مكانة اجتماعية وتقاليد علمية راسخة، تنحدر من أكبر القبائل العربية في نجد بالجزيرة العربية، وقدمت إلى المنطقة منذ أكثر من قرنين ونصف تقريباً، وهي تتألف من أكثر من مائتي فردٍ من الأبناء والبنات والأحفاد. 
وجمع بن الجويعد طيلة بحثه وتحصيله كماً كبيراً من الكتب الفقهية والأصولية واللغوية وكتب التفاسير والقضاء، والتي تركها في مكتبته الزاخرة، وقد كان لهذا الكم الهائل والمتنوع من المعارف والعلوم بالغ الأثر في تكوين شخصيته ورسم ملامح حياته العلمية والعملية، وشكّل لديه ثقافة واسعة في شتى علوم الدين وفقه السياسة الشرعية وأحكام القضاء وفصل الخصومات، وبخاصة المتعلقة بعقود الزواج والطلاق والمواريث والحقوق، وقد استفاد من قراءاته المكثّفة في تكوين ثقافة واسعة عن القضاء وأموره وشؤونه وشجونه.

فن العيالة
من جهة أخرى، جمعت فرقة «ابن ماجد للفنون الشعبية والتجديف» زوار الفعاليات على أولى عروض فن العيالة الإماراتية، ليأخذوا زوار الحدث، في رحلة إلى أجواء الفرح وطقوس الاحتفال بالزفاف والمناسبات الوطنية الإماراتية الشعبية، لتجسد معنى الشهامة والعزة في انسجام حركاتها ووحدة صفها. 
وعلى إيقاع طبول الجلد، تحولت الساحة الرئيسية لمنطقة التراث في قلب الشارقة إلى ليلة من ليالي ذاكرة الآباء والأجداد الإماراتيين الذين بنوا بقيمهم وصبرهم تاريخ الإمارات، حيث اصطف أكثر من 60 رجلاً في صفين متقابلين ليؤدوا فن العيالة الذي يجمع بين حركة المؤدين والعصي المحمولة في أكفهم من جهة، وبين القصائد المؤداة والأهازيج التي ترافقها إيقاعات طبول الراس من جهة أخرى.
وقال أحمد محمد سعيد آل علي، نائب رئيس جمعية ابن ماجد للفنون الشعبية والتجديف، إن تعريف الأجيال الجديدة والجاليات والسياح في دولة الإمارات على تراث الإمارات هو جزء من الواجب الوطني، وتعبير عن أصالة التطلعات التي تطمح لها بلادنا، وتأكيد على أنها قائمة على جذور راسخة وعميقة كرسها الآباء والأجداد منذ سنوات بعيدة.