أحمد مراد (القاهرة)
أعوام عديدة قضاها رؤساء سابقون على رأس أعلى سلطة في بلادهم، تحركاتهم كانت بحساب، أفعالهم كانت مرصودة، أقوالهم كانت تُعد عليهم، الأضواء والحراسات الأمنية ترافق كل خطواتهم، ولكن كيف تبدو حياتهم بعد إحالتهم إلى التقاعد؟
أوباما.. إجازات في المحيط
بعد مغادرته البيت الأبيض في أوائل 2017، حرص الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، على الابتعاد قليلاً عن الساحة السياسية، وقضاء أوقات سعيدة مع أسرته، من خلال قضاء إجازات في جزر المحيط الهادئ، والسفر في رحلات ترفيهية إلى دول أخرى، مثل رحلته إلى إيطاليا التي جذبت أنظار المتابعين.
وظهر أوباما في فبراير 2017 في مقطع فيديو، وهو يركب الأمواج في جزيرة يمتلكها صديقه الملياردير، ريتشارد برانسون، في جزر العذراء بالبحر الكاريبي. وبعد فترة قليلة، عاد إلى نشاطاته العامة من أجل العمل على بعض القضايا التي آمن بها، مثل الحد من انتشار الأسلحة في الولايات المتحدة، والعمل على إصلاح نظام العدالة الجنائية، والتقريب بين الأعراق.
وتخصص الحكومة الأميركية معاشاً سنوياً لأوباما يزيد على 210 آلاف دولار، فضلاً عن مصادر دخل أخرى، حيث يتقاضى ما يصل إلى 400 ألف دولار مقابل المشاركة في ملتقى حواري. حسبما ذكر تقرير صحيفة لوس أنجلوس تايمز. ويضاف إلى ذلك دخله من إصدار الكتب، مثل مذكراته التي حملت عنوان «أحلام من أبي: قصة عرق وإرث»، وكتاب «أرض الميعاد»، وبحسب صحيفة فايننشيال تايمز، فإن أوباما وميشيل أوباما وقعا في العام 2017 اتفاقاً مشتركاً مع دار نشر «بينجوين راندم هاوس» بقيمة تزيد على 60 مليون دولار.
في العام 2018، تعاقد أوباما وزوجته مع شركة نيتفليكس الشهيرة لإنتاج الأفلام والمسلسلات.
وفيما يتعلق بوسائل الأمن والحماية، فإن الحكومة الأميركية توفر لأوباما وغيره من الرؤساء السابقين حماية وحراسة أمنية مدى الحياة له ولزوجته وأولاده حتى سن الـ 16 عاماً، مما يعني أنه لا يستطيع أن يقوم بأي تحرك خارج إقامته دون علم ومرافقة جهاز الحراسة الخاصة به. كما توفر له تأميناً صحياً وبريداً مجانياً وسيارات دبلوماسية وطاقماً من الموظفين.
شرودر.. الزوجة الخامسة
بعد 7 سنوات قضاها، المستشار الألماني السابق، غيرهارد شرودر، في السلطة خلال الفترة بين عامي 1998 - 2005، أعلن اعتزال العمل السياسي، والتفرغ للعمل في مجال المحاماة، وأصدر كتاباً حمل مذكراته، تحت عنوان: «قرارات حياتي في السياسة».
وتقلد شرودر عقب انتهاء مسيرته السياسية بعض المناصب الاقتصادية، حيث عمل في الشركة الروسية «جازبروم»، وبعدها عُين رئيساً لشركة «روسنفت» الروسية العملاقة للطاقة، وهو الأمر الذي جعله عرضة للكثير من الانتقادات في ألمانيا، وفي كثير من الأحيان يبرر موقفه بالعمل في روسيا بأنه «أمر شخصي».
وفي فترة لاحقة، عُين شرودر مستشاراً لمؤسسة «رينجر» الإعلامية السويسرية التي تعد أكبر دار نشر في سويسرا، ومن أهم إصدارتها صحيفة «بليك» التي تصدر في سويسرا، ومجلة «زيكرو» السياسية التي تصدر شهرياً في ألمانيا.
وفيما يتعلق بحياته الشخصية، تزوج في منتصف عام 2018 من سيدة كورية جنوبية تدعى، سويون كيم، وهي خبيرة اقتصادية، وتعد هذه الزيجة الخامسة لمستشار ألمانيا السابق.
ووقتها أعلن شرودر أنه يعتزم العيش مع زوجته في هانوفر، وبرلين، وسول، وأنه منشغل بالثقافة الكورية الجنوبية وتعلم لغتها، ووصف نفسه بأنه «رجل سعيد»، ويعيش حياة كاملة، ولا يزال يتطلع إلى التعرف على أشياء جديدة.
كاميرون.. حياة بسيطة
في عام 2016، استقال ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، من منصبه ومن عضوية البرلمان، بعدما سمح بإجراء استفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وفشلت جهوده للبقاء في التكتل الأوروبي. وفي الأشهر الأولى من مغادرته منصب رئيس وزراء بريطانيا، لم يعمل كاميرون في أي وظيفة منتظمة، ولكنه عُين في أكتوبر من عام 2017 عضواً في مجلس إدارة واحدة من كبريات شركات الدفع الإلكتروني الأميركية.
ومنذ خروجه من القصر الحاكم في بريطانيا، يحيا كاميرون حياة هادئة وطبيعية وبسيطة، حيث يتجول وسط المواطنين، ويستقل مترو الأنفاق، ورصدته عدسات المصورين أكثر من مرة واقفاً في المترو يتصفح الجرائد. كما يقضي كاميرون بعض أوقاته خلال فترة تقاعده السياسي في جولات يلقي بها الخطابات، بالإضافة إلى انشغاله في كتابة مذكراته، وتوثيق روايته الخاصة للاستفتاء على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. وتوفر الحكومة البريطانية لكاميرون، وغيره من رؤساء الوزراء السابقين حماية أمنية مدى الحياة.
كلينتون.. معاش 210 آلاف دولار
حياة مليئة بالنشاطات العامة والخاصة، يعيشها الرئيس الأميركي الأسبق، بيل كلينتون، برفقة زوجته بعد انتهاء ولايته الرئاسية الثانية، ويحصل على معاش سنوي يزيد على 210 آلاف دولار، تخصصه له الحكومة الأميركية.
وتتعدد مصادر دخل كلينتون بشكل لافت للنظر، فقد حصل على حوالي 14 مليون دولار مقابل صفقة كتاب ما بعد الرئاسة، كما حصل على ملايين الدولارات من نشره كتابه «حياتي» سنة 2005، وفي العام 2016، ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن كلينتون جنى 18 مليون دولار من وظيفته كمستشار فخري لجامعة ربحية.
ويعيش كلينتون مثل غيره من الرؤساء الأميركيين السابقين وسط مجموعة من المحاذير التي يحددها القانون الأميركي، فلا قيادة للسيارات في الطرق العامة، ولا حياة خاصة على الهاتف وشبكات التواصل. كما تراقب وكالات الأمن الأميركية هواتفهم ودردشاتهم ورسائلهم، تحسباً لأي تهديد عبر المكالمات أو التغريدات المشبوهة.
ساركوزي.. مطارد قانونياًً
بعد خسارته في الانتخابات الرئاسية خلال العام 2012، غادر الرئيس الفرنسي الأسبق، نيكولا ساركوزي، قصر الإليزيه بعدما قضى 5 سنوات رئيساً لفرنسا، وقرر اعتزال العمل السياسي، ولجأ إلى تقديم مجموعة من اللقاءات والمؤتمرات كمصدر دخل، وكسب منها أموالاً طائلة.
وعاد ساركوزي بعد عامين إلى المشهد السياسي الفرنسي رئيساً لحزبه، ومرشحاً لخوض الانتخابات الرئاسية، ولكنه واجه عدة تهم بالفساد والاحتيال وانتهاك لقوانين تمويل الحملات الانتخابية.
وخضع لسلسلة طويلة من التحقيقات، حتى قضت محكمة الاستئناف في باريس، بإحالته للمحاكمة، بتهمة التمويل غير الشرعي لحملته الرئاسية عام 2012، في القضية التي تعرف باسم «بجماليون»، وسقطت عنه الحصانة الرئاسية.
وفي الأول من مارس الجاري، حكم القضاء الفرنسي بسجن ساركوزي لمدة 3 سنوات، بينها سنة مع النفاذ، بتهم الفساد واستغلال النفوذ، في القضية التي تعرف بـ «قضية التنصت».
بلير.. وظائف دولية
في العام 2007، استقال توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، من منصبه كزعيم لحزب العمال، وتخلى عن مقعده البرلماني، وعرض منزله في الدائرة الانتخابية للبيع من أجل التفرغ لوظائفه الدولية الجديدة، حيث عُين لمدة خمس سنوات مبعوثاً للشرق الأوسط، ممثلاً الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.
كما شغل في العام 2008، مناصب استشارية في بنوك جيه بي مورجان، والبنك الأميركي، وشركة التأمين السويسرية العملاقة «زيوريخ»، فضلاً عن إدارته لمعهد التغيير العالمي بعد إطلاقه في العام 2016.
أولاند.. عودة للعلاقات القديمة
قضى الرئيس الفرنسي السابق، فرانسوا أولاند، 5 سنوات على رأس السلطة في قصر الإليزيه، وفي يومه الأخير في الإليزيه جمع أمتعته وحقائبه، استعداداً لممارسة حياته كمواطن فرنسي عادي، واستأجر منزلاً كبيراً في مدينة «كوريز» مسقط رأسه، ويضم المنزل غرفاً عديدة وحمام سباحة.
وأعلن أولاند وقتها أن عودته إلى مسقط رأسه تأتي في إطار سعيه لاستعادة علاقاته القديمة، وفي الوقت نفسه أعلن عن قيامه بالبحث عن مكتب في العاصمة الفرنسية باريس، فضلاً عن سعيه إلى إنشاء مؤسسة مجتمع مدني، وهى مبادرة تطوعية لخدمة المواطنين، تحت اسم «فرنسا تنتفض».
ويحصل أولاند على معاش كرئيس سابق، يبلغ نحو 15 ألف يورو شهرياً.