أم كلثوم.. سيدة الأناقة

علي عبد الرحمن (القاهرة)

«فستان وقور.. منديل ناعم.. عقد يتدلى من عنقها.. قرط يزين أذنيها.. بروش يفيض عظمة.. تصفيفة شعر فريدة». تلك كانت إطلالة كوكب الشرق أم كلثوم، التي تركت بصمة في عالم الجمال والأزياء، بقدر بصمتها الخالدة في عالم الفن.
وفرضت أم كلثوم أسلوبها الشخصي بإطلالتها، واهتمت بها العديد من مجلات الموضة الشهيرة، وتحدثت عن أزيائها الأسطورية الأنيقة المبهرة، ومن شدة اهتمامها بأناقتها اعتادت كوكب الشرق السفر لحضور عروض الأزياء العالمية، وتتبع آخر خطوط الموضة، واختيار ما يتماشى مع المجتمع والثقافة العربية. وأصبحت كوكب الشرق من أكثر الفنانات أناقة بالتاريخ، والعربية الوحيدة التي تم تكريمها ضمن أيقونات الموضة العالمية، مثل: مارلين مونرو، والأميرة ديانا، والملكة إلىزابيث الثانية، وجاكلين كيندي».

البروش القمري
واحد من أشهر إكسسوارات سيدة الغناء العربي، بروش على شكل هلال، أهدته لها الشيخة منيرة الهلال زوجة الشيخ دعيج السلمان الصباح وزير العدل الكويتي الأسبق، وجاءت شهرته لحرص كوكب الشرق على ارتدائه بشكل متكرر في معظم حفلاتها الجماهيرية، ويتكون البروش من 356 فصاً من الألماس الحر، ويعرض حالياً بمتحف أم كلثوم بالقاهرة.

قلادة الإمارات
خلال الزيارة التاريخية لأم كلثوم لأبوظبي عام 1971، أحيت حفلين في 28 و30 نوفمبر، أهداها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، قلادة فريدة من نوعها تزينت بها في حفلها الثاني.
يعود تاريخ القلادة إلى عام 1880، وتم تصميمها خصيصاً في الهند، وتتكون من 1888 حبة لؤلؤ طبيعية في 9 صفوف، وتزينها زخرفة إطارية باللونين الأخضر والأحمر، وتشبه في تصميمها القلادة الهندية المعروفة باسم «ساتلادا»، وطرحت القلادة للبيع في مزاد أقامته دار «كريستيز» الشهيرة للمزادات في أبريل 2008، واستقرت منذ العام 2019 في متحف اللوفر بأبوظبي.

إكليل اللؤلؤ
يحمل هذا البروش قيمة تاريخية، ففي 29 مارس 1939، عندما أحيت أم كلثوم بقصر القبة حفل زفاف محمد رضا بهلوي شاه إيران الأسبق، على الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق ملك مصر حينها، وقدمت أغنيتها «على بلد المحبوب»، أهدى لها الشاه البروش تقديراً لفنها الراقي.
البروش صنع يدوياً، ومكون من فصوص الزمرد الأخضر، وحبات اللؤلؤ الطبيعي المطعمة بالألماس الحر، وطرح للبيع في مزاد أقامته دار «كريستيز» الشهيرة في أبريل 2009.

قفازات الست
القفازات حالة خاصة مع سيدة الغناء العربي، منذ صغرها وبداية الغناء مع والدها، كانت تحرص على ارتدائها، تصنع لها خصيصاً من قبل أشهر مصممي الأزياء بالعالم، ويعرض متحفها بالقاهرة 3 قفازات بالأبيض والأسود والبني.

الأقراط
تنوعت اختيارات أم كلثوم في الأقراط، وكانت تميل إلى الأقراط الذهبية المرصعة بالألماس، وتفضل بشكل خاص القرط الضخم المتدلي الذي يشبه العنقود، وأصبح يعرف باسم «قرط أم كلثوم»، واستوحى منه مصممو الحلي العديد من التصاميم.

النظارة السوداء
تعد النظارة السوداء الشهيرة والمرصعة بفصوص الألماس، إحدى أيقونات الجمال لدى سيدة الغناء العربي، وبدأت ارتداءها منذ الثلاثينيات بسبب مرضها من نشاط الغدة الدرقية، والتي تسبب في جحوظ عينيها، واختارت تصميم النظارة من «DIOR»، وتتواجد داخل متحفها بالقاهرة.

منديل الخجل
تعود قصة المنديل إلى بداياتها الغنائية، حيث كانت تخجل من مواجهة الجمهور، ولشدة ارتباكها يتصبب العرق منها بشكل كبير، حتى إن والدتها في أحد الأيام أعطتها قطعة قماش متواضعة لتجفف العرق، ومنذ ذلك الحين أصبح المنديل المتواضع رفيق حفلاتها، وبمثابة معاون لها يخفف من قلقها وتوترها. ومع صعود نجم أم كلثوم وكثرة حفلاتها، تبدل المنديل ذو القماش المتواضع بمناديل أخرى فاخرة وألوان جميلة تناسب أثوابها، إلا أنها لم تتخل عن عادة حمل المنديل أثناء الغناء حتى أصبح أحد العلامات المميزة وأهم الإكسسوارات في إطلالاتها.

الحقائب والأحذية
كانت أم كلثوم تميل إلى الحقائب متوسطة وصغيرة الحجم، وتحرص على أن تكون ألوانها متناسقة مع أزيائها، أما عن الأحذية، فلا تفضل الكعب العالي، وتميل إلى الكعب المتوسط والمربع، لأنها كانت تقف ساعات طويلة على المسرح. وحرصت على اقتناء الأحذية المصنعة من الجلد الطبيعي، وخاصة الثعابين والتماسيح التي كانت تروق لها، ومن كثرة اهتمامها بأحذيتها صنعت لها «لبيسة حذاء» من الفضة الخالصة، وتتواجد بعض تلك المقتنيات بمتحفها بالقاهرة.

مصممات
«فاسو» مصممة الأزياء الخاصة بأم كلثوم، عملت معها لمدة عقد ونصف العقد من الزمان، وجاء أول تعاون بينهما من خلال الفستان التي أطلت به في 6 فبراير 1964، وكان التصميم بسيطاً من اللون الأخضر الفاتح، أكمامه مطرزة باللون الأسود، ومزينه بشال من درجات لون البيج.
ذكرت المصممة أن سيدة الغناء العربي كانت تختار نوعية وألوان القماش، بما يتناسب مع حالة الأغنية التي تقدمها للجمهور، وإطلالتها من ذوقها الشخصي، حيث الاحتشام والرقي، ولا تختار تصميماً مقتبساً من بيوت الأزياء العالمية أو المجلات.
وحول الألوان أوضحت فاسو أن سيدة الغناء العربي كانت تفضل جميع درجات اللون الأخضر، والبيج، والبني، في الحفلات الجماهيرية، والأقمشة متنوعة بين الدانتيل، والجبير، والشيفون، والقطيفة، أما عن إطلالتها الصباحية والحياة اليومية، فتميل إلى الإطلالة العصرية «التايور الكلاسيكي»، والأحذية قصيرة الكعب، من الألوان الداكنة، مثل: الأسود، والرمادي، أو الفساتين ذات تصاميم متوسطة الطول بألوان هادته.

أيقونة عالمية
في عام 2015 احتفت العلامة التجارية «Chanel»، بالتزامن مع افتتاح متجرها بالمطار الأشهر بالعالم، بطرح كتاب «A Journey in Style»، بالتعاون مع عارضة الأزياء العالمية «Yasmin Le Bon»، ويستعرض أيقونات الموضة وإطلالات السفر التي شهدها المطار منذ افتتاحه في الأربعينيات من القرن الماضي، لتكون كوكب الشرق الفنانة العربية الوحيدة في الكتاب، بجانب مشاهير العالم، مثل الملكة إليزابيت الثانية، والأميرة ديانا، ومارلين مونرو.
واختار الكتاب صورة كوكب الشرق لدى وصولها مطار «هيثرو»، العام 1967، وكواليس لقائها مع الفنان الفرنسي «Jean-Claude Pascal»، حيث ظهرت مرتدية تصميماً يحمل الطابع الكلاسيكي ومعطفاً طويلاً من الفرو، من توقيع علامة أزياء «Chanel»، مرتدية نظاراتها الشمسية السوداء، بتسريحتها الشهيرة، لتعكس روح وجمال عظمة الشرق، لتصبح إحدى أيقونات الموضة الكلاسيكية، وإحدى أكثر المسافرات أناقة في التاريخ.

بهيج حسين
أكد مصمم الأزياء المصري بهيج حسين لـ «الاتحاد الأسبوعي»، على أن سيدة الغناء العربي واحدة من أيقونات الموضة على مر التاريخ، وشهدت إطلالاتها مرحلتين مختلفتين، الأولى في بداية مشوارها الفني، حيث الزي التقليدي القروي، ويضم الجبة والقفطان والعقال العربي، مروراً بمرحلة التوهج الفني والأضواء.
وشهدت الخمسينيات جرأة شديدة في اطلالتها من حيث التصميمات والألوان، والتعامل مع العلامات التجارية الشهيرة في الأزياء، مثل «Dior» و«Chanel».

والمرحلة الثانية في الستينيات والسبعينيات والعودة إلى الطابع الكلاسيكي على يد مصممتها الشهيرة مدام فاسو، وفي كلتا المرحلتين لم يتغير الذوق الفني لسيدة الغناء العربي وغلب عليها الطابع الشرقي المائل للبساطة.
ويضيف بهيج أن كوكب الشرق كانت حريصة على شراء كميات كبيرة من الأقمشة في كل مرة تسافر خارج البلاد، وتفضل بشكل خاص الحرير الطبيعي، أما موديلات الفساتين فتختارها من الكتالوجات بعناية وتستبعد الموضة التي لا تلائمها، وتضيف تعديلات على التصاميم لتناسب شخصيتها.
وحول تأثيرها كأيقونة لعالم الأزياء، أوضح بهيج أن إطلالات أم كلثوم كانت ملهمة للعديد من مصممي الأزياء العالميين، لكونها من أكثر الفنانات ثراء في اختيار إطلالتها، على مستوى التصميم أو الألوان.

سمراء النيل
الفنانة الراحلة مديحة يسري «سمراء النيل»، واحدة من أهم المؤثرات في أناقة سيدة الغناء العربي، ولما تتميز به مديحة من ذوق رفيع في الأناقة، تم اختيارها من أجمل 10 نساء في العالم، وكانت أزياؤها موضع إعجاب الكثير من الفنانات، حتى وصلت شهرة تصميمات فساتينها إلى أم كلثوم.

وفي العام 1963، تواصلت معها لتسألها عن سر أناقتها، فدلتها على السيدة التي تصمم ملابسها بوسط القاهرة، وظهر الفرق جلياً بين تصميمات فساتين أم كلثوم وتسريحة شعرها في حفلاتها قبل وبعد تعاونها مع مصممة أزياء مديحة يسري.
أم كلثوم كانت الفنانة العربية الوحيدة التي وضعت لها صورة بالحجم الكبير في المتجر الرئيس لعلامة الأزياء الشهيرة «Dior»، وكان هذا تعبيراً من مؤسس العلامة الشهيرة على مدى رقي وذوق أناقة سيدة الغناء العربي في اختيار إطلالتها.
وقالت الإعلامية نجوى إبراهيم لـ «الاتحاد الأسبوعي»: إن السيدة أم كلثوم من عاشقات الموضة والإطلاع الدائم على أحدث الصحيات العالمية في عالم الأزياء، وكان لها ذوق خاص بها لا أحد يشبهها، ولا تشبه أحداً فيه.