شعبان بلال (القاهرة)
اكتسب مصطلح إعادة التدوير أهمية في السنوات الأخيرة، مصحوباً بالدعوة إلى استغلال الموارد ورفض إهدارها، وتعددت أشكالها حتى وصلت إلى الفن، فخرجت اللوحات والأشكال والمجسمات التي تعود في الأصل إلى منتجات قديمة.
اتجه الفنان المغربي الشاب عزيز علوان إلى نوعٍ جديدٍ من فن إعادة التدوير، وهو التحف والقطع الفنية والتماثيل الكبرى، المعاد تدويرها من القطع المعدنية، وعلى مدار تسع سنوات هي إجمالي عمره الفني، صنع قطعاً فنية قادرة على تغيير مفهوم هذا الفن في العالم.
يتحدث علوان عن بدايته الفنية التي تعود إلى عام 2012 عندما حصل على شهادة في مجال التركيب المعدني، وافتتح متجره الخاص، ومن هذا المتجر حصل على شغفه، وتمسك به، ومنه أيضاً يحلم بالوصول للعالمية.
الكثير من المخلفات المعدنية التي ملأت متجره كانت تلح عليه بأن يبحث لها عن عمل جديد، لا تريد أن تترك الحياة وتتحول إلى قطعة خردة مهملة، تباع بأسعار زهيدة، نظر إليها وتفهم شعورها، وبدأ في تصميم الجسد الجديد.
خرجت أول قطعة فنية من بين يديه عام 2015، متبعاً طريقة جديدة في التخلص من القطع المعدنية التي تخلفها الورش، فجميع العاملين في مجاله يفضلون بيع هذه القطع أو التخلص منها، حتى لا تسبب زحاماً في أماكن عملهم، ولكن علوان لا يتخلى عن أصدقائه القدامى.
حصان طروادة
يضع تصميماً ورقياً في البداية، ثم يبدأ في جمع القطع المعدنية التي تلائمه، ويحدد لكل قطعة منها مكانها المناسب، ثم يجمع الهيكل فيظهر مرة في صورة حصان طروادة العملاق، ومرة أخرى في مجسم صغير يمكن لأي شخص اقتناؤه في منزله.
من 6 ساعات فقط إلى عام كامل، هو مقدار ما يحتاج إليه علوان من الوقت لينتج قطعة فنية واحدة، ويعود الأمر إلى جاهزية القطعة المعدنية، والتفاصيل التي يحتاج إليها العمل الفني، وفي كل مرة يصبح الأمر أسهل بالنسبة له، وتكشف القطع المعدنية عن أسرارها أمامه بكل سهولة.
رقائق معدنية
أحياناً يبقي الفنان الشاب قطعته الفنية غير مغلفة وتظهر فيها القطع المعدنية التي يجمعها من عمله، وفي أوقات أخرى يرى من الأفضل أن يصنع لها جسداً خارجياً من رقائق معدنية، حتى يعطيها شكلاً جمالياً، وطابعاً مميزاً.
لا يجد علوان تعارضاً بين عمله في التركبيات المعدنية وهوايته في تنفيذ المجسمات معادة التدوير، فكل منهما يكمل الآخر، فمن دون موهبته لن يحصل على الإلهام، ودون القطع المعدنية لن تتحول أفكاره إلى مجسمات فنية.
وريث المهنة
يجد الفنان الشاب الكثير من الدعم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فجمهوره المغربي والعربي ينتظر أعماله الفنية ليعطيه الكثير من التشجيع، ومن خلال رواد هذه المواقع تواصل مع الفنانين العرب والأجانب الذين يعملون في المجال نفسه، فتمكن من تطوير موهبته، وحصل على أفكار جديدة.
ولا يتلقى الشاب المغربي أي دعم حكومي أو خاص يعينه على تطوير موهبته الفريدة من نوعها، وكل القطع الفنية تخرج للنور بجهود ذاتية، وهو لا ينتظر أي دعم خارجي لموهبته، يريد فقط أن يصبح صاحب بصمة في هذا النوع من الفن، وأن تصل أفكاره ورؤيته إلى كل مكان، وأن يتعرف على أعماله كل شخص حول العالم، وليس في محيطه المغربي أو العربي فقط.