حسونة الطيب (أبوظبي)

عادة ما يقصد الناس البحار والأنهار، للسباحة واللعب على شواطئها أو لصيد الأسماك، وما تجود به بواطنها من مأكولات، وتعرف البحار والأنهار، بأمواجها الصاخبة وتياراتها الحامية، حيث تدور في أعماقها حياة مليئة بالحركة وصراعات لبقاء الأقوى، بيد أن الأمر يختلف تماماً في البحر الميت.

عجائب الدنيا
لا غرو، أن يتم ترشيح البحر الميت ضمن عجائب الدنيا السبع الطبيعية في نطاق البحيرات، حيث يمتلك البحر الميت، مظاهر جغرافية وطبيعية، يتفرد بها دون سواه في العالم أجمع. فهو يعتبر أكثر البقاع انخفاضاً على سطح الأرض قاطبة، بعمق يصل لنحو 400 متر تحت سطح البحر. كما يعتبر، بمثابة نادٍ صحي ضخم يمتلك تركيبة مميزة تجمع معظم الفوائد الصحية المتوفرة في المنتجعات الصحية، كما يتميز بشدة ملوحته، التي تصل لنسبة قدرها 34%، أي نحو تسعة أضعاف تركيز أملاح البحر الأبيض المتوسط، وواحدة من أعلى نسب الملوحة في العالم.

وبجانب سطوع الشمس على سماء البحر، على مدار الاثني عشر شهراً من السنة، يُعد تركيز الأوكسجين في هواء منطقة البحر، الأعلى في العالم، بصفته المنطقة الأكثر انخفاضاً.
لم يأت اسم البحر الميت من فراغ، حيث تُوحي عدم الحركة على سطحه وعدم وجود أية كائنات حية فيه، بحالة الموت، وفيه لا يخشى المرء الغرق، ولا يحتاج لبذل مجهود للسباحة، حيث يمكنه الطفو على سطحه كأي قطعة خشبية والاستمتاع بالتصفح والقراءة. وأُطلق عليه قديماً العديد من الأسماء الأخرى، مثل بحر الملح وبحر العربة والبحر الشرقي وعمق السديم وبحر سدوم وغيرها.

معادن وأملاح
يقع البحر الميت، في أخدود وادي الأردن ضمن الشق السوري الأفريقي، على الحد الفاصل بين الأردن وفلسطين. ويقدر عرضه، بنحو 17 كلم، بطول 70 كلم ومساحة قدرها 1000 كلم مربع، تقلصت لنحو 650 كلم مربع على مدى الأربعة عقود الماضية. ومن معادن وأملاح البحر الميت، يتم تصنيع العديد من المنتجات الطبيعية الفعالة مثل، الشامبو والمطهرات والمرطبات وكريمات اليدين وغسول الوجه والصابون والكريمات الواقية من أشعة الشمس.

ويكتسب البحر الميت، أهمية كبيرة على صعيد الصناعة والسياحة بالنسبة للمنطقة، حيث تحتوي تركيبة مياهه، على تركيز عالٍ من الكالسيوم والبوتاسيوم والبروم. وتقدر عائدات صناعة المواد الكيميائية الفلسطينية من البحر الميت، بنحو 918 مليون دولار سنوياً، ما يعادل كافة عائدات الصناعات التحويلية في الأراضي الفلسطينية، بحسب البنك الدولي. 

200 موقع أثري 
يجني الأردن من الصناعات المعدنية في البحر الميت، ما يقارب 1.2 مليار دولار، ما يشكل 4 % من الدخل القومي للبلاد. أما عائدات إسرائيل من مبيعات معادن البحر الميت، فتقدر بنحو 3 مليارات دولار سنوياً. كما تم الكشف عما يزيد على 200 موقع أثري حول منطقة البحر الميت حتى الآن، أشهرها كهف النبي لوط. واشتهرت المنطقة، بما يعرف بسياحة المؤتمرات، حيث تتولى جهات مختصة، مثل مركز الملك حسين بن طلال للمؤتمرات، تنظيم الفعاليات والمؤتمرات والندوات واللقاءات على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية.

مناطق استشفاء
تُعد منطقة البحر الميت، من أهم مناطق الاستشفاء البيئي على مستوى العالم، لتميزها بمجموعة من العوامل الطبيعية، ما جعلها تُحظى بمركز تنافسي في المنطقة في مجال السياحة العلاجية، نظراً للخصائص المناخية الفريدة مثل، خلوها من الرطوبة واحتوائها على عيون كبريتية لعلاج العديد من الأمراض الجلدية والروماتويد.

ينابيع معدنية
تساهم الينابيع المعدنية ذات درجة الحرارة العالية، بجانب الطين الغني بالكثير من المعادن، في علاج العديد من الأمراض، مثل الصدفية والتهابات الجلد والبهاق والتهاب المفاصل الصدفي وأمراض التنفس وارتفاع ضغط الدم وغيرها. وبينما يأتي الناس أحياناً لمياه البحار والأنهار، للاغتسال من الطين، يغتسلون في البحر الميت بالطين.