أحمد مراد (القاهرة)

يحرص الملايين من البشر حول العالم على مشاهدة ومراقبة ظاهرة خسوف القمر، التي تتكرر على الأقل مرتين في السنة الواحدة، ويجهل الكثيرون حقائق وأسرار الظاهرة المذهلة.
وتحدث ظاهرة خسوف القمر في حالة وجود كوكب الأرض بين الشمس والقمر، فيحجب ظل الأرض ضوء الشمس عن القمر، ومن ثم يحدث الخسوف القمري، وعادة ما تحدث هذه الظاهرة خلال منتصف الشهر القمري عندما يكون القمر بدراً، ويكون مضاءً بالكامل، حيث يتواجد القمر على استقامة واحدة مع الشمس والأرض، وتحدث بمعدل خسوفين لكل سنة، ويمكن أن تحدث ثلاث مرات في السنة الواحدة. 

3 أنواع
يوجد ثلاثة أنواع لخسوف القمر: النوع الأول يسمى «خسوف شبه الظل»، ويحدث عندما يدخل القمر منطقة شبه الظل للأرض، مما يؤدي إلى تعتيم سطح القمر، فيظهر القمر باهتاً، ومنطقة شبه الظل هي المنطقة التي ينحجب فيها جزء من ضوء الشمس عن القمر، وهذا النوع من الخسوف ليس ملحوظاً بشكل واضح.
النوع الثاني يسمى «الخسوف الجزئي»، ويحدث عندما يدخل جزء من القمر ظل الأرض، وفي هذه الحالة ينخسف جزء من قرص القمر، ويظهر هذا الجزء معتماً، ويبدو ظل الأرض على وجه القمر، وقد يستمر الخسوف الجزئي لما يقرب من 107 دقائق، مع العلم أن القمر يمر بمرحلة الخسوف الجزئي في كل مرة قبل وبعد الخسوف الكلي.
النوع الثالث يسمى «الخسوف الكلي»، ويحدث عندما يدخل القمر بأكمله منطقة ظل الأرض، ويظهر القمر بلون أحمر بسبب أشعة الشمس التي لا يمكن امتصاصها من أعلى الغلاف الجوي للأرض، وفي هذه الحالة ينخسف كامل قرص القمر، مما يؤدي إلى فقدان الرؤية في منتصف الليل.

بقع ساخنة 
منذ أكثر من 50 عاماً رصد العلماء ظاهرة البقع الساخنة التي توجد خلال تواجد القمر بالكامل في منطقة ظل الأرض في أثناء وقت خسوف القمر، وطرحوا العديد من النظريات لتفسيرها، ولكن لم يتم تحديد تفسير واضح لوجود هذه البقع حتى الآن.
وكانت صور الأشعة تحت الحمراء التي تم التقاطها للقمر وقت الخسوف من قِبل مرصد (Slooh) قد رصدت وجود المئات من البقع الساخنة، ولاحظت وجود مساحات كبيرة ذات حرارة أعلى من محيطها، وعندما تم مسح الفوهات الموجودة على سطح القمر وُجد أن بعضها يبدو وكأنه تشكل بسبب نمط إطلاق حراري ناتج بشكل أساسي عن حرارة الشمس المخزنة وليس من حرارة القمر الداخلية، كما في فوهة تيخو، وهناك حفر أخرى تبدو كأنها تشكلت بسبب نمط حراري مختلف ناتج عن مصدر حرارة داخلي للقمر، كما في حفرة غاسندي.

دقائق وساعات
تسمى الفترة التي توجد فيها الشمس والأرض على استقامة واحدة مع القمر، ويدخل القمر فيها إلى المنطقة التي تحجب فيها الأرض أشعة الشمس عنه بـ«موسم الخسوف»، وتتكرر كل 6 أشهر تقريباً، وخلال تلك الفترة يحدث الخسوف في اليوم الذي يصبح فيه القمر مكتملاً أو مضاءً بالكامل.
ويتراوح وقت الخسوف بين عدة دقائق إلى عدة ساعات اعتماداً على نوع الخسوف، ويحدد نوع الخسوف عدد المرات التي يمكن أن يتكرر فيها، إذ يحدث الخسوف الجزئي مرتين على الأقل خلال العام، أما الخسوف الكلي فنادراً ما يحدث، ويمتد الخسوف الكلي قرابة الساعة أو أقل.

خرافات وأساطير
ارتبطت ظاهرة خسوف القمر بالعديد من الخرافات والأساطير عند بعض الحضارات والشعوب المختلفة، فمثلاً كان شعب الإنكا في أميركا الجنوبية يعتقد أن الخسوف يحدث عندما يأكل حيوان اليغور القمر، ولهذا يبدو القمر أحمر اللون، وأنه بمجرد انتهاء اليغور من أكل القمر سيهبط ويلتهم كل الحيوانات على الأرض، وكانوا يأخذون الرماح ويصرخون على القمر لإبقاء هذا الحيوان بعيداً.
وفي بعض الثقافات الصينية كانوا يعتقدون أن مشهد القمر الأحمر الغارق في الظلام يُنبئ عن مجاعة أو مرض قادم. أما الهندوس فكانوا يعتقدون أن الخسوف يؤدي إلى وفاة أحد أفراد الأسرة، فبمجرد بدء الخسوف يتم إغلاق جميع المصابيح في المنازل والمعابد، ويتم الامتناع عن الطهي أو الأكل أو الشرب، ولا يسمح للنساء الحوامل بالخروج، وينخرطون في الصلاة.

99 تحت الصفر
يشهد سطح القمر بعض التغيرات خلال فترة الخسوف، أبرزها انخفاض درجة الحرارة، حيث إن درجة حرارة سطح القمر في الظروف العادية التي يكون فيها مضاءً بالشمس تبلغ أكثر من 130 درجة مئوية، ولكن عندما تعترض الأرض أشعة الشمس الساقطة على القمر فتحجبها تماماً خلال فترة الخسوف، فإن درجة الحرارة على سطح القمر تنخفض إلى ما دون 99 درجة تحت الصفر.
وتنخفض درجة حرارة سطح القمر خلال الخسوف بشكل مفاجئ وسريع في فترة زمنية قصيرة تتراوح بين 10 - 30 دقيقة، ما يؤدي إلى حدوث صدمة حرارية تتسبب في تفتت صخور قشرة القمر وتسرب بعض الغازات من داخل القمر.

230 خسوفاًً في القرن
بحسب تقديرات بعض العلماء، فإن القرن الحادي والعشرين (2001 - 2100) يشهد 230 خسوفاً قمرياً، منها 85 خسوفاً كاملاً و58 خسوفاً جزئياً و87 خسوفاً شبه ظل.
وكان القرن العشرون (1901 - 2000) قد شهد 230 خسوفاً قمرياً، منها 81 خسوفاً كاملاً و66 خسوفاً جزئياً و83 خسوفاً شبه ظل.
وبحسب التقديرات الخاصة بوكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، فإنه من المتوقع حدوث خسوف كلي للقمر في 26 مايو 2021، ويمكن مشاهدته من شرق آسيا وأستراليا ومناطق عبر المحيط الهادئ ومعظم الأميركتين.
كما أنه من المتوقع حدوث خسوف جزئي للقمر في 19 نوفمبر 2021، ويمكن مشاهدته في الأميركتين وأستراليا وأجزاء من أوروبا وآسيا، وسيكون هذا هو الخسوف الثاني والأخير للقمر في العام 2021.