أحمد مراد (القاهرة)

حقائق مثيرة، وأسرار غريبة، كشفها العلم الحديث عن كوكب عطارد، جار الشمس وأقرب الكواكب إليها، والذي لديه أكثر درجات الحرارة شذوذاً في المجموعة الشمسية، فضلاً عن افتقاره للقمر والهواء.

47 مليون كم من الشمس
يعد كوكب عطارد واحداً من أصغر كواكب المجموعة الشمسية، حيث إن حجمه أكبر قليلاً من حجم قمر الأرض، ويبلغ قطره حوالي 4880 كيلومتراً، وهو أقرب الكواكب إلى الشمس، فتبلغ المسافة بينه وبين الشمس حوالي 47.6 مليون كم، وبسبب حجمه الصغير وقربه من الشمس، فإنه يختفِي وسط ضوئها الساطع، ولا يمكن مشاهدته بوضوحٍ إلا في حالة حصول كسوف للشمس، كما يمكن مشاهدته بصعوبة خلال فترتي الفجر وغروب الشمس، وذلك في أوقاتٍ معينة من السنة عندما يأخذه مداره بعيداً قليلاً عن الشمس.

كوكب رمادي
يتحدد لون الكواكب بناءً على طبيعة أسطحها، ومدى قدرة الغلاف الجوي على امتصاص أشعة الشمس، وبسبب قرب كوكب عطارد من الشمس وعدم وجود غلاف جوي سميك له، فإن لونه رمادي غامق، وتغطي سطحه طبقةٌ سميكةٌ من الغبار وصخور السيليكات النارية.

السنة.. 88 يوماًً
يتميز كوكب عطارد بأنه أسرع كواكب المجموعة الشمسية، حيث يتحرك بسرعة تصل إلى 47 كم في الثانية، ويحتاج إلى 88 يوماً لإكمال دورانه حول الشمس، ويتخذ مداره الشكل البيضوي، كما يدور عطارد حول محوره بشكل أبطأ من دورانه حول الشمس، فهو يستغرق 59 يوماً أرضياً لإكمال دورانه حول نفسه. واليوم الواحد على كوكب عطارد أطول من عامين فيه، حيث يصل إلى 176 يوماً، وذلك لأن الدورة الواحدة لا يصاحبها غروب وشروق للشمس مثلما يحدث في الكواكب الأخرى.

%75 حديد
يتكون كوكب عطارد من مجموعة من العناصر الثقيلة، أبرزها عنصر الحديد الذي يشكل حوالي %75 من نصف قطره، فضلاً عن بعض الغازات الخفيفة التي تبخرت بسبب حرارة الشمس العالية، مما جعل عطارد يظهر صغيراً من ناحية الحجم، وكبيراً من ناحية الكثافة، وتقترب كثافته من كثافة كوكب الأرض.
وتشكل النواة الداخلية الحديدية لكوكب عطارد %61 من حجمه، مما يجعلها ضخمةً جداً، حيث إن نواة الأرض لا تشكل سوى %16 من حجمها. وتتغطى النواة الحديدية بقشرة من الصخور البركانية يصل قطرها إلى حوالي 600 كم، وهذه النواة الحديدية تولد مجالاً مغناطيسياً حول الكوكب، ولكنه مجال مغناطيسي ضعيف جداً، فقُوته لا تتعدى %1 فقط من قوة المجال المغناطيسي للأرض.

5000 سنة
رغم صعوبة مشاهدة كوكب عطارد، إلا أن بعض الحضارات القديمة رصدت حركته في السماء منذ خمسة آلاف عامٍ، حيث تمكن علماء الفلك السامريون في العراق من رصده، وراقبه الفلكي الإيطالي غاليليو غاليلي بعد أن اخترع التلسكوب في العام 1631، وقد رصده لأول مرة وهو يعبر أمام قرص الشمس.

الحرارة.. 450 درجة مئوية
يمتلك كوكب عطارد أكثر درجات الحرارة شذوذاً في كواكب المجموعة الشمسية، فبسبب عدم وجود غلاف جوي سميك يحبس الحرارة، وبسبب قربه من الشمس، فقد تصل درجة الحرارة في النهار إلى 450 درجة مئوية، وفي الليل تصل إلى 170 درجة تحت الصفر. ورغم أن سطح عطارد ساخن جداً إلا أن هناك مناطق فيه لا تصلها أشعة الشمس بسبب وجودها في أعماق الفوهات المنتشرة في الكوكب.

لا هواء ولا أقمار
يفتقر كوكب عطارد إلى الهواء تماماً، حيث لا يغطيه سوى غلاف جوي رقيق جداً، ولا يوجد على سطحه أي نشاطٍ جيولوجي، والعامل الأساسي في تشكيل سطحه هو تساقطُ النيازك عليه.
كما لا يمتلك عطارد أي أقمار مثله في ذلك مثل كوكب الزهرة، ويفسر العلماء ذلك بأن عطارد كان في الأساس قمراً تابعاً لكوكب الزهرة، لكنه انفلت من مداره حوله، وقد يكون سبب هذا الانفلات هو حركات المد والجزر بين هذين الكوكبين أو بسبب تباعد مدار هذين الكوكبين عن بعضهما البعض.

جبال ووديان وتلال
تنتشر في السطح الخارجي لكوكب عطارد التلال المجعدة، ويُطلق عليها العلماء اسم دورسا، والجبال التي تسمى مونتس، والسهول التي يطلق عليها بلانتيا، فضلاً عن الجروف المعروفة باسم الروبات، والوديان التي تسمى فالس.

فوهات المشاهير
يتغطى سطح كوكب عطارد بآلاف الفوهات مختلفة الأحجام، ويرجع العلماء السبب في تكوينها إلى اصطدام النيازك عند تكونه، بالإضافة إلى البراكين التي كانت تحدث في الفضاء، وقد سُميت هذه الفوهات بأسماء المشاهير مثل بيتهوفن، ومارك توين، وشكسبير، ويعود السبب في كثرة أعداد هذه الفوهات إلى عدم وجود غلاف جوي سميك يحمي عطارد من اصطدامات الأجسام الفضائية، فضلاً عن افتقاره للعوامل الجيولوجية القادرةِ على محوِ آثار هذه التصادمات، ويعد حوض كالوريس أكبر الحفر على الكوكب بقُطر يصل إلى 1550 كم.

جليد في الأعماق
في عام 1991، اكتشف العلماء وجود كتل جليدية في أعماق الفوهات المنتشرة على سطح عطارد، حيث تكون الحرارةُ منخفضةً جداً تصل إلى 200 درجة تحت الصفر، لا سيما في الفوهات الشمالية والجنوبية التي تعد أكثر برودة وظلمة، وبالتالي تحتفظ بالثلج، حيث لا يسقط ضوء الشمس على هذه الفوهات إطلاقاً، وباختبار هذا الثلج، تبين أنه يمتلك حدوداً حادةً مما يعني أنه لم يمض زمن طويل على تجمده.

أول مركبة فضائية
في عام 1974، أرسلت أول مركبة فضائية لاستكشاف كوكب عطارد من قرب، وهي مركبة «مارينر 10» التي أرسلتها وكالة الفضاء الأميركية «ناسا»، ونجحت هذه المركبة بتصوير 45% من مساحة سطح الكوكب.
وفي الفترة بين عامي 2008 و2009، تمكن مسبار ماسنجر من استكمال اكتشاف الكوكب، وتصوير سطحه، وتقديم العديد من البيانات حتى رسم خريطة سطحه بالكامل حين دخل مداره عام 2011 حتى عام 2015، حيث اصطدم بالكوكب.