محمد نجيم (الرباط)
يُعتبر الطربوش المغربي من بين الموروثات العريقة في المجتمع المغربي، فالطربوش بِلونه الأحمر الداكن يُشير إلى عراقة التقاليد المغربية العريقة، وكان يُسمَّى باسم «فاس البالي».
جاء وصف الطربوش المغربي في عدد من كتب الرحالة من مختلف أقطار العالم ممن قادتهم رحلاتهم إلى المغرب، ومن بين هؤلاء الحسن الوزان المعروف بـ «ليون الإفريقي» (1494-1554)، الذي اعتبر أن أهل فاس كانوا يُغطون رؤوسهم بطاقية حمراء مصنوعة من اللباد الأحمر واللباد الأحمر هو نوع من القماش من ألياف الصوف وتلبّد في المغرب لصنعه بالصابون الأسود المغربي.
قطعة نقدية
وما يؤكد أن الطربوش الأحمر هو لباس الرأس الأول لدى المغاربة منذ القدم، وجود قطعة نقدية ويعود تاريخها إلى الحقبة «المورية» القديمة التي حكمت المغرب في القرن الثالث قبل الميلاد إلى حدود 40 سنة بعد الميلاد، وقد اكتشفت تلك القطعة بعد حفريات أثرية أقيمت في مدينة ليكسوس الأثرية الواقعة في الشمال العربي.
وما تزال مدينة فاس تحتفظ بأسرار صناعة الطربوش المغربي، إضافة إلى بعض المدن المغربية المعروفة بعراقتها وتاريخها وشهرتها في صناعة الطربوش والجلاليب المغربية التقليدية: تطوان، تازة، مراكش، إلا أن أمهر صناع الطربوش المغربي بلغوا من العمر عتياً، ولم يعد الإقبال على الطربوش المغربي، كما كان قبل عقود.
رمز
ورداً على سؤال عن الطربوش المغربي، ولماذا لم يعد يلقى الرواج الذي كان يلقاه خلال الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، قال علي الكافوني صانع تقليدي إن الطربوش المغربي كان يرمز إلى الهوية المغربية، وكل من يلبس الطربوش المغربي في تلك الفترة يُعد من علية القوم أو من الأثرياء، وكان الطربوش خلال فترة الاستعمار الفرنسي للمغرب رمزاً للمقاومة والدفاع عن استقلال المغرب.
أما السيد الوجدي عمر وهو باحث في التاريخ المغربي، فيقول: رغم ارتباط الطربوش المغربي بالهوية المغربية، فقد أصبح من النادر أن ترى من يرتديه اليوم، خاصة في المدن الكبرى، فهذا الطربوش كان رمزاً من رموز الهوية المغربية خلال زمن طويل، إلا أن تغير أنماط العيش والتلاقح الثقافي الذي فرضته العولمة عملت على طمس الطربوش المغربي ليدخل في طي النسيان، كما الكثير من العادات المجتمعية التي تكاد تمحى من المجتمع المغربي من قبيل لباس «الحايك»، الذي كان الرداء المفضل لدى المغربية لقرون طويلة.