كشف التلسكوب الفضائي الأوروبي "كيوبس" وجه أحد الكواكب الخارجية الأكثر بعداً عن المجموعة الشمسية.
وتبلغ حرارة سطح الكوكب الخارجي "واسب-189ب"، 3200 درجة مئوية، بحسب دراسة نشرت أخيراً. 
ورغم أن طوله لا يتعدى مترا ونصف متر، يمكن للتلسكوب "كيوبس" من موقعه الموجود عند مدار الأرض منذ ديسمبر 2019 أن يرقب أجراما سماوية بعيدة للغاية، وصولا إلى الكوكب "واسب-189ب"، الذي يوجد في كوكبة "الميزان"، ويبعد 322 سنة ضوئية عن مجموعتنا الشمسية.
ويدور هذا الكوكب حول النجم "إتش دي 133112".
ويبدو كل شيء غير اعتيادي في هذا الثنائي التابع لكوكبة من أكثر من أربعة آلاف كوكب خارجي أحصي حتى اليوم، وهي أجرام سماوية تدور حول نجم غير الشمس بدأ التعرف إليها منذ العام 1995.
و"واسب-189ب" هو كوكب غازي عملاق خارج مجموعتنا الشمسية، وهو أقرب عشرين مرة من نجمه مقارنة مع قرب كوكب الأرض من الشمس. وبالتالي، فهو يدور حول نجمه في أقل من ثلاثة أيام، في مقابل سنة هي مدة دوران الأرض حول الشمس.
وقالت مونيكا ليندل من مرصد جنيف، وهي منسقة الدراسة التي نشرت أخيرا في مجلة "أسترونومي أند أستروفيزيكس"، إن قرب هذا الكوكب الخارجي من نجمه له أثر على درجة الحرارة على سطحه، إذ إن نجمه "كبير جدا وأضخم وأكثر التهابا بكثير مقارنة مع شمسنا".
وأضافت العالمة "نود فهم كيف يمكن لكواكب أن توجد على هذا القرب من نجمها وما الذي يحل بها في مثل هذه الظروف القصوى".
وتتمثل مهمة "كيوبس"، التي أطلقت في ديسمبر الماضي، في تحديد مواصفات أولى للكواكب الموجودة خارج المجموعة الشمسية.
وأوضح جاك لاسكار مدير معهد ميكانيكا الأجرام السماوية والتقاويم الفلكية في مرصد باريس أن على التلسكوب هذا "درس أنظمة معروفة أصلا من المعلوم أصلا أن ثمة ممرا" من الكوكب أمام نجمه.
هذا التلسكوب، الذي أنشئ إثر شراكة بين وكالة الفضاء الأوروبية وسويسرا والذي يعمل فيه حوالى مئة مهندس وعالم من إحدى عشرة دولة أوروبية، مجهز بجهاز للقياس الضوئي يقيس بدقة مستوى الإشعاع الصادر عن كل جرم سماوي وذلك الذي يعكسه كوكبه الخارجي.
وأضافت ليندل "من غير الممكن الحديث عن رؤية تامة لكوكب واسب-189ب الخارجي، فهو قريب جدا من نجمه الشديد التوهج"، بما يشبه أرنبا غير قادر على رؤية سيارة بسبب قوة ضوء مصابيحها.
غير أن تلسكوب "كيوبس" قادر على قياس الفروق في مستويات الضوء المنبعثة خلال اللحظة التي يمر فيها الكوكب الخارجي أمام نجمه، ثم إلى جانبه وأخيرا خلفه. ويمكن عندها استخلاص المسافة الفاصلة والوقت الذي يستغرقه للدوران حول النجم. وهذا الأمر "يتيح لنا أن نقيس بدقة حجم الكوكب، وأيضا كمية الضوء التي يعكسها".
كذلك أتاحت هذه القياسات الاستخلاص بأن النجم، الذي يدور حوله الكوكب الخارجي، يتغير شكله تحت تأثير الدوران الفائق السرعة.
وبالاستعانة بأدوات أخرى، بينها المخطاط الطيفي "صوفي" التابع لمرصد مدينة غراس الفرنسية، والذي أتاح تلسكوبه اكتشاف أول كوكب خارج المجموعة الشمسية، يمكن قياس حجم الكوكب.
وأوضح لاسكار أن "هذا كله يتيح تحديد ما إذا الكوكب صخريا أم غازيا ووضع تصنيف له".
والدراسة بشأن كوكب "واسب-189ب" الخارجي هي الأولى من سلسلة نتائج منتظرة مع عمليات تحليل دائرة حاليا لحوالى ثلاثين نظاما آخر بينها بعض الأنظمة متعددة الكواكب التي يدرسها تلسكوب "كيوبس" منذ إطلاقه.
والحال نفسه مع تلسكوب "جيمس ويب" الفضائي، خليفة "هابل"، الذي من المقرر إطلاقه في 2021 وقد يساعد في درس التكوين الجزيئي للغلاف الجوي لأجرام سماوية من أجل استكشاف أعمق.
بعدها، ستدرس المهمة "بلاتو"، التابعة لوكالة الفضاء الأوروبي، كواكب أرضية تدور حول الشمس في منطقة قابلة للسكن. ومن المتوقع إطلاقها بعد العام 2025.
أما القمر الاصطناعي "غايا" الذي يضع خرائط للنجوم في مجرتنا منذ 2014، فستتيح البيانات المقبلة المتوقع صدورها عنه مطلع ديسمبر المقبل إثراء المعارف عن الكواكب الخارجية القريبة من مجموعتنا الشمسية.