أبوظبي (الاتحاد)
معالي أحمد خليفة السويدي، «ممثل صاحب السمو رئيس الدولة»، أحد الوجوه الوطنية البارزة في مسيرة بناء الإمارات، وأحد أهم رجالاتها، ويسجل التاريخ أنه أول من أذاع بيان تأسيس الدولة في 2 ديسمبر 1971، كما أنه أول وزير خارجية للدولة، وعلى مدى عقود حضر معاليه العديد من الأحداث التاريخية، وكان شاهداً على اللحظات التاريخية والاجتماعات المهمة التي عقدت مع مختلف الإمارات قبل قيام الاتحاد.
يعتبر معالي أحمد خليفة السويدي، بمناقبه وأخلاقه، الأنموذج الراقي للإنسان الإماراتي المشرف أمام ذاته وقيادته ووطنه وأهله، وأصبح بوطنيته علامة فارقة في تاريخ الوطن، حيث ارتبطت مسيرته بسيرة المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه، منذ فجر التأسيس، ضمن حكومة أبوظبي بداية بتوليه رئاسة ديوان حاكم أبوظبي، ثم تعيينه وزيراً لشؤون الرئاسة في أول مجلس وزراء على مستوى الإمارة، ثم وزيراً للخارجية مع أول وزارة اتحادية، وصولاً إلى تعيينه الممثل الشخصي لصاحب السمو رئيس الدولة، كما ساهم في إنشاء وتأسيس الكثير من المؤسسات في أبوظبي، منها جهاز أبوظبي للاستثمار، وصندوق أبوظبي للتنمية، وبنك أبوظبي الوطني.
ولد معالي أحمد بن خليفة السويدي في عام 1937 بمدينة العين، وتلقى دراسته في مدارس عدة ثم سافر، في أعقاب انتهائه من المرحلة الثانوية، إلى مصر من أجل الالتحاق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة، ليعود بعد التخرج إلى الوطن حاملاً درجة البكالوريوس في الاقتصاد والعلوم السياسية، لتتزامن عودته مع تطورات مهمة في إمارة أبوظبي، كانت لها انعكاسات إيجابية سياسية واقتصادية ومعيشية وتنموية على عموم المنطقة.
البناء والتعمير
وبينما كانت أبوظبي تخطو خطواتها الأولى في استثمار عائداتها البترولية لصالح البناء والتعمير وتحسين أحوال ومعيشة مواطنيها وفق السياسات الحكيمة التي رسمها القائد المؤسس، يعلن رئيس الحكومة البريطانية هارولد ويلسون في السادس عشر من يناير 1968 في مجلس العموم البريطاني عن نية بلاده سحب قواتها من شرق السويس في موعد أقصاه نهاية ديسمبر 1971 بغية تخفيض نفقاتها العسكرية والمدنية في ما وراء البحار، وبالتالي توفير حوالي 325 ألف جنيه استرليني في العام المالي 1968 - 1969.
هذا الإعلان كانت له ردات فعل مختلفة ومتفاوتة أهمها تسارع الاتصالات بين شيوخ وزعماء المنطقة لعمل شيء ما من أجل ملء الفراغ السياسي والعسكري الذي سينشأ عن إلغاء معاهدات الحماية مع بريطانيا وسحب الأخيرة لقواتها من المنطقة، والمعروف أيضاً أن تلك الاتصالات أثمرت توجهاً بإقامة اتحاد تساعي بين مشيخات الساحل المتصالح «أو المتهادن» السبع، بالإضافة إلى إمارتي البحرين وقطر.
تكريم
تقديراً من القيادة الرشيدة لمعالي أحمد خليفة السويدي، ممثل صاحب السمو رئيس الدولة تم اختياره عام 2015 ضمن 44 شخصية إماراتية من أوائل الإمارات، ووصفه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي بأنه علم إماراتي نفتخر به وبعظم ما قدم للوطن. كما ذكره صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في كلمته أمام القمة الحكومية عام 2015 باعتباره أحد مؤسسي الجهاز الرائد، جهاز أبوظبي للاستثمار.
مشاورات
لعب السويدي دوراً محورياً من خلال الجهود التي بُذلت من أجل دفع فكرة الاتحاد إلى الأمام وتذليل العراقيل التي كانت تواجهها سواء أثناء مشاورات الاتحاد التساعي أو مشاورات الاتحاد السباعي، ومنها مشاركته الفاعلة في الوفد الذي تم إرساله من قبل حكام الإمارات التسع لتسليم رسائل حول المستجدات في المنطقة والمشاريع المقترحة لمواجهة الانسحاب البريطاني إلى كل من عاهل المملكة العربية السعودية المغفور له الملك فيصل بن عبدالعزيز، وأمير دولة الكويت المغفور له الشيخ صباح السالم الصباح.
وحينما تولى السويدي حقيبة الخارجية كانت أمامه تحديات جمة على رأسها إعداد كادر دبلوماسي وطني يستطيع تمثيل الدولة الاتحادية الفتية لدى الدول العربية والأجنبية وفي المحافل والمنظمات الدولية، ووطد السويدي أركان الدبلوماسية الإماراتية خلال عشر سنوات من العمل المضني كوزير للخارجية، كما حاول بتكليف من المغفور له الشيخ زايد أن يرأب الصدع العربي الذي نشأ بُعيد توقيع معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية.
بيان الاتحاد
في الثاني من ديسمبر عام 1971، ألقى معالي أحمد خليفة السويدي، البيان التاريخي بإعلان تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة في دار الضيافة بإمارة دبي.
وجاء في نص البيان: «بعونه تعالى واستجابة لرغبة شعبنا العربي فقد قررنا نحن حكام إمارات أبوظبي ودبي والشارقة وعجمان وأم القيوين والفجيرة إقامة دولة اتحادية باسم (الإمارات العربية المتحدة). وإذ نزف هذه البشرى السارة إلى الشعب العربي الكريم نرجو الله تعالى أن يكون هذا الاتحاد نواة لاتحاد شامل يضم باقي أفراد الأسرة من الإمارة الشقيقة التي لم تمكنها ظروفها الحاضرة من التوقيع على هذا الدستور».
القضايا العربية
كان للسويدي دور فعال بتكليف من القائد المؤسس في حل العديد من القضايا العربية والخلافات، ونشر التعاون والتضامن بين الدول العربية الأخرى. ولم يقتصر دوره على هذا الحد إنما أسهم بشكل كبير في مختلف النواحي التي تتعلق بالجوانب الإنسانية والثقافية، حيث قام بتأسيس المجمع الثقافي في أبوظبي الذي تطور اليوم بشكل كبير وأصبح أحد أكبر مراكز التنوير في الإمارات.