هزاع أبوالريش (أبوظبي)
يواصل الأرشيف والمكتبة الوطنية دوره في إثراء مجتمعات المعرفة وفي حفظ الإرث الوثائقي لدولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يوظفه في تعميق الرؤية للحاضر واستشراف المستقبل، وذلك في إطار مسيرته الوطنية ودوره الريادي في جمع ذاكرة الوطن وحفظها. ويحتفظ الأرشيف والمكتبة الوطنية بالوثائق التاريخية ليقدم للباحثين والمهتمين صفحات مهمة من تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة وتراثها العريق عبر الدراسات والبحوث ومعارض الصور التي يُقبل عليها الجمهور بمختلف شرائحه.
ويحرص الأرشيف والمكتبة الوطنية على الحفظ المستدام لما يمتلكه من ثروة معرفية تتمثل بالوثائق والسجلات التاريخية، والصور الفوتوغرافية والوسائط المتعددة، وبما فيه من مقابلات شفهية وثقها قسم التاريخ الشفاهي ودراسة الأنساب حول واقع الحياة في مرحلة قبل قيام الاتحاد، وبذلك فهو يشكّل قاعدة معلوماتية ومرجعاً مهماً في تاريخ دولة الإمارات وتراثها.
وفي الوقت الذي أمضى فيه الأرشيف والمكتبة الوطنية ما يقارب الـ 57 عاماً في جمع ذاكرة الوطن وحفظها، فإنه يحرص على صون التراث الوثائقي الكفيل بتمكين مجتمعات المعرفة وإثرائها، إذ يمثل التراث الوثائقي ركيزة مهمة في اقتصاد المعرفة المستقبلي، ولا يعتمد الأرشيف والمكتبة الوطنية في جمع ذاكرة الوطن على الأرشيف المدوّن فقط، وإنما يتجاوزه إلى الأرشيف الشفاهي، إذ يعمل فريق التاريخ الشفاهي على إجراء المقابلات التي توثق ماضي الآباء والأجداد في مرحلة ما قبل قيام الاتحاد، وتتطرق المقابلات لعدد من المواضيع كالحياة الاجتماعية والسياسية، والإدارية والاقتصادية، والثقافة والعمارة، والفنون والحكايات، والقصص الشعبية وغيرها.

وأكدت فاطمة المزروعي، رئيس قسم الأرشيفات التاريخية في الأرشيف والمكتبة الوطنية، أن لدى الأرشيف والمكتبة الوطنية ذاكرة مليئة بالآلاف من الوثائق والصور والخرائط والمقابلات الشفاهية والكتب على اختلافها، ولدى الأرشيف مكتبة زاخرة بالكثير من العناوين المهمة التي تلقي الضوء على تاريخ دولة الإمارات في جميع المجالات التاريخية والسياسية والعسكرية والثقافية وحتى التراثية وغيرها، وتتاح تلك الإصدارات عبر خدمات مكتبة الإمارات، ولدى الأرشيف والمكتبة الوطنية إصدارات مهمة ومتنوعة منها: زايد رجل بنى أمة، وقصر الحصن، وخليفة رحلة إلى المستقبل... وغير ذلك. كما يشجع الأرشيف الباحثين على نشر أبحاثهم ودراساتهم المتخصصة ضمن منظومة بحثية واضحة، ودقيقة، ومحكمة، وهناك اهتمام كبير بتوثيق يوميات سمو الشيوخ وأنشطتهم واستقبالاتهم والزيارات والتكريمات وغيرها من الصحف اليومية، وقد تم إصدار عشرات المجلدات، منها: يوميات المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ويوميات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، ويوميات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ويوميات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، ويوميات سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، ويوميات سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، ويوميات «أم الإمارات» سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسَّسة التنمية الأسرية، ويوميات الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان، رحمه الله، وتمت إتاحة معظم إصدارات الأرشيف والمكتبة الوطنية عبر المنصات الذكية حتى يتمكن الباحث من توظيفها، والاستفادة منها في مجالات البحث.
منصة الأرشيف الرقمي للخليج العربي
لفتت المزروعي إلى أن للأرشيف والمكتبة الوطنية منصة أرشيفية إلكترونية مجانية، وهي منصة الأرشيف الرقمي للخليج العربي التي أنشئت على شبكة الإنترنت لعرض المواد التاريخية والثقافية التي تحكي قصة التاريخ الغني والمثير للاهتمام، والدقيق للخليج العربي. وهو مصدر مُتاح، يوفر مواد رقمية تشمل حقبة قرنين من الزمان، ويوثَّق جوانب من سير الشخصيات، والأحداث التي شهدتها المنطقة وحددت ملامحها. وتقدم محتوياته نُبْذةً عن الماضي، مع بعض المواد التي لم تُعرض من قبل لعامة الناس. محتوياً أيضاً على رسائل، ومذكرات، ومخطوطات، وصور، ومراسلات رسمية من القادة والحكومات حول الأحداث آنذاك. ولذا فهو مصدر متاح للطلاب، والباحثين، والمهتمين مجاناً، ولأي شخص لديه فضول لاستكشاف الماضي الغني والمتنوع للخليج العربي. 
جوانب مهمة من تاريخ الدولة
تجدر الإشارة إلى أنه في الوقت الذي يعمل فيه الأرشيف والمكتبة الوطنية على حفظ ذاكرة الوطن وفق أرقى الممارسات والمعايير الدولية، فإنه يتيحها للمختصين من الباحثين والأكاديميين والطلبة وعامة الناس، وبهذا الصدد، فإنه يقوم بإصدار البحوث والدراسات والكتب المتخصصة التي توثق جوانب مهمة من تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة، وتقدم تجربتها الوحدوية الرائدة، وإلى جانب الإصدارات، فإن هناك معارض الصور التي يشارك بها الأرشيف والمكتبة الوطنية في المناسبات الوطنية، ويقدم فيها الصور الفوتوغرافية التاريخية التي تبرز التحول والتطور الذي شهدته الدولة.
ومن جهة أخرى، فإن الأرشيف والمكتبة الوطنية يسخر هذه الذاكرة الوطنية في التنشئة الوطنية السليمة للأجيال، ولذلك فالأرشيف والمكتبة الوطنية، حريص على مد الجسور مع المؤسسات التعليمية والتربوية في الدولة، ليطلع الأطفال والناشئة والشباب على تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة وتراثها. كما يواكب الأرشيف والمكتبة الوطنية التطور التقني بهدف تعزيز دوره الحيوي في حفظ ذاكرة الوطن، وتيسيراً للباحثين والأكاديميين وجمهور المستفيدين في الوصول إلى خدماته الريادية، حيث يعمل الأرشيف والمكتبة الوطنية باستمرار من أجل تقليص المسافة بين الباحث أينما كان، وذاكرة الوطن التي يحفظها وفق أحدث المعايير العالمية.